كان الفنان السعودي الراحل طلال مداح جزءا من حوارات فيلم (فضيلة أن تكون لا أحد) للمخرج بدر الحمود الذي عرضه مساء السبت في مركز الملك فهد الثقافي، وتجسيدا للبيئة المحلية في أحد أدق تجلياتها الوجدانية، وجاءت أغنيته «أنا راجع اشوفك» بمثابة ثيمة لهذا العمل الذي يفترض دائما عودة البشر للقاء بعضهم بعضا بطرق مختلفة مع احتمالية أن تتغير حكاياتهم لبعضهم من وقت لآخر لأسباب عديدة، بل إن البعض قد يضطر لتأليف حكاية لمجرد التعرف على شخص غريب أو من أجل قضاء الوقت في مشوار طويل. أي شخصين يشعران بالوحدة ويلتقيان بالصدفة قد يكونان مشروعا لإكمال فيلم (فضيلة أن تكون لا أحد) الذي اختار الحمود من خلاله تقديم حوار إنساني بحت عبر مشاهد طويلة تجسد حاجة العالم إلى التركيز، وحق الناس في فهم أنفسهم جيدا، والاستماع إلى قصص بعضهم دون مقاطعات. ومع بطولة كل من مشعل المطيري وإبراهيم الحساوي، لم يعتمد الحمود على النص في حد ذاته كما هو متوقع في عمل يدور بين شخصيتين فقط، وفي موقعين ليس إلا، بل اعتمد على حوارات عادية تماما من أجل تشكيل صورة فلسفية عامة يمكن النظر إليها حين نبتعد قليلا عن القصة في حد ذاتها، لنصل إلى فكرتها في أن لكل شخص قصة يعيش ليرويها. يؤكد الفيلم أن في حكايات البشر الواقعية ما يحولها إلى مادة روائية متكاملة يستخدمونها للتعارف فيما بينهم، وتكمن المفارقة في أن أكثر القصص خصوصية تقال للغرباء العابرين وليس للأقربين. «نحن في وقت طغت فيه المشتتات حتى لم نعد نستطيع أن نروي قصة لأكثر من 5 دقائق، وابتعد فيه البعض عن إنسانيتهم الحقيقية بينما هم منهمكون في دوامة صنع شخصياتهم، لهذا اخترت أن يكون الفيلم حواريا وجدانيا، يدعو الجميع للرجوع قليلا للعيش في الظل، والاستماع إلى بعضهم بهدوء». بدر الحمود – مخرج العمل