عبدالغني القش

المدينة المنورة.. تاريخ إسلامي مفتوح!

السبت - 02 يونيو 2018

Sat - 02 Jun 2018

كان مساء الجمعة الماضي مساء تاريخيا بكل ما تعنيه الكلمة، إذ جاء ليحقق رغبة شريحة كبرى من المعلمين والمؤرخين والباحثين في التاريخ الإسلامي المجيد، وذلك عندما دشن أمير منطقة المدينة المنورة مبادرة «التاريخ الإسلامي المفتوح» بموقع جبل الرماة بميدان سيد الشهداء.

وتهدف المبادرة إلى تحويل التاريخ الإسلامي من المروي إلى المرئي، في فكر راق ورؤية ثاقبة وإبداع قل أن يوجد له نظير.

ولا شك أن المبادرة حققت رغبة ملحة لدى كل حريص، وذلك بتلقي ودراسة التاريخ بأسلوب ميداني حي، فيسهم في إثراء الجانب المعرفي لدى الجيل المعاصر؛ فالتعريف بالتاريخ يحتاج قطعا لأمور تسهم في ترسيخ المعلومة لدى المتلقي، وذلك من خلال استثمار الإمكانيات، ويرجى أن يستفيد جميع طلاب التعليم العام من مختلف مناطق المملكة، حيث من المتوقع أن يشارك في أولى مراحل تنفيذ المبادرة نحو 300 ألف طالب وطالبة من مختلف مدارس التعليم العام بمنطقة المدينة، عبر زيارات ميدانية مجدولة برفقة نحو 100 مؤرخ ومعلم من منسوبي التعليم بالمدينة.

كم نحن بحاجة لاستثمار معالم السيرة النبوية في المدينة المنورة، فالمآثر النبوية لا حصر لها، وربما تعرض بعضها للإزالة، لكن المواقع معلومة لدى العديد من الأهالي، وهي بطبيعة الحال معروفة وموثقة لدى الباحثين في السيرة والتاريخ الإسلامي.

والأماني تراوح مكانها بأن تكون المدينة المنورة بمثابة تاريخ مرئي من خلال كل ما ورد وثبت في كتب الصحاح والسير، فتكون ماثلة لأهاليها والمقيمين على ثراها الطاهر (وهو ما هدفت إليه المبادرة)، بل ولكل زوارها؛ فيعلم المرء المواقع التي تمثل سيرته العطرة بكل حذافيرها، وكأنه يراها رأي العين كتاريخ مفتوح.

وقد حوى حفل تدشين المبادرة فيلما بانوراميا أجزم أنه يمكن استغلاله وإنتاج أمثاله لعموم من يقدمون لذلك المكان الذي يعبق بنسمات التاريخ، وكل ذلك بدعم من إمارة المنطقة وهيئة تطوير المدينة، وبإسهام فاعل من الإدارة العامة للتعليم.

وهي فرصة لدراسة الأماكن المماثلة من خلال إنتاج الأفلام البانورامية واستثمارها، ويرجى أن تكون في شتى المواقع الإسلامية.

ولعلها فرصة مواتية لاستعادة ما يمكن استعادته من المواقع، كالآبار النبوية والمواقع التي ثبت مرور نبينا بها كأماكن الغزوات وغيرها، وذلك من خلال لجان علمية تشكل وبالاستعانة بشركات متخصصة يمكنها استعادة ما اندثر من المآثر النبوية، واستثمار ذلك في تعليمنا وفي سياحتنا.

وبمناسبة الحديث عن السياحة فإنه كان من المؤمل أن تستثمر الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مثل هذه المواقع، ولكن يبدو أنها تغط في سباتها، ولا نعلم متى تفيق لتقوم بواجباتها المنوطة بها.

وفي الوقت الذي نلوم فيه هيئة السياحة والتراث الوطني فإنه يتوجب شكر وزارة التعليم لقيامها بهذه المبادرة الجميلة، ولعلي أزف البشرى للقراء الأكارم أنه ومن خلال لقاء مباشر مع مدير عام التعليم بالمدينة الأستاذ ناصر العبدالكريم تبين

أن هذه المبادرة هي خطوة أولى وستتبعها بدر وخيبر بمشيئة الله،مما يعني فتحا جديدا لتاريخ المدينة المنورة، وتحويله لمرئي يراه كل من يرومه، ويرجى نقل هذه المبادرة الرائعة لمكة المكرمة وغيرها من المحافظات التي شهدت شيئا من سيرة نبينا الهادي،

لنوجه رسالة للأعادي، فيتوقفوا عن التمادي، في كيل الاتهامات في كل واد، فنحن نجل رسولنا ونصلي عليه كلما أنشد شاد وذكره الذاكر في الحضر والبوادي.

ولتبقى بلاد الحرمين عزيزة أبية، تثبت يوما بعد آخر أنها تحمل على عاتقها خدمة الحرمين وكل ما يتعلق بالوحيين، وخدمة كتاب الله وسنة نبيه، وأنهما للتشريع مصدران.

[email protected]