أسمر عبر.. مثل القمر
السبت / 14 / محرم / 1438 هـ - 19:30 - السبت 15 أكتوبر 2016 19:30
في جو مفعم بالدفء واللون، كان صوته طاغيا وحضوره ملموسا وكأنه يصافح الواقفين من الحضور الذين ازدحم بهم المكان، وقد شعر كثير منهم أن جهاز التكييف لم يعد يحتمل كل هذا الجمع الكبير من الضيوف فتوقف.
وصلت صالة عبدالحكيم رضوي في الجمعية السعودية للثقافة والفنون برفقة الصديق عبدالرحمن اللهبي الذي أصر على أن يكون برفقة أسرته وفاء لصديقه ورفيق صباه وشبابه الفنان الكبير عبدالله محمد وذلك تلبية لحضور حفل افتتاح المعرض التشكيلي للفنانة الآنسة أريج عبدالله محمد الذي افتتحه الفنان الرائد الأستاذ طه صبان في أحد مساءات جدة من الأسبوع قبل الماضي.
ولَم يكن وصولنا متأخرا كثيرا، ولكن هالني عدد الحضور المبكر جدا من ضيوف وفنانين وعدد كبير من الإخوة الإعلاميين.
وكالعادة يبدأ الزائر للمعارض التشكيلية بالمرور في هدوء وتأن من اللوحة الأولى حتى آخر عمل في المعرض، ثم يعود ليتملى ويتأمل واقفا أمام العمل الذي لفت انتباهه في الوهلة الأولى.
عدنا جميعا ثانية أمام لوحة كانت سيدة المكان ولا غرو فقد كان لها الصدارة في الصالة، لوحة بالأبيض والأسود تعكس ملامح وتفاصيل دقيقة، وكانت «بورتريه الفنان الكبير المرحوم عبدالله محمد» الذي أبى إلا المشاركة بالحضور، ليس بالصورة وحسب، بل بصوته العذب الرخيم معيدا الحضور إلى جو الأنس والطرب الحجازي الأصيل الذي افتقدناه اليوم.
كان صوته معلنا حضوره هذا العرس الفني الذي أبدعته ابنته أريج التي طالما رعاها طفلة وغادرنا وهي لا زالت الطفلة المدللة عنده، حضر ليصدح بيننا بأغنية طالما أشبعتنا شجنا وغسلتنا وجدا وملأت قلوبنا حميمية ورقة، «أسمر عبر.. مثل القمر»، في إيقاع يدغدغ الإحساس وأداء ينتزع من فؤادك آهة، ومن لسانك إعجابا، ومن نفسك تأملا واسترجاعا لكل جميل كان في الماضي وأمسى من الذكريات، خاصة من الذين عاصروا هذا الجمال المنسي.
والمعرض يضم أكثر من أربعين عملا، نال كثير منها إعجاب الحضور بدليل أن لوحات عدة تم حجزها لاقتنائها من الزوار الذين غص بهم المكان.
وإن كانت بعض الأعمال في نظري تعكس حالة متكررة تعبر عن تجربة لا زالت في بدايتها حاولت من خلالها الفنانة إعطاء أفضل ما لديها في بناء اللوحة وتكوين كتلتها وتشكيل مزيجها اللوني الذي طغت عليه الخطوط السوداء بين الانحناءة والاستقامة، الأمر الذي يتطلب مراجعات وإعادة محاولة والخروج من نفق اللون الأسود والخطوط الحادة إلى رحابة لونية أكثر تأثيرا، وتشكيل أقرب للمتلقي في تكوينه.
ويزيد من سروري وسرور كثير من المهتمين في الساحة التشكيلية، أن تظهر كل حين مواهب واعدة تستحق الرعاية والتوجيه لا سيما تلك المواهب التي تمتلك الأدوات الأساسية للعمل الفني والرغبة في التقدم بالساحة إلى مستقبل أفضل والمحافظة على الحراك التشكيلي الذي نرجو له الرقي والارتقاء إلى ما يستحقه من مكانة.
دعاؤنا لأريج بالتوفيق في مشوارها الفني، ولعبدالله محمد بالرحمة والمغفرة ولرفيق صباه بالصحة والعمر المديد.