الرأي

علاجات وقائية بلا روشتة

عبدالمعين عيد الأغا
هناك مقولة مشهورة ومرتبطة بصحة كل إنسان وهي 'الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء'، فالصحة والعافية نعمة عظيمة أنعمها الله سبحانه وتعالى على الإنسان، فلذا وجب شكرها والحفاظ عليها، فصحة الإنسان مفتاح سعادته، والفرد الذي يتمتع بصحة جيدة لا شك يستمتع بجودة حياته في كل الأوقات، كما يكون منتجًا لكل مهامه وواجباته على أكمل وجه.

وفي الواقع زادت في الفترة الأخيرة شكاوى الكثيرين من الأفراد وتحديدا الأطفال، بمختلف الشرائح العمرية من بعض الأمراض، وبالتشخيص نجد أنها أمراض اكتسبها الفرد نتيجة سلوكيات انتهجها في حياته، وكان بالإمكان تجنبها باتباع النمط الصحي للحياة، فالتطور الاجتماعي والاقتصادي والتقني الذي حدث في العقود الأخيرة أدى إلى تغيير ملموس وكبير في النمط الصحي للحياة لدى جميع المجتمعات.

وتؤكد عبارة 'الوقاية خير من العلاج' أن هناك علاجات ربانية وطبيعية أوجدها الخالق سبحانه وتعالى في الحياة لحماية البشرية من الأمراض التي تداهم أجسادهم، وهذه العلاجات متوفرة بأيدينا وسهلة المنال على مدار اليوم، ولكن معظم الناس لا ينظرون إليها بعين الأهمية، مما ترتب على إهمالها غزو الأمراض في الأجسام.

ونأتي إلى العلاج الأول الرباني الذي يكمن في 'النوم الصحي' وإعطاء الجسد كفايته من ساعات الراحة، فمعظم الأفراد وخصوصا الأطفال اليافعين والمراهقين يتجاهلون أهمية النوم وجودته، إذ اتخذوا السهر وسيلة للترفيه سواء عبر الأجهزة الذكية أو الألعاب الالكترونية مما نتج عن ذلك زيادة حالات اضطرابات النوم، ونعاس النهار المتكرر، الصداع، سواد تحت العينين، تقلب المزاج، ضعف الإنتاجية، عدم القدرة على التحصيل العلمي، وغيرها وغيرها الكثير من الأعراض.

يظل السؤال هنا: لماذا يجب على الإنسان النوم والاستيقاظ مبكرا وتجنب السهر؟

الجواب: لا شك هناك فوائد لا تعد ولا تحصى للنوم المبكر أوجدها سبحانه في الساعات المبكرة التي ننام فيها، منها تنظيم الهرمونات، فالنوم المبكر ينظم إفراز الهرمونات المهمة، مثل هرمون النمو وهرمونات الميلاتونين والتوازن الغذائي بجانب ضبط الساعة البيولوجية، مما يؤثر بشكل إيجابي على النمو والصحة العامة، وتعزيز عمل جهاز المناعة، فأحد فوائد النوم المبكر هو تعزيز عمل بروتينات وخلايا الجهاز المناعي، بحيث يصبح أكثر قدرة على مقاومة الأمراض، كما أنه يصبح أكثر قدرة على التعرف على الأجسام الغريبة التي قامت بمهاجمة الجسم، وبالتالي التخلص منها، وأيضا يساعد النوم المبكر على تعزيز وظائف الدماغ وزيادة الانتباه والتركيز أثناء اليوم، كما يساهم النوم المبكر في تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية، وخفض مخاطر الإصابة بأمراض مزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري النمط الثاني، وبجانب كل ذلك تعزيز وتحسين المزاج والعواطف الإيجابية، بينما قلة النوم قد تزيد من خطورة التوتر والقلق.

والعلاج الثاني المهم الذي أوجده سبحانه وتعالى هو 'الماء' الذي يشكل أهمية كبيرة للجسم، وهو القائل 'وجعلنا من الماء كل شيء حي'، وهنا ندرك أهمية الماء في إتمام الكثير من العمليات الحيوية داخل أجسامنا، إذ يلاحظ تراجع كبير في استهلاك الماء لدى معظم الأفراد، فيما زاد استهلاك المشروبات الغازية والمحلاة ومشروبات الكافيين بشكل مفرط وكبير، وظهرت معها العديد من المشاكل المرتبطة بصحة الفرد، وللأسف فمعظم حالات الجفاف وزيادة الحصوات والإمساك مرتبطة بقلة تناول الماء، وبذلك فإن تناول الماء ليس محصورا في سد العطش بل يشكل دواء للكثير من الأمراض ومنها الأملاح الزائدة، والتخلص من السموم، وتحسين البشرة، وتقوية المناعة، والمساعدة على الهضم، وتجنب جفاف الجسم، وتحسين وظائف الدماغ، والمساعدة على اتباع نظام غذائي صحي، وأظهرت الدراسات أن من فوائد شرب الماء بكميات كبيرة التقليل من استهلاك السعرات الحرارية والدهون المشبعة والسكر والصوديوم والكوليسترول، وتحسين النشاط البدني، وتنظيم درجة حرارة الجسم.

ونتطرق للعلاج الثالث الذي أصبح مهملا لدى الكثيرين وهو 'ممارسة الرياضة'، ونتج عن ذلك ارتفاع حالات زيادة الوزن وصولا إلى السمنة المفرطة ومقاومة الانسولين ومع مرور الوقت الإصابة - لا سمح الله - بالسكري النمط الثاني، ومن هنا ندرك أهمية الرياضة في حياتنا للوقاية من الأمراض، فالمطلوب يوميا نصف ساعة فقط للرياضة لتفادي الكثير من المشاكل، ففوائد الرياضة كثيرة، منها المحافظة على الوزن المثالي، تقوية العضلات والعظام، تقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، الحفاظ على صحة البشرة، وتجنب الاكتئاب والقلق والتوتر، وتحسين المزاج، زيادة الثقة بالنفس، تحسين جودة النوم، تعزيز وظائف الدماغ.

ومن كل ما سبق ندرك أن هناك علاجات ربانية وطبيعية أوجدها سبحانه وتعالى لحماية البشرية من الأمراض ولا سيما المكتسبة، فالنوم والماء والرياضة أدوية طبيعية لا تحتاج إلى روشتة الأطباء، وتعمل على تعزيز منظومة صحة الجسم وحمايته من أمراض كثيرة لا تعد ولا  تحصى، فخير نصيحة 'النوم الصحي، وعدم تجاهل تناول الماء بشكل جيد، ومنح الرياضة نصف ساعة من الوقت في البرنامج اليومي'، وبذلك تتحقق مفاهيم جودة الحياة والوقاية من الأمراض التي باتت تغزو الأجساد دون استئذان، وسلامة صحتكم.