عادات دخيلة تغير طقوس الزواج في نجران
جريا خلف الموضة واستحداث أساليب جديدة فيما يختص بالزواج، وجدت التقاليد والعادات، التي كان يتفاخر بها أهالي نجران للتخفيف من أعباء الزواج نفسها خارج أسوار الحد المعقول، من خلال استحداث عادات بعضها ساعدت العريس ماديا وبعضها الآخر أرهقته
الثلاثاء / 3 / صفر / 1436 هـ - 18:30 - الثلاثاء 25 نوفمبر 2014 18:30
جريا خلف الموضة واستحداث أساليب جديدة فيما يختص بالزواج، وجدت التقاليد والعادات، التي كان يتفاخر بها أهالي نجران للتخفيف من أعباء الزواج نفسها خارج أسوار الحد المعقول، من خلال استحداث عادات بعضها ساعدت العريس ماديا وبعضها الآخر أرهقته.
العهد القديم
ويتحدث المواطن علي آل حكمة لـ»مكة» عن آليات الزواج النجراني في السابق، إذ إن الرجل الذي يريد الزواج بعد أن يقدم على الخطبة ويقدم مهرا بحدود الـ100 من العملة الفضية الفرنسية، يقدم ثوبا للعروس وبعض المؤونة مثل البر والقهوة والهيل مع خروف، وتسمى تلك (حملة). وأفاد آل حكمة بأن العريس يتجه يوم الزواج إلى بيت أهل العروس ومعه مجموعة من أقاربه (10 رجال) ويتم عمل وليمة لهم من الماعز، وبعد ذلك يتم كتابة عقد الزواج ويقوم أهالي العريس وأهالي العروسة بالرازف النجراني وإطلاق أعيرة من النيران من بنادقهم، بعدها يعود أهل العريس ويبقى العريس لدى أهل العروس لمدة ثمانية أيام وبعدها يذهب إلى قبيلته وبيته، إلا أن تلك الأيام الثمانية ألغيت وزاد المهر. وقال إن الحملة أصبحت عبارة عن صندوق خشبي منقوش ومزين وكيسين من السكر وكيسي أرز وزيت وشاهي وكرتوني هيل وقهوة وصابون وخروفين، وبعد فترة من الزمن ألغيت الحملة، واستبدلت بقيمة نقدية تقدر بنحو 10 آلاف ريال، وما زال البعض القليل متمسكا بتلك الحملة كما هي.
عادات جديدة
فيما أكد صالح آل شهي دخول عادات جديدة على المجتمع النجراني، حيث تم استحداث ما يسمى بالشنطة، إضافة إلى الحملة والمهر، والشنطة هي عبارة عن مبلغ يتراوح بين 5 و10 آلاف تضاف إلى المهر، وهي خاصة بتجهيز عطورات المرأة وأدوات التجميل والملابس، كما أن بعض العائلات اشترطت أن يكون الزواج في قصر من قصور الأفراح، ما يستنزف جيب العريس ويزيد عليه التكلفة. وأشار حمدان آل مخلص إلى وجود عادات ما زالت تتمسك بها بعض القبائل، خصوصا الساكنين بالمحافظات الشمالية، حيث إن هناك مبالغ مادية تدفع لإخوان العروس ووالدها وخالها، والبعض يكون على شكل هدايا، ويتراوح مجمل تلك الهدايا بين 20 و50 ألف ريال، إضافة إلى وجود وقت لاستقبال الضيوف من صباح ذلك اليوم وحتى العاشرة ليلا، مما يرهق العريس جسديا.
