الهلال والنصر وتسويق الديون

الأحد - 27 مايو 2018

Sun - 27 May 2018

لا شك أن مكرمة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في إزالة الديون العالقة عن كاهل كل الأندية الرياضية تأتي أولا في مصلحة سمعة الوطن التي تضررت جراء العبث والإهدار والفساد التي طالت حتى الشأن الرياضي والشبابي، ثم يأتي أيضا كخطوة رائعة لاستصلاح البنى التحتية لتكون جاهزة للاستثمار وخصخصة الأندية الرياضية التي طال انتظارها.

إن استحقاقات والتزامات وديون يجب الإيفاء بها بقيمة 1.277 مليار ريال رقم كبير وسيحفز المستثمرين والشركات المهتمة بخصخصة الأندية الرياضية بغض النظر عن أن بعض هذه الأرقام قيل إنه قد دخلت به مزايدات وتلاعب من بعض إدارات الأندية السابقة. لكن ماذا لو قمنا بتسويق تلك «الديون» كصكوك أو رهون وبفوائد للمستثمر بداية بالأندية الكبيرة جماهيريا كالهلال والنصر والاتحاد والأهلي؟

بتعبير أوضح ماذا لو أصدرت بعض الأندية صكوكا في الأسواق المحلية أو بعض استثماراتها أو عقود رعايتها كضمانة تقدم للدائن؟ ومن خلالها تكون سوقت هذه المديونيات بالتحصيل وبطريقة استثمارية بحتة لا تدخلها في مشاكل مع لجان الفيفا القضائية، وتكون أيضا قد تمكنت من إيجاد مخرج من الديون العالقة بسبب أخطاء إدارات سابقة.

إن الديون ليست عائقا إذا كانت هناك تدفقات مالية كبيرة توازيها، ويحقق من خلالها النادي بطولات وإنجازات، فبحسب تقرير نشرته «Eurosport» فإن أكبر الأندية الأوروبية مديونية هو مانشستر يونايتد بـ 536 مليون يورو، أي ضعفي ديون أنديتنا مجتمعة، رغم ذلك يحقق الفريق الإنجليزي العريق عروضا رائعة، أيضا الفريق الإيطالي العتيق اليوفي بلغ مجموع ديونه أكثر من 209 ملايين يورو، ومع ذلك هو وصيف بطل أوروبا وبطل الكالتشيو لخمسة مواسم متتالية، وله بالمناسبة تجربة فريدة جدا في هذا المجال، ففي عام 2011 عانت الأندية الإيطالية من عدم وجود ملاعب حديثة جراء دخول أغلب أنديتها أنذاك في أزمات اقتصادية خانقة وديون أثقلت كاهلها، فأصبحت أغلب الأندية الإيطالية تشترك في ملعب واحد مجاور، فقام اليوفي بهدم ملعبه القديم (ديلي ألبي) وحوله إلى مول تجاري حقق منه عوائد بـ 41 مليون يورو، وقاده ذلك إلى بناء ملعبه الخاص الجديد (يوفي أرينا)، وحقق منه أيضا فوائد كبيرة بسبب الحضور الجماهيري الغفير على مستوى التذاكر، بالإضافة إلى الإعلانات.

حقيقة إن أكبر التحديات التي تواجه المنشآت الرياضية لدينا والأندية الكبيرة عدم وجود تدفقات نقدية وسيولة مالية تخرجها من ديونها (المتراكمة) ولا تزال رغم وجود عقود رعايات لديها عالة وعبئا، وتنتظر الدعم الحكومي. أرى من وجهة نظري الخاصة أنه لا سبيل إلى عدم تكرار مثل ذلك سوى تسويق وتحصيل كل الديون على طريقة الأندية العالمية الكبيرة، فلماذا لا يكون هناك مكتب مصغر لإدارة الدين في كل ناد أسوة بالحكومة، وتسويقه وتحصيله إضافة للنقاط التي ذكرتها آنفا؟