الرأي

عشرون عاما من فحص ما قبل الزواج!

عبدالمجيد الرفاعي
دائما تتخذ القيادة الرشيدة قرارات حكيمة تجعل صحة المواطن السعودي أولوية قصوى، ولعل أشهر مثال هي القرارات التي اتخذت إبان أزمة كورونا، ومن هذه القرارات أيضا إلزامية فحص ما قبل الزواج للأمراض الوراثية والمعدية (برنامج الزواج الصحي)، حيث صدر القرار في 1424هـ، يعد هذا القرار من القرارات المهمة والتي جنبت المواطنين والنظام الصحي من مضاعفات وتكاليف الأمراض الوراثية وخاصة أمراض الدم.أعتقد بعد تطبيق هذا البرنامج لأكثر من عشرين عاما من الزمن فقد حان وقت التقييم والتطوير لكي يتماشى مع برامج التحول الصحي المتميزة، والتي تحقق مستهدفات الرؤية في الرعاية الطبية.فيما يخص التقييم، من الأفضل عقد مؤتمر طبي / علمي لعرض نتائج هذا البرنامج ودعوة المهتمين لإبراز نتائجه، وكذلك لمعرفة جوانب النجاحات وتعزيزها وجوانب القصور لمعالجتها.وفيما يتعلق بالتطوير فهناك مقترحات تطويرية وخاصة آلية التنفيذ، وكذلك عدد الأمراض الوراثية المشمولة بفحص ما قبل الزواج.الوضع الراهن لبرنامج فحص ما قبل الزواج متاح فقط لمن أراد الزواج، ونتيجته غير ملزمة في حالة عدم التوافق، ولا يوجد برنامج وطني لمتابعة غير الملتزمين بنتيجة فحص ما قبل الزواج.وكذلك آلية تطبيق الفحص الطبي قبل الزواج يكون بعد الخطوبة وبعد الموافقة على الزواج من كلا الطرفين، وفي هذه الآلية حرج اجتماعي ونفسي خاصة إذا كانت نتيجة الفحص عدم التوافق فيصبح قرار التراجع عن إكمال الزواج صعبا لكلا الطرفين بالرغم من جهود وزارة الصحة المتميزة في تقديم المشورة والنصح.لذلك هنا أقدم بعض المقترحات التطويرية لعمل آلية تطبيق جديدة ومكملة لهذا البرنامج الصحي الرائد، وهي تشمل عدة نواحي:أولا: يجب الاستفادة من قاعدة بيانات برنامج فحص حديثي الولادة، وبعد بلوغ المواطن 18 عاما تظهر حالة الأمراض الوراثية المشمولة بفحص ما قبل الزواج، مع شرح مختصر لحالات التطابق في تطبيق أبشر / توكلنا.ثانيا: إتاحة فحص ما قبل الزواج لجميع المواطنين لمن بلغ الـ18 عاما، وتضاف النتيجة في أبشر / توكلنا مع شرح حالات التطابق، وهذا الإجراء يجعل المتقدمين للزواج يعرفون حالات التوافق من عدمها قبل الخطوبة، هذا الإجراء يلغي الحرج الاجتماعي والنفسي في حالة عدم التوافق.ثالثا: حان الوقت لإضافة أمراض وراثية أخرى غير أمراض الدم، وخاصة التي لها درجة انتشار كبيرة وخطورة عالية على الصحة العامة في بعض المناطق، لأن دقة الفحوصات الجينية تطورت، ولكي تتم مواكبة مستجدات الطب الشخصي والعلاج الجيني.رابعا: يجب صدور قرار إلزامية نتيجة فحص ما قبل الزواج، فإذا كانت النتيجة عدم توافق يمنع الزواج نهائيا، وتفرض غرامات مالية على الزوجين في حالة إتمام الزواج، وإلزامهما بالمتابعة مع عيادة الطب الوراثي.ومن الأفضل إطلاق برنامج وطني للتثقيف الوراثي في التعليم العام والجامعي، لكي يتم توضيح أهمية الزواج الصحي وكذلك لرفع نسبة الوعي بتأثيرات الأمراض الوراثية السلبية على الصحة العامة، وتخصيص رقم موحد لتوفير خدمة الاستفسار عن حالات التوافق والإجابة عن كل الاستفسارات المتعلقة بالأمراض الوراثية، وينقل ملف فحص ما قبل الزواج للأمراض الوراثية (الزواج الصحي) تحت مظلة المركز السعودي للطب الوراثي الذي اقترحته في مقال سابق.هذه المقترحات التطويرية لبرنامج الزواج الصحي ستساهم في تقليل أثر الأمراض الوراثية، وتتماشى مع التطورات العالمية في مجالات الرعاية الصحية المتقدمة وكذلك مع برامج التحول الصحي وخطط الطب الوقائي.