وثيقة المهور
مع بداية زيادة التكاليف والمصاريف، ولتشجيع أبناء القبيلة على الزواج، قامت أغلب قبائل نجران بتحديد مهر الزواج بين أفراد القبيلة الواحدة، وتسجيل الشروط في ورقة يتم توقيعها من قبل أفراد القبيلة الموافقين عليها، ومن لم يوقع لا تنطبق عليه تلك الشروط سواء في تزويج أبنائه أو بناته. وقال فهد بن عيران إن والده قام بالتوقيع على وثيقة تحديد المهور للراغبين بالزواج من بنات القبيلة، وشملت الشروط أن مهر البكر 41 ألف ريال، ومهر الثيب 31 ألف ريال، على ألا تزيد الذبائح عن خمسة، منعا للإسراف ولا تقل عن ثلاثة، منعا للشح، بيد أنه في الوقت الحالي تم تجاوز ذلك العدد بسبب كثرة الضيوف، ويتم الإبلاغ أن خمس ذبائح هي الشرط، والزيادة كرامة للضيوف.
مساعدة الشباب
وأضاف ابن عيران: «من الشروط أيضا أن يتحمل والد العروسة جميع المصاريف، ماعدا الزيادة في عدد الذبائح، ويمنع وضع الزواج في قصر أفراح أو إحضار أجهزة أغانٍ أو طقاقات، ويشمل المبلغ الذي يسلم لوالد العروسة جميع مستلزماتها بما في ذلك الذهب». وأشار إلى أن القبيلة أقرت بعد ذلك ألا يتحمل والد العروسة عشاء الضيوف، فيما بقيت البنود الأخرى كما هي، كما سعت قبائل أخرى لتحديد المهور، ولكن بقيم متفاوتة كان المتوسط بها 50 ألف ريالا، مؤكدا أن تلك الوثيقة بين أفراد القبيلة ساعدت الشباب على الزواج، كما أن توجه الشباب لبنات القبيلة أصبح كخيار أول، فإن لم يجد فيتجه إلى خارج القبيلة، وقد يكلفه الزواج أكثر من 150 ألف ريال.
استقبال العريس
وأفاد إبراهيم آل سوار بأن الزواجات قديما وإلى عهد قريب كانت تقام في أرض فضاء بجوار بيت العروسة، ويأتي العريس وأقاربه إلى ذلك الموقع، ويقوم أقاربه بضيافة الضيوف وكأنهم أصبحوا أهل المكان، وأهل العروسة يصبحون ضيوفا أيضا. وقال آل سوار إن الحال استمر كما هو حتى بعد فكرة الاستراحات المخصصة للزواجات، إذ يحضر أهل العروسة أولا لاستقبال أهالي العريس، ولكن هناك بعض القبائل قامت بوضع ضيافة لكي تقام بها أفراح قبيلتهم، ولكن عندما يتزوج أحد أبنائهم من قبيلة أخرى فإنهم لا يقيمون الزواج بها، بحجة أنهم لا يرحبون بفكرة أن يستقبلهم ذوو العروسة في ضيافتهم، ويرحبون بهم في مكانهم، فأصبحت تلك الضيافة ليس لها أي داع، إلا في حال زواج الشاب بشابة من أفراد قبيلته، وبذلك لم يتم توفير قيمة استراحة الزواج التي تتراوح قيمتها بين 5 و25 ألف ريال، وتزيد تلك القيمة في حالة قصور الأفراح.
الذبائح والولائم
يتذمر العديد من الشباب من التكاليف المادية للعشاء، ويتمنون اختصارها، إلا أنهم يمتنعون عن ذلك لأمرين، الأول أن العريس يضع في حسبانه أن عدد ضيوفه سيصلون إلى 1000 شخص، إلا أن عددا كبيرا منهم يغادرون، لوجود زواج آخر في نفس اليوم يودون حضوره، بينما الأمر الثاني هو أن العريس يعقد أمله على المعونات المادية التي تقدم للعريس ليلة زواجه وتصل في بعض الأحيان لأكثر من 200 ألف ريال، لذلك لا يستطيع اختصار العشاء. وقدم البعض اقتراحا بأن تقبل المعونات المادية قبل الزواج بيوم، ويتم الزواج في الليل مقتصرا على العائلة فقط، وهناك من يعارض ذلك المقترح بشدة بقوله «إن إكرام الضيف واجب، وتلك ليلة العمر ويجب أن يتم إبلاغ الجهات الخيرية المختصة لأخذ بقية الطعام، بدلا من الاختصار».