قفزت أسعار البن اليمني في المملكة خلال الأسابيع الماضية 80 %، ليكسر الكيلوجرام الواحد حاجز الـ 45 ريالا، بعد أن كان يباع سابقا بنحو 25 ريالا، متأثرا في ذلك بـ 6 عوامل رئيسة أهمها: ضبط عمليات التهريب، عدم استقرار الأوضاع اليمنية، ارتفاع حجم الطلب المحلي، قلة المعروض إلى جانب الضرائب المفروضة من قبل الحوثيين على مزارعي خولان بني عامر في منطقة صعدة التي تعد المركز الرئيس لزراعة المحصول. وأحدثت الأوضاع اليمنية الراهنة وما صاحبها مؤخرا من اعتصامات صعوبة بالغة في جني المحاصيل، ولم يدر ببال السعودي أن تؤدي هذه الظروف إلى تعكير صفو مزاجه بسبب ما رافقها من تراجع ملحوظ في صادرات اليمن من «قهوة الكيف» التي لا ينفك عنها السعوديون صباحا ومساء، ولعل القصيدة الشهيرة لخلف بن هذال، التي تحدثت عن انقطاع البن اليمني بدأ السعوديون يعيشون فصولها.

ضرائب الحوثيين ضاعفت كلفته

أسهمت حرب الحكومة اليمنية الأخيرة ضد الحوثيين والمعارك التي خاضتها في مناطق متعددة إلى جانب ضبط المتسللين من الحد الجنوبي في ارتفاع سعر بن الكيف المكون الأساسي للقهوة الآتي من اليمن وتحديدا من معقل الحوثيين خولان بني عامر في منطقة صعدة. ويعاني البن الخولاني المفضل لدى كثير من السعوديين بحسب متعاملين في سوق المواد الغذائية حاليا من الإهمال وفرض ضرائب على المزارعين من قبل الحوثيين، حيث أثقلت الضرائب الحوثية كاهل المزارع وأضرت بإنتاجه الزراعي الذي يعاني أساسا من صعوبات بالغة في جنيه بسبب الأوضاع الأخيرة التي مرت بها البلاد.

الكيلو جرام زاد 20 ريالا 

ارتفع سعر كيلو البن المستورد من اليمن 20 ريالا، فبعد أن كان يتراوح سعره في السابق بين 25 و35 ريالا بحسب جودة المنتج ومقاس حبته، وصل حده الأدنى حاليا إلى 45 ريالا للكيلوجرام. وتستورد المملكة سنويا ما يقارب 20 ألف طن من البن اليمني بقيمة تتجاوز الـ 300 مليون ريال سعودي، ويوجد بها نحو 5 مصانع لتعبئة البن وتصنيعه، 3 منها في جدة وواحد بالرياض والخامس في الأحساء. وأصبح البن الهراري الآتي من الحبشة منافسا قويا لنظيره اليمني بعد أن كان الأخير هو المفضل في فناجيل السعوديين.

الطلب المحلي ارتفع 30%

علي خولاني وهو أحد موردي البن من اليمن إلى السعودية قال لـ»مكة»: يعود ارتفاع أسعار البن الخولاني والذي يطلق عليه أيضا «البرية» إلى عدم الاستقرار الذي تعيشه بلاده وبالأخص صعدة مركز الحوثيين والقهوة معا، فخولان هي الموقع الرئيس لزراعة البن الخولاني الممتاز. ووفقا للخولاني فقد أسهم ارتفاع طلب المملكة على البن خلال مواسم المناسبات بنسبة 30% وقلة المعروض في ارتفاع الأسعار. وأضاف: معروض البن شحيح جدا، بسبب الحرب والأوضاع الأخيرة التي صعبت جني المحصول، إضافة لقلة الأمطار وقت الإثمار، وهو ما أثر في الإنتاج»، لافتا إلى وجود منافسة كبيرة بين البن اليمني ونظيريه الإثيوبي والبرازيلي، وإن كان اليمني هو الأصل، إذ أثبتت الدراسات أن زراعة البن في الأصل كانت باليمن قبل أن تنتقل مع المستعمرين لأوروبا وأمريكا. وقال: «البن الجيد يعرف من رائحته ولونه الأخضر»، مشيرا إلى أن الطلب الحالي على القهوة اليمنية جيد خصوصا الخولاني والمضري والقطمي. وعن الأسعار، أشار إلى أن سعر الكيلو جرام يبدأ من 45 ريالا، بارتفاع 60% عن السعر السابق ويباع «الشوال» الذي يزن 50 كجم بـ 2250 ريالا.

اليمن الموطن الأصلي للبن

تشتهر اليمن منذ القدم وفقا لما أكده المورد سالم الصاعدي، بزراعة البن، وتعدّ البلاد موطنه الأصلي، لافتا إلى أن البن اليمني يتميز بنكهة فريدة لا توجد في بنّ آخر، ولا يحتاج إلى تعريف فهو مشهور عالميا منذ أن كان يدعى بـ»موكا» نسبة إلى ميناء المخاء الشهير الذي كان يصدر منه في ذلك الوقت، وما زال يعرف بهذا الاسم في كثير من دول العالم حتى الآن. وللأسف استغلت العديد من الشركات الأجنبية الاسم لتسويق منتجاتها من البن غير اليمني ومن واجبنا توضيح ذلك للمستهلك، وما نحتاجه حاليا هو الحرص على الاستمرار في زراعة البن والذي وجد منافسة شرسة من زراعة القات ذات الربح الكبير مقارنة بفترة إنتاجه القصيرة، مقابل ما تحتاجه شجرة البن من وقت طويل كي تنضج ثمارها.

الدوائري من أفضل الأنواع

يعد الخولاني من أشهر الأنواع، وينتج من مشاتل بنّ خولان بني عامر بصعدة يليه العديني نظرا لارتفاع أشجاره (4 أمتار) وكذلك الدوائري والذي يعد من أحسن الأنواع، لأن ثماره أكبر حجما وأنواعه كثيرة، وهي: التفاحي، المطري، الحمادي، الحيمي، البرعي والحرازي. وطالب الخبير الزراعي ناصر حمود المزارعين بضرورة الحرص على فصل ثمار البن عند جمعها في وقت واحد لضمان جودة ونكهة أفضل للثمرة وعزل المتساقطة منها حتى لا تؤثر أيضا في الجودة لأنها عادة تكون مشبعة بالرطوبة، مشددا على ضرورة تجفيف المحصول بشكل مناسب بعد إزالة القشور. وقال: بعد التحميص لا بد من تركه حتى يبرد، ثم يوضع في علب معدنية، وتحفظ في مكان جاف بعيدا عن الثلاجات حتى لا تمتص رائحة ونكهة القهوة، على أن تطحن كمية مناسبة تساوي حجم الاستخدام لكل ثلاثة أيام.