الأرض تاريخ، والنبتة سلالة شجرة، ولكل نبتة جذر يمتد لأعماق الأرض، تتلاشى أهمية طوله مقابل الفائدة التي تقدمها الشجرة، ‏فكم من جذور عميقة أو سطحية غذت سيقانا حملت أوراقا وثمارا تفاوتت بين الفساد والصلاح، وليس للجذور ذنب سوى تثبيتها للنبتة فوق سطح الأرض؛ والدفاع لإبقائها واقفة في سماء قد تستحقها أو لا تستحقها، ولعل الجذور تبرئ نفسها؛ بحجة غياب علمها عما أحدثته الطفرات الجينية على أشجارها، المهم أن تدخل المزارع أصبح حتميا؛ إما مقلما لتعود النبتة أفضل مما كانت أو يقطعها ويستريح من هدر هذه النبتة المزعجة وملحقاتها.هذا المشهد حضر وأنا أرتدي قميص مزارع، أتلقى دورة (أفضل الممارسات الزراعية) التي نظمتها - مشكورة - أكاديمية الشركة السعودية للقهوة؛ إحدى شركات صندوق الاستثمار العامة، والمكان بين مركز الزوار في قرية رجال ألمع التاريخية ومزرعة (بن) بالمحافظة نفسها.في المركز كان الشق النظري، محتوى جيد وتدريب عالي الجودة على يد مدربين سعوديين خبيرين، هما الأستاذ علي عبدالله الديواني والأستاذ محمد عباس الزهراني، اليوم التالي كان تطبيقا عمليا في مزرعة بن للمزارع (بجاد بن بجاد)؛ وله الشكر على مبادرته؛ التدريب بقدر جديته كان شاقا لظروف الطقس والمكان، والفائدة العلمية والعملية كانت جيدة لمن تغلب على إزعاج وإحراج (السوشلين)، وما أكثر عدساتهم وما أقل تنظيمهم، الحاضرين بدعوة وبغيرها، كان وجودهم إما حاجبا بين المتدرب والمدرب، أو مانعا لطرح سؤال حال دونه خجل المواقف.أعود وأقول إن مشقة المكان والطقس لن تكون أقسى من مستهدفات الشركة التي منها زراعة خمسة ملايين شجرة قبل 2030 في المنطقة الجنوبية للملكة العربية السعودية، وزيادة إنتاج البن إلى 2500 طن سنويا، ولا يساورني شك في قدرتها على تحقيق النجاح فيها.بين يدي مجلس إدارة الشركة والإدارة التنفيذية أضع هذه المقترحات التي آمل أن تكون ضمن اهتماماتهم؛ ففيصل النجاح هو جودة المنتج أولا ثم كميته ثانيا، لذا أرى أن المزارع مهما كان تعليمه؛ يحتاج إلى دليل معياري يوضح الكم والكيف للأسمدة المناسبة لكل مرحلة من مراحل نمو شجرة البن الحساسة، ويحدد التوقيت المناسب بدقة.أيضا دليل إرشادي يصف ويرسم للمزارع أفضل الممارسات الزراعية الصحيحة مع التربة والبذور والري والتقليم من أول يوم يغرس فيه البذرة إلى أن يبيع محصوله.يحتاج أيضا تكرارا مستمرا لهذه الدورات، مع مراعاة خصوصيته وتقليل إحراجه وتشتيت انتباهه بذريعة التقاط الصور والمقاطع، عدسة واحدة رسمية كافية للتوثيق، ومد من أراد بالمادة الإعلامية المنقحة.بقيت لي ملاحظة حيث ترك عدد الشهادات التي تم توزيعها وطريقة توزيعها الكثير من علامات الاستفهام عندي، وعندما بدأت بطرحها؛ وجدت مبررات يفترض صحتها، ولم تقنعني أو تبدد هواجسي.أخيرا، أختم بشكري للشركة السعودية للقهوة على ما قدمت، وبأمل الوطن وأحلام المواطن ننتظر اكتمال دورهم نحو قيادة التحول في زراعة البن، والشكر موصول للأستاذة (عبير الجبير) مديرة العلاقات العامة، لإرشادي لمتجر (جازين)، وإهدائي ظرفا مليئا بحبات البن، عبارة عن مزيج بن سعودي زرع وحصد في جبال منطقة فيفاء، ويحمل اسمها، ممزوجا ببن من كوستاريكا، ويلبي شيئا من شغفي وعشقي للقهوة المختصة (المقطرة أو الإسبريسو)، وأدعو من كان مصابا بما أصبت به لتجربة هذا المنتج السعودي المزروع بارتفاع 1980 مترا، بحمص متوسط مميز، وإيحاءات فاكهية حمضية كإيحاءات هذا المقال.hq22222@