أساطين المسجد النبوي.. ملتقيات الحجاج والزوار

تشكل أساطين المسجد النبوي الشريف علامات ثابتة لرواد المسجد الذين يتعاملون معها كمعالم خالدة مشهورة لدى الجميع، حيث يتخذها الزوار موعدا لاستذكار القصص المرتبطة بها، بالإضافة إلى ما تمثله من أهمية لأهل المدينة المنورة الذين يربطونها بالقصص التي اشتهرت بها في العهد النبوي.

تشكل أساطين المسجد النبوي الشريف علامات ثابتة لرواد المسجد الذين يتعاملون معها كمعالم خالدة مشهورة لدى الجميع، حيث يتخذها الزوار موعدا لاستذكار القصص المرتبطة بها، بالإضافة إلى ما تمثله من أهمية لأهل المدينة المنورة الذين يربطونها بالقصص التي اشتهرت بها في العهد النبوي.

السبت - 10 أكتوبر 2015

Sat - 10 Oct 2015



تشكل أساطين المسجد النبوي الشريف علامات ثابتة لرواد المسجد الذين يتعاملون معها كمعالم خالدة مشهورة لدى الجميع، حيث يتخذها الزوار موعدا لاستذكار القصص المرتبطة بها، بالإضافة إلى ما تمثله من أهمية لأهل المدينة المنورة الذين يربطونها بالقصص التي اشتهرت بها في العهد النبوي.

والأساطين جمع أسطوانة وهي العمود والسارية التي يقوم عليها البناء، وأساطين المسجد النبوي الشريف في عهد النبوة كانت من جذوع النخل، وإذا أطلق اسم على سارية فالمقصود العمود الذي حل مكانها.

وتحرى الذين وسعوا المسجد النبوي الشريف أن يحافظوا على أماكن هذه الأساطين، فيوضع كل عمود في المكان الذي كانت فيه الأسطوانة أو السارية على عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وذكر المؤرخ ناجي بن محمد حسن عبدالقادر الأنصاري في كتابه عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف، والذي راجعه وقدم له شيخ المسجد النبوي عطية بن محمد سالم في عام 1416 أن هذه الأساطين التي تشاهد في القسم القبلي من المسجد النبوي الشريف أقيمت في عمارة السلطان عبدالمجيد، مبينا أن 8 أساطين كان لها حظ وافر على باقي الأساطين حيث اشتهرت لما لها من مميزات لم تكن لغيرها.



1 - الأسطوانة المخلقة



وتسمى أيضا (علم رسول الله صلى الله عليه وسلم) ومعنى المخلقة المطيبة أو المعطرة، من الخلوق وهو الطيب، روي أن عثمان بن مظعون تفل في المسجد فأصبح مكتئبا، فقالت له زوجته: مالي أراك مكتئبا؟ فقال : لا شيء إلاّ أني تفلت في القبلة وأنا أصلي، فعمدت (أي زوجته) إلى القبلة فغسلتها، ثم خلقتها -أي طيبتها- فكانت أول من خلَّق القبلة، وقال جابر بن عبدالله كان أول من خلَّق المسجد عثمان بن عفان، ثم لما حجت الخيزران في 70هـ أمرت بالمسجد أن يخلق، فتولت تخليقه خازنتها -مؤنسة - فخلقته جميعه حتى الحجرة النبوية الشريفة.

وروى السمهودي عن ابن زبالة «أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى إليها المكتوبة بضعة عشر يوما بعد أن حولت القبلة»، وكان سلمة بن الأكوع – رضي الله عنه – يتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة، ولما سئل قال: «إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها».

قال مالك أحب مواضع التنقل في مسجده صلى الله عليه وسلم حيث العمود المخلق وأما الفريضة ففي أول الصفوف.



2 - أسطوانة عائشة وتسمى «القرعة»



وهي الثالثة من المنبر والثالثة من القبر والثالثة من القبلة، وتعرف بالأسطوانة المخلقة أيضا، وبأسطوانة عائشة وبأسطوانة المهاجرين.

فأما تسميتها بالقرعة فلما رواه الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن في المسجد لبقعة قبل هذه الأسطوانة لو يعلم الناس لاستهموا عليها، فنظروا فإذا عندها جماعة من الصحابة وأبناء المهاجرين، أي وهي أسطوانة القرعة».

وأما تسميتها بأسطوانة عائشة فلما روى أن عائشة أخبرت عبدالله بن الزبير بفضل تلك الأسطوانة فقام فصلى عندها فظن الناس أن عائشة أخبرته أنها تلك الأسطوانة فسميت أسطوانة عائشة.



