في ظل التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجهها الصناعة الحديثة، أصبحت كفاءة الطاقة أحد أهم الأولويات للمصانع والشركات. واحدة من الاستراتيجيات الفعالة لتحقيق ذلك هي استعادة الحرارة المهدرة، أو ما يعرف بـ Waste Heat Recovery, WHR، والتي يمكن أن تساهم بشكل كبير في تقليل استهلاك الطاقة وتحسين الأداء البيئي. تعتبر هذه العملية بمثابة التقاط الحرارة التي يتم إنتاجها كمنتج ثانوي غير مرغوب به خلال العمليات الصناعية، ثم إعادة استخدامها لأغراض مفيدة، مثل تسخين المياه، أو الهواء، أو حتى توليد الكهرباء، وتشغيل عمليات صناعية أخرى.تساهم هذه التقنية في تقليل استهلاك الطاقة في المصانع بشكل كبير، مما يؤدي إلى توفير كبير في التكاليف التشغيلية وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة. كما أنها تساهم في تحسين كفاءة الطاقة وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية. هناك العديد من التقنيات المستخدمة في هذا المجال، مثل المبادلات الحرارية (Heat Exchangers) التي تستخدم لنقل الحرارة، ومضخات الحرارة (Heat Pumps) التي ترفع درجة حرارة الحرارة المهدرة، بالإضافة إلى توربينات البخار (Steam Turbines) التي تستخدم لتوليد الكهرباء، ودورة رانكين العضوية (Organic Rankine Cycle - ORC) التي تولد الكهرباء من الحرارة ذات درجة الحرارة المنخفضة.يمكن تطبيق استعادة الحرارة المهدرة في العديد من الصناعات، ومن الأمثلة على ذلك استخدام الحرارة المهدرة من مداخن الأفران لتسخين المياه المستخدمة في العمليات الصناعية، أو استخدام الحرارة المهدرة من أنظمة التبريد لتشغيل أنظمة التدفئة في المصنع، بالإضافة إلى توليد الكهرباء من الحرارة المهدرة في محطات توليد الطاقة.على الرغم من الفوائد العديدة، تواجه هذه العملية بعض التحديات، مثل التكلفة الأولية (Initial Cost) التي قد تكون مرتفعة، والصيانة التي قد تكون معقدة، بالإضافة إلى صعوبة تحديد مصادر الحرارة المهدرة المناسبة ودمجها بسلاسة مع العمليات الصناعية الحالية.في النهاية، تعد استعادة الحرارة المهدرة استراتيجية فعالة لتحسين كفاءة الطاقة في المصانع وتقليل الأثر البيئي. من خلال تطبيق التقنيات المناسبة، يمكن للمصانع تحقيق وفورات كبيرة في الطاقة وتحسين أدائها البيئي، مما يدفع الصناعات إلى تبني هذه الاستراتيجية لتحقيق أهدافها البيئية والاقتصادية والمساهمة في مستقبل أكثر استدامة.HUSSAINBASSI@