هكذا هي، شامخة بإباء، ذهبية لا تقبل القسمة على النظام، لا يمكن أن تحركها السنون، وتاريخها عريق في مقاومة كل أنواع الوعي الإنساني والتثقيف الصحي، وإني على استعداد أن أحلف بالله غير حانث أن لا مضر للصحة استطاع أن يقاوم كل شيء كالأرجيلة، لا مخدرات ولا حشيش ولا سجائر ولا حتى مشروب الكولا! استطاعت وزارة الصحة أن تغلق مستشفيات ومراكز طوارئ من أجل فيروس كورونا، لكنها لم تجرؤ على إغلاق مقهى من مقاهي الشيشة (لله درك يا أرجيلة)، وحذرت الوزارة من كل شيء حتى من (براطم) الإبل؛ لكنها لم تحذر من مقاهي الأرجيلة، وأمانة محافظة جدة أغلقت نصف مطاعم البلد؛ ولم تغلق محلا واحدا يقدم الأرجيلة (عنيدة يا ست)، ولا نقلل من بلديات المدن الأخرى التي تعثرت في إغلاق ومراقبة مقاهي الشيشة، لكنها هددت بإغلاق كل المتاجر الأخرى إلا المقاهي، وإن كانت بطولات وغارات وزارة التجارة وصلت لوكالات السيارات، إلا أنها عجزت على مقاهي الكيف! علب السجائر واجهت مقاومة عنيفة برسوم مالية وغرامات، لكن لا غرامات على علب الشيشة والجراك والمعسل (المجد للأرجيلة) وتم تحديد نسب القطران والتبغ في السجائر الموردة من أمريكا، أما الشيشة الموردة من خليجنا فلا أحد يحدد نسبة أي شيء فيها، لا نيكوتين ولا قطران ولا نكهات ولا نعرف أصلاً كم عدد المسرطنات فيها (العز للأرجيلة) لا نظافة في مقاهي الشيشة سواء في الـ(خمس نجوم - أو في مقاهي النصف نجمة) فلا رقابة على غسيلها بالكلور أو أي منظف آخر و(ليّات) تتداولها الأفواه والأنفاس، وقنان تتجمع فيها أمراض الجهاز التنفسي ولا عظمة إلا لـ»أبو تفاحتين»، فليتحكم بصحة الناس عامل، ومستثمر جشع، ويتلقى الناس المرض بروح المرح والمزاج والسلطنة ولا فخر إلا لعالم المعسل والجراك! الأرجيلة درس صحي لكل من أراد أن يعرف أن إرادة الشعوب فوق إرادة الوزارات، حتى لو أكدت الوزارات أن المقاهي هي المسبب والحاضن لأمراض السرطان وكورونا وجرثومة المعدة، فاللهم هب لنا وزيراً ينقذنا من مجد الأرجيلة وسلطانها الشعبي، إلى برجوازية الصحة العامة وأرستقراطيتها!

albarrak.a@makkahnp.com