تفاعل

أحاديثنا ورسائلنا الرقيقة

فارس محمد عمر
إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم، حديث يبين أن الفضل لا يحصل إلا بالعمل على حصوله. يجده أحدنا منطقيا سهلا بدهيا، ثم ينشد أثر ذلك المنطق السهل البدهي بعد شهر الخير، وربما كان العشرين أو الأربعين عند كثيرين، فكأن شيئا لم يكن! يجد الثرثار والبذيء والمتكبر والمتسلط، يجد الصياح والهياج والتهور، يجد الغيبة والغبن والكذب، ويجد تقريع الصغير والضعيف والغريب، وكثير عادات مؤذية ما تغير شيء، رغم أحاديثنا ورسائلنا الرقيقة الغزيرة احتفالا برمضان وحزنا لفراقه! ثم جاء الحج العظيم ومضى، وبقي شلل النفس وما هو أقبح من الذنب فيقول الببغاء: هذا أنا وهذا طبعي! فلان هو كما عرفناه لا يتغير!

جاء في إحياء علوم الدين للغزالي: لو كانت الأخلاق لا تقبل التغيير لبطلت الوصايا والمواعظ والتأديبات، ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (حسنوا أخلاقكم)، وكيف يُنكر هذا في حق الآدمي وتغيير خلق البهيمة ممكن؟!

قراءتي وإصغائي وعبادتي ومشاركتي، كلها إمعية وسمعة ما دامت مواقفي وخصالي جامدة هامدة. تعللي بشرود ذهني وانشغال جوارحي وبأن الناس لا يبدو منهم أني محتاج لتحسين ذاتي، يزيدني عجزا عن محاسبة نفسي واستحضار نيتي، وأتوهم أن تحسين خلقي بيد غيري، كأنني بلا أحاسيس أو قاصر أو مأفون! إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. لو بادرنا بأمر نفكر فيه ثم نستحضر إرادة فعله ونحمل أنفسنا عليه حتى ننفذه ونحس به ونلتذ ثم نعاود فعله، كالهدوء في أحاديثنا أو ترك ما لا يعنينا، أو ما شئنا من الفضائل، ثم تدرجنا، لبدأنا بصدق حياة سعيدة.