3 - أسطوانة التوبة



وهي الأسطوانة الرابعة من المنبر، والثانية من القبر، والثالثة من القبلة، وتعرف بأسطوانة أبي لبابة وهو رفاعة بن عبدالمنذر رضي الله عنه وهو أحد النقباء، وسميت بذلك لأن أبا لبابة لما استشاره بنو قريظة – وكان حليفا لهم أينزلون على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم وأشار بيده إلى حلقه -يعني الذبح- قال أبو لبابة: فو الله ما زالت قدماي حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله، ونزل فيه قول الحق سبحانه وتعالى: ( يأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) ولم يرجع إلى النبي، بل ذهب إلى المسجد، وربط نفسه في جذع في موضع أسطوانة التوبة -الآن- وحلف لا يحل نفسه ولا يحله أحد حتى يحله رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تنزل توبته، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره قال : أما لو جاءني لاستغفرت الله له، فأما إذ فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه، فأنزل الله توبته على رسول الله صلى الله عليه وسلم سحرا في بيت أم سلمة رضي الله عنها، فسمعته صلى الله عليه وسلم يضحك، فقالت: ما يضحكك، أضحك الله سنك؟ قال: تيب على أبي لبابة، قالت ألا أبشره بذلك يا رسول الله؟ قال بلى إن شئت.

فقامت على باب حجرتها -قبل أن يضرب عليهن الحجاب- فقالت: يا أبا لبابة، أبشر فقد تاب الله عليك فعندئذ أراد المسلمون أن يطلقوه قال: لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده، فلما مر عليه خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه ولهذا سميت أسطوانة التوبة.



4 - أسطوانة السرير



وتقع شرقي أسطوانة التوبة وتلتصق بالشباك المطل على الروضة الشريفة.

وهي محل اعتكاف النبي، فقد كان له سرير من جريد النخل، وكان يوضع عند هذه السارية، كذلك كانت له وسادة تطرح له فكان يضطجع على سريره عند هذه الأسطوانة.

وورد أن النبي كان يوضع له السرير عند أسطوانة التوبة، ويبدو أن السرير كان يوضع مرة عند أسطوانة التوبة ومرة عند أسطوانة السرير.



5 - أسطوانة المحرس



وتقع خلف أسطوانة السرير من جهة الشمال: وهي مقابل الخوخة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج منها إذا كان في بيت عائشة رضي الله عنها إلى الروضة الشريفة للصلاة، كما تسمى بأسطوانة علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأنه كان يجلس عندها يحرس النبي صلى الله عليه وسلم.



6 - أسطوانة الوفود



وتقع خلف أسطوانة المحرس من جهة الشمال، وكان صلى الله عليه وسلم يجلس إليها ليقابل وفود العرب القادمين إليه، وكانت تعرف أيضا بمجلس القلادة يجلس إليها سروات الصحابة وأفاضلهم رضوان الله عليهم.



7 - أسطوانة مربعة القبر



وتقع في حائز عمر بن عبدالعزيز عند منحرف الجدار الغربي منه إلى الشمال، في صف أسطوانة الوفود، ومعنى هذا أنها تكون داخل الجدار المحيط بالقبر الشريف، ولا يتمكن الزائر للمسجد النبوي الشريف من رؤيتها يقول السمهودي: وقد حُرِم الناس الصلاة إلى هذه الأسطوانة لإدارة الشباك الدائر على الحجرة الشريفة وغلق بابه.

كما تعرف أيضا بأسطوانة مقام جبريل عليه السلام وبها باب بيت فاطمة بنت رسول الله الذي كان يدخل منه علي بن أبي طالب رضي الله عنه.



8 - أسطوانة التهجد



وتقع وراء بيت فاطمة بنت رسول الله من جهة الشمال، وعندها محراب صغير إذا توجه الواقف إليه تكون السارية -الأسطوانة- عن يساره، باتجاه باب جبريل عليه السلام، المعروف قديما بباب عثمان، وكتب فيها على رخام (هذا متهجد النبي صلى الله عليه وسلم).

وذكر السمهودي ما يدل على أفضلية الصلاة عند هذه الأسطوانة حيث يقول: قال عيسى: وحدثني سعيد بن عبدالله بن فضيل قال: «مرَّبي محمد بن الحنفية وأنا أصلي إليها، فقال لي: أراك تلزم هذه الأسطوانة، هل جاءك فيها أثر؟ قلت: لا، قال: فالزمها فإنها كانت مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل».