مآسي الملالي ومؤشرات السقوط

الخميس - 24 مايو 2018

Thu - 24 May 2018

من خذلان التاريخ لنظام الملالي ذلك التراكم الساخر لأكوام الفشل المتكدسة في واقعه، بينما مأساته تتجدد في غطرسته المتعجرفة بالتمادي في سبل الغي والهلاك حتى باتت جميع المؤشرات السياسية والاقتصادية تدل على قرب أفول هذا النظام المتهالك والمتنافي مع كل الأعراف الدولية والقيم الإنسانية، نتيجة انتهاكاته المتجددة في الجغرافيا العربية التي تمكن من اختراقها بفضل بعض الخونة والمتآمرين على أوطانهم.

فاتورة التكلفة المالية لنظام الملالي في سوريا وصلت إلى أرقام فلكية دون إحراز أي تعويضات أو إيرادات تحقق الموازنة المالية، ولعل الأحلام الواهنة والأماني المستحيلة في الذهنية الملالية هي المسؤولة عن استمرارية التسرب المالي الضخم تجاه دعمه لنظام ديكتاتوري قمعي أجمع العالم على ضرورة إقصائه من التسوية السياسية لدمشق، بل وأجمعت كل فئات المجتمع على ضرورة محاكمته ومساءلته على الدماء السورية المراقة بلا ذنب وعلى الأسر المهجرة في شتى بقاع الدنيا.

كذلك وصول السيد ترمب إلى البيت الأبيض كان مسمارا أليما في نعش الملالي، والذي أعلن منذ تصريحاته الأولى عزمه على نقض الاتفاق النووي، وقد فعل، وإصراره على تقويض البطل الورقي وإعادة المارد إلى القمقم بعد أن اتهمه صريحا بالإرهاب ودعمه لقضاياه في المنطقة.

النقطة الأهم التي يعول عليها مناهضو نظام الملالي هي المجتمع الإيراني وشبابه المتأجج غضبا تحت بركان شعبي ملامح ثورانه تلوح بين الفينة والأخرى، فالشباب الإيراني أضحى اليوم على وعي تام بأكاذيب الحرس الثوري وتضليلات إعلامه المتنافية مع أبجديات العصر، وغير المتلائمة مع ذهنية الجيل الحالي، وكذلك الاضطرابات العمالية التي شرعت تتفاقم بين الأقاليم الإيرانية لدرجة أن شتيمة الولي الفقيه باتت أمرا شائعا في هتافات تلك الاحتجاجات الشعبية.

لا ننسى أيضا السمعة السيئة التي جلبها الملالي لدولته إيران وأظهرها بهذا السوء في العالم، ففي المنطقة خسر الملالي طائفة السنة وهم الشريحة الأغلب والأعم في الجغرافيا الإسلامية، نتيجة عنصريته المقيتة بالقتل والسحل والتعذيب والتهجير لهم في العراق وسوريا،

وحتى في الداخل الإيراني أيضا! وخسر أيضا العرب وهم الحاضنة الاجتماعية للمنطقة نظرا لتدخلاته في أوطانهم وإشعاله فتيل الفتنة بين فئات مجتمعاتهم، ولعل أزمته الأخيرة مع المغرب تضاف إلى رصيده في كومة التدخلات التي ستورده المهالك.

ولو تحدثنا عن الاقتصاد الإيراني فالنزيف الحاد في أرصدته لم يجد الطبابة الاقتصادية الناجعة لإيقافه، ولعل هروب رؤوس الأموال الضخمة من البنوك الإيرانية إلى بنوك أوروبا دلالة على تيقن الشعب من وقوع انهيار سياسي في البلاد، وهذا ما تعززه استمرارية انهيار العملة الوطنية من درجة السيئ إلى الأسوأ، في مقابل الأذن الصماء لدى الملالي الذي حول خزينة الدولة إلى بنك تمويلي لمغامراته الوحشية في المنطقة، ولعل هذا أقصى فهمه في إدارة اقتصاديات الدولة!

وأخيرا، يأتي الحجم السياسي والاقتصادي البالوني الذي يشغله الملالي في المنطقة، فكثير من المحللين والمتابعين للشأن الإيراني يرون أن الدور الإيراني المزعوم أكبر بكثير من الحجم الحقيقي لدولته، فاقتصاديا هو مسرف إلى حد اللا معقول في تمويل حروبه، وهذا يعكس لنا الصورة الفعلية لموازنة الدولة التي حولها الحرس الثوري إلى مقر للتمويل العسكري دون النظر إلى كونها دولة نظامية لديها متطلبات إنفاقية مهمة في الصحة والتعليم مثلا، وسياسيا يلعب الملالي أدوارا بالونية ضخمة في قارتي آسيا وأفريقيا تعدت الحجم الحقيقي لطهران عشرات المرات، وهذه من المؤشرات الحيوية التي تؤشر إلى سقوط الملالي في أي لحظة.

[email protected]