جذور

الأحد - 27 مايو 2018

Sun - 27 May 2018

تنتج النباتات بحسب ما يزرع من بذور، فبذور الورد تنتج حدائق غناء، والشوك لن ينتج إلا الشوك!

هكذا نحن، يشتد عودنا يوما بعد يوم، نحمل بداخلنا ما زرع فينا، وما رسخه أهلنا ومجتمعاتنا التي نشأنا فيها، يقول تعالى «والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا..».

ما بني على تخطيط سليم ورؤية ثاقبة يصح حتى النهاية، فإن كانت مشاريع الأعمال وسوق التجارة تستوجبان على من يرغب الخوض فيهما عمل دراسة جدوى لها ورسم الأهداف البعيدة قبل القريبة، ووضع الخطط لإنجاحها والوصول بها نحو الهدف المنشود وفق أسس ومبادئ وخطط بديلة تضمن القدرة على تجاوز العقبات وتخطي العثرات، فإن الزواج وإنجاب الأبناء مشروع حياة بأكملها قائم بذاته، يتطلب مضاعفة الخطط، وسلامة الرؤى، ونقاء الأهداف، لأنه عندما تتخذ القرار بالبدء في هذا المشروع، فإنك بذلك ترسل للمجتمع رسالة تقول فيها إنك أصبحت عمودا تقيم أحد جوانبه، بأبناء ستنجبهم وتزرع فيهم بذورا صالحة، قائمة على العلم والدين والخلق، ليكونوا جذورا راقية بين الناس.

فإن لم تكن أهلا لتقدم على ذلك المشروع فتنح أثابك الله، وكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، فكل سوف يسأل عن بذوره التي تخرج نباتات فاسدة تصيب تربة المجتمعات بالعطب.

وإن كانت الأرض تدور، والليل والنهار في تعاقب مستمر، والحياة متغيرة متقلبة، فبالطبع لن يكون الإنسان جامدا، وسيتأثر بما حوله، وتؤثر به نكبات العيش، وذبذبات الحياة، ولكن أصحاب الجذور الصالحة والبذور الطيبة لن يقعوا في الفخ وينجرفوا مع تيارات الآخرين الفاسدة، ستكون بداخلهم دائما نقطة يعودون إليها، لديهم ولاء لبذورهم الطيبة.

ونحن ولله الحمد في المملكة العربية السعودية لدينا التربة الجيدة والجذور الطيبة النابعة من أصول ثابتة وضوابط قويمة تسير عليها البلاد منذ عصور، وأعتقد أن ما تبقى من مسؤوليات بهذا الشأن يعود علينا نحن كأفراد.

فأنتم يا من تفكرون في إكمال نصفكم الآخر، يا من لديكم الشجاعة على خوض مشروع الحياة الأكبر، اهتموا جيدا بجذور أبنائكم، واختاروا لهم أفضل البذور فأصل الجذور بذور.