يغلب على أكثر علماء الأبحاث هنا أنهم وحيدو والديهم، وتسمع عالم الأبحاث وهو يتحدث إليك عن أسرته بأنه طفل والديه الوحيد، على الأغلب، ولكنه يتحدث أيضا عن مستواهما التعليمي، فتجد والديه أو أحدهما عالم أبحاث أو طبيبا أو من ذوي الوجاهة الاجتماعية.

حينما يصل طفل على الأرجح إلى منصب عالم أبحاث مرموق مستقبلا فالموضوع ليس بمحض الصدفة، لأن خلفيته التربوية والجهد الذي بذل على تعليمه وتدريسه منذ مراحله العمرية الأولى يستدعيان مستوى الوعي لدى الوالدين ومنصبهما الاجتماعي الذي يساعدهما اقتصاديا على دفع طفلهما الوحيد للأمام بكل ما يملكانه من جهد.

تتحدث معي عالمة أبحاث من اليونان عن معاناه والديها لإنجابها، حيث كانت والدتها تعاني من العقم واستمر بها الحال 18 عاما حتى أنجبتها ثم كانت صديقتي هذه هي العالم والحياة لوالديها اللذين رسما لها طريقا مخمليا حتى وصلت إلى مستواها الحالي، عندما تتحدث تشعر بالامتنان لوالديها وأنها مدينة لهما وما إن تخرجت بالدكتوراه حتى قطعت على نفسها عهدا بأخذ إجازة لعام واحد من العالم، فرفضت جميع الفرص الوظيفية وأجلت خوضها معترك الحياة حتى تقضي السنة الأولى بعد التخرج في الدكتوراه في أرقى جامعات العالم مع والديها.

مسؤولية مستقبل الأبناء يرسمها الزوجان منذ وقت مبكر. القناعات الزائفة في مجتمعنا بأن إنجاب الأطفال فقط لغرض استمرار الحياة الزوجية واستقرارها أنانية مفرطة جدا لو أدرك الأطفال بشاعتها ولو قدر لهم لأن يحاكموا والديهم لما ترددوا، خاصة أولئك القابعين في السجون على خلفيات إجرامية.

ولادة الأطفال ليست للتباهي وليست لتحقيق الحاجات النفسية للوالدين فقط. صناعة مستقبل الأطفال بيد والديهم منذ أول لحظة يشرقون فيها على الحياة لا تجدر تربيتهم بأساليب التعنيف اللفظي القديمة ولا يجدر إهمالهم على المستوى الصحي والنفسي والتربوي والتعليمي، القدرة على إنجاب العديد من الأطفال لا بد أن تراعى فيها الحقوق الكاملة لكل طفل على حدة. فنجاح طفل واحد وحيد لوالديه أبلغ وأسمى من فشل عشرة أطفال ضائعين تهيم بهم الحياة في كل حدب وصوب لم يتلقوا حاجاتهم كاملة نفسيا وتربويا وتعليميا. ولذلك كانت المسؤولية ذات اهتمام عظيم في الإسلام، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». السؤال كيف سيواجه هؤلاء الآباء الذين أفشلوا حياة بشر من أصلابهم الله يوم القيامة إذا ما أفلتوا من العقاب في الدنيا؟!

@sehamaltwiri