عصابة الملايين والإجراءات الوقائية

الاثنين - 28 مايو 2018

Mon - 28 May 2018

فاجأتنا ‏الأخبار في الأيام القليلة الماضية بسبق أمني جديد، وهو القبض على عصابة الملايين، حيث ألقت شرطة الرياض القبض على عصابة سرقت ما مجموعه 26 مليونا من سيارة نقل الأموال ومن بعض المحلات التجارية. والحمد لله أن وفق رجال أمننا لفك رموز هذه الجريمة المالية الخطيرة التي لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني، وتم القبض على أفراد العصابة التي ارتكبتها، مما يؤكد حرص المسؤولين على استتباب الأمن، كما يدل على كفاءة أجهزتنا الأمنية في متابعة وكشف مثل هذه الجرائم المعقدة والخطيرة، فلهم منا كل الشكر والتقدير.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما دور كل من مؤسسة النقد وأصحاب الأموال في المحافظة على الأموال النقدية وتأمين عملية نقلها؟ وما الإجراءات الوقائية لمنع حدوث مثل هذه الجرائم المالية الخطيرة مستقبلا؟ يستغرب أن يكون في خزينة سوبرماركت قرابة مليوني ريال، وفي محل ملابس وكماليات قرابة 4 ملايين ريال، فكيف تحفظ هذه المبالغ الكبيرة في خزينة سوبرماركت أو محل بيع ملابس غير مهيأ لحفظ هذا القدر الكبير من الأموال النقدية في خزينته بشكل آمن؟

ولو قبلنا بوجود هذه المبالغ بشكل متراكم عبر عدة أيام فإن التعليمات الأمنية تقتضي أن تقوم المحلات التجارية بتوريد المبالغ المحصلة بشكل يومي إلى البنوك كإجراء أمني! فكيف تجمعت مثل هذه المبالغ الكبيرة في خزينة هذه المحلات؟ وهل هناك محلات أخرى تقوم بنفس الفعل؟ إن كانت الإجابة نعم فلننتظر إذن حدوث جرائم أخرى مماثلة.

إن حدوث مثل هذه الجرائم المالية الخطيرة يدل على وجود خلل في آلية جمع النقد وتوصيله الى البنوك، بحيث إن الشركة الأمنية المختصة بنقل الأموال، لسبب أو لآخر، لا تقوم بشكل يومي بنقل المبالغ النقدية من المحلات التجارية، مما أدى إلى تراكم الأموال في محلات تجارية غير مهيأة لحفظ كميات كبيرة من النقد! وهناك تساؤل آخر: هل طريقة نقل الأموال في سيارة مصفحة بحراسة بسيطة تعد خيارا آمنا لنقلها؟!

إن تكرار وقوع مثل هذه الحوادث للسيارات المصفحة يشير إلى ضرورة مراجعة آلية حفظ ونقل الأموال النقدية من المحلات التجارية والبنوك، وكذلك طريقة تغذية مكائن الصراف الآلي التي كانت عرضة لجرائم مماثلة.

لا بد من التفكير بمقترحات وبدائل تساعد على مواجهة هذه الجرائم الخطيرة، والحد منها مستقبلا. ومن البدائل المهمة التي أقترحها:

1 العمل وبشكل جاد للحد من استخدام النقد في عمليات الشراء إلا في أضيق الحدود، ومن ذلك تطوير خدمات الدفع الآلي بالخصم المباشر من الحساب عن طريق بطاقة مدى أو البطاقات الإئتمانية، وتشجيع المشترين على استخدام هذه الطريقة للسداد، كحصولهم على نقاط شراء مقابل أي عملية شراء الكترونية، يصرفونها لاحقا في الشراء كمكافأة لهم، مما يساعد على نشر هذه الممارسة.

2 أن تطلب مصلحة الزكاة والدخل من المشترين توثيق المصروفات لحسمها من الدخل الفردي عند حساب الضريبة، مما يشجع المشترين ويجعلهم حريصين على استخدام طريقة الدفع الالكتروني.

3 التأكيد على أصحاب المحلات التجارية بضرورة تضييق نطاق التعامل النقدي في عمليات البيع والشراء، واستخدام الدفع الالكتروني بدلا منه، مما سيساعد في حساب دخل التاجر لحسم مقدار الضريبة.

هذه الطرق وغيرها ستساهم في التقليل من تداول النقد واستخدامه في المشتريات، وبالتالي تقل الحاجة إلى حفظ أو نقل المبالغ النقدية الكبيرة بالطرق التقليدية، مما سيقلل من هذا النمط من الجرائم الخطيرة ويحد منها، وهذ سيسهم في المحافظة على الأرواح والأموال والاقتصاد الوطني.