تمر دورة حياة الصقر سنويًا بمرحلة تجديد الريش، تسمى (المقيض) تتسم بحساسية عالية وعناية خاصة، تتطلب إعداد بيئة مناسبة لضمان نجاحها، لذلك اهتم الصقارون بتوفير البيئة المناسبة، نظرًا لما يترتب على هذه العملية من استعادة الصقر لحيويته وقدرته على التحليق والصيد.

والمقيض -ويُطلق عليه محليًا (المربط)- إحدى الفترات الحيوية وتمتد قرابة ثمانية أشهر، تبدأ من الأول من مارس حتى الأول من أكتوبر، ولمرة واحدة في السنة، يتساقط الريش القديم تدريجيًا وينمو بدلًا منه ريش جديد، وتعد هذه العملية ضرورية للحفاظ على صحة الصقر وقدرته على الطيران والصيد بفعالية.

ويضم جناح الصقر الواحد نحو 22 ريشة، والريش الأساسية تبدأ من السابعة حتى الموس، وهي جوهر جناح الصقر، يعتمد عليها في الصيد، لذلك يوليها عناية خاصة، أما باقي الريش فيطلق عليه (الغواطي)،لأنها تغطي بقية الجناح.

ويبدأ الجناح بالريشة القصيرة، وتطول الريشة تلو الريشة حتى تصل إلى ريشة (الموس)، وهي الريشة الأخيرة على جناح الصقر لكنها أقصر من الريشة التي قبلها وتسمى بريشة (النايفة)، وهي أطول ريشة في جناح الصقر، وأطول من (الموس)، ثم تأتي بعدها (النايفة) الثالثة، ثم الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة، وكل ريشة أقصر من تلك التي أمامها، لتمنح الصقر شكله المتناسق.

وعادة ما يولي الصقر اهتمامًا بهذه الريشات السبع، لأنه يعتمد عليها بشكل جوهري، سواءً في تثبيت الفريسة والتحكم فيها أو الدفاع عن نفسه، أما عن نموها؛ فيحتاج فرخ الصقر نحو شهرين بعد أن يخرج من العش، حتى تنمو كل ريشه، وإذا دار عليه الحول، يحتاج إلى سبعة أشهر حتى يكتمل نمو ريشه الجديد، حيث يكتمل نمو آخر ريشه (الأمواس وبعض ريش الذيل).

وفي هذه المرحلة -أي فترة المقيض أو المربط- يبدأ الصقر بطرح ريشة واحدة فقط من الريش الابتدائي للجناحين، ابتداءً من منتصف الجناح وباتجاه نهايته، وعندما يصل نمو الريشة الجديدة إلى منتصفها على أقل تقدير؛ يبدأ بطرح الريشة التي تليها وهكذا، لكي يبقى الصقر قادرًا على الصيد والطيران، وتستمر هذه العملية بالتوالي وصولًا إلى آخر ريشة في طرف الجناح.

وتستغرق فترة طرح الريشة الواحدة وتجديد نموها ما يقارب (3 - 8) أسابيع، اعتمادًا على طول الريشة، فمثلًا نمو ريشة (الموس) بشكل كامل يستغرق نحو ثمانية أسابيع، وذلك لكونها آخر ريشة في الجناح، وهذه الفترة تخص الصقور (الشاهين، الحر، الجير، وغيرها).

ونصح المتحدث الرسمي لنادي الصقور السعودي وليد الطويل، بأن يستعد الصقارون لبداية الصيف بتجهيز غرف للمقيض؛ تتضمن مساحات للتهوية، وتسمح للصقر بالطيران، مشيراً إلى أهمية تعقيم المرابط دوريًا، تلافيًا لإصابة الصقر بمشاكل صحية كالالتهابات وغيرها.

وأضاف أن نادي الصقور السعودي يسعى إلى غرس مفاهيم بيئية لاستدامة هواية الصقارة، من خلال توعية الصقارين بأهم الأساليب والطرق لرعاية الصقور وتربيتها، لا سيما في مرحلة (المقيض)؛ التي تعد فترة حيوية ومهمة في حياة الصقر.

من جانبه أشار خبير الصقور خالد القحطاني إلى أن فترة (مقيض الصقر) هي إحدى الفترات الحيوية للصقر التي تساعده في استعادة الحيوية والتخلص من الريش القديم أو التالف، مما يحسن من أدائه في الطيران والصيد، بالإضافة إلى الحماية من الطقس؛ حيث يوفر الريش الجديد حماية أفضل في الظروف الجوية القاسية، سواءً أكانت حرارة الصيف أو برودة الشتاء، كما أنه يعزز الصحة العامة للصقر، ويمنع تراكم الطفيليات ويقلل من خطر العدوى.

وبيّن القحطاني أن فترة (المقيض) تتطلب عنايةً خاصةً لضمان نجاحها، ويجب توفير بيئة هادئة للصقر؛ تشمل نظام غذائي غني بالبروتينات والفيتامينات لدعم نمو الريش الجديدة، كما يُفضل تقليل نشاطات الصيد والتدريب خلال هذه الفترة لتجنّب إجهاد الصقر.

بدوره ، أوضح الصقار سلطان الخنفري أن الصقار يلعب دورًا مهمًا في دعم (مقيض الصقر)، خاصة لدى الصقور وتوفير الرعاية الصحية اللازمة والفحوصات الدورية، ويساعد في الكشف المبكر عن أي مشاكل قد تؤثر على عملية المقيض، كما أن بناء علاقات وثيقة مع الصقور يسهم في تقليل التوتر خلال هذه الفترة الحساسة.

وأكد الخنفري أن (مقيض الصقر) هو فترة تجدد حيوية تعكس دورة الحياة الطبيعية لهذا الطائر الجارح، فمن خلال فهم أهمية (المقيض) وتقديم الرعاية المناسبة، يمكننا الإسهام في الحفاظ على صحة وقوة الصقور، وضمان استمرارية أدائها الفعّال في الصيد.

يذكر أن نادي الصقور السعودي يسعى منذ تأسيسه إلى ترسيخ مفاهيم ثقافية وبيئية، لحماية الصقور وإحياء الإرث المرتبط بها، ونقله جيلًا بعد جيل.