الوالدان بين الحقوق والعقوق!
أوصى الله تعالى بالوالدين في آيات كثيرة وجاءت أحاديث عديدة تصب في هذا الجانب، فقد قرن عز وجل عبادته وحقه في التوحيد بحق الوالدين والإحسان والبر إليهما، وكل هذه الآيات وهذه الأحاديث النبوية الشريفة التي جاءت تحمل بين ثناياها فضل ومكانة الوالدين وحقوقهما على أبنائهما، وهي كفيلة بأن يكون مجتمعنا الإسلامي مجتمعا بارا وعطوفا لا سيما بالوالدين، قال الله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا... الآية).
الأربعاء / 9 / ربيع الأول / 1436 هـ - 16:00 - الأربعاء 31 ديسمبر 2014 16:00
أوصى الله تعالى بالوالدين في آيات كثيرة وجاءت أحاديث عديدة تصب في هذا الجانب، فقد قرن عز وجل عبادته وحقه في التوحيد بحق الوالدين والإحسان والبر إليهما، وكل هذه الآيات وهذه الأحاديث النبوية الشريفة التي جاءت تحمل بين ثناياها فضل ومكانة الوالدين وحقوقهما على أبنائهما، وهي كفيلة بأن يكون مجتمعنا الإسلامي مجتمعا بارا وعطوفا لا سيما بالوالدين، قال الله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا... الآية). إلا أن ما نسمعه ونقرؤه عبر أجهزة الإعلام المختلفة ومن عامة الناس أن هناك فئة في مجتمعنا غير عابئة ولا مكترثة بما ورد في الكتاب والسنة بشأن تلك الفطرة السليمة التي فطرنا عليها عن فضل الوالدين وعظيم ذلك وأثره! تلك القلة اتبعت هوى الشيطان ومزالق الهوى بسبب ضعف الوازع الديني وضعف التربية. إنني لا أُحمل تبعات كل ذلك على الأبناء بل هناك بعض من الآباء هداهم الله يتركون الحبل على الغارب حتى تتحول العلاقة إلى فجوة وهوة كبيرة بينهم وبين أبنائهم مما ينعكس ذلك سلبا على الأبناء ويحصل مالا تحمد عقباه ويكون السبب الرئيسي هو الأب، لأنه يبقى بعيدا عنهم وعن الأسرة كلها بسبب انشغال غير مبرر إما بالسفر الدائم أو بالبقاء خارج المنزل أكثر من بقائه مع أسرته دون الاكتراث إلى انعكاسات ذلك الابتعاد وما يتركه من عواقب وإفرازات سيئة يدفع ثمنها غالبا الوالدان. وما هو أدهى وأمر من ذلك قتل الابن لأبيه بسبب فقدانه لوعيه وعدم السيطرة على نفسه الأمارة بالسوء، لقد سطر لنا التاريخ من القصص الجميلة من أمثال رجل من اليمن أتى إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج حاملا والدته على ظهره يطوف بها البيت العتيق! وقابل ابن عمر رضي الله عنه فقال له: هل تراني قد أديت حقها؟ قال له: ولا بزفرة من زفرات الحمل! ذلك يؤكد أنه مهما عمل الأبناء لوالديهم فإنهم وأيم الله مقصرون بل يعجزون أن يردوا بعض جميلهم وحسن صنيع والديهم تجاههم. من هنا وجدنا أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب على الإطلاق بعد الشرك بالله عز وجل، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة! العاق لوالديه، ومدمن الخمر .... الحديث)، (ثلاثة لا يدخلون الجنة! العاق لوالديه، الديوث ....الحديث). ألا يعلم ذلك المفرط قصة كفاح والديه وما كانا يعانيان وما تكبدا وسهرا جراء ظروف الحياة وقسوتها وعملا دون كلل ولا ملل في توفير الحياة الكريمة له؟ وربما كان والداه لا يملكان قوت يومهما ومع ذلك لا يألوان جهدا ويبذلان كل ما بوسعهما في توفير الشيء ولو كان قليلا لسد رمقه وربما على حساب نفسيهما وراحتهما وصحتهما! وعندما كبر واستوى عوده وأصبح يافعا وقد وصل إلى درجة عالية من التعليم كل ذلك بفضل الله أولا ثم بفضل ما وفره له والداه من ظروف ومناخ، نسي بل تناسى كل ذلك. لقد رأينا البعض عندما يبلغ والداه سن الهرم أو ربما قبل ذلك يغيب ويتهرب عنهما وإن زارهما لا يعيرهما أي اهتمام ولا عناية ولا لحظة انتباه، وقد يصل الأمر إلى إدخالهما دار المسنين أو إلى أحد المستشفيات دون علمه لابتعاده عنهما، وربما يكون ساكنا في سكن والده لكن قسوته وظلمه لنفسه أديا به إلى التفريط في هذا الفضل والأجر العظيم وقد تركهما للآخرين للاهتمام بهما ورعايتهما بل والصرف عليهما ومساعدتهما على أعباء الحياة، وجعلهما عالة على الجمعيات الخيرية وأهل الخير والمحسنين على الرغم من أن ظروف ابنهما تسمح بإعالتهما والقيام بكل تلك الواجبات. ألا يعلم ذلك المفرط أن بر الوالدين هو مفتاح كل خير ومغلاق كل شر؟ وأن طاعتهما هي طاعة لله تعالى وطاعة للمصطفى صلى الله عليه وسلم؟ ثم هو دين يدخر له في ذريته فيرى ثمار بره قد أينعت في ذريته فتقر عينه وينشرح صدره لما يرى ويلمس من بر أولاده به؟ وإن كان خلاف ذلك فلا يلومن إلا نفسه فهو دينه يرد إليه من قبل أبنائه.