إن من أهم المبادئ القانونية المتعارف عليها مبدأ قرينة البراءة، إذ يفرض أن يعامل المتهم كأنه بريء حتى ثبوت إدانته بحكم قضائي بات، وقد تقع على شخص ما التهمة دون علمه إما بسبب شكوى ضده أو لوجود شبهة وقرائن جعلته تحت دائرة الاتهام!فالأصل أن نظام الإجراءات الجزائية في المادة 101 نص أنه ابتداء على المحقق عند حضور المتهم للمرة الأولى للتحقيق أن يدون جميع البيانات الشخصية الخاصة به ويبلغه بالتهمة المنسوبة إليه.إذن من حقك كمتهم أولا إحاطتك بالتهمة المنسوبة إليك، وإعلامك بالتهمة، هذا ليس مقصورا على مرحلة التحقيق الابتدائي بل يمتد إلى مرحلة المحاكمة، فكل تعديل أو تغيير في الوصف القانوني للتهمة يلزم إخطارك به.وليس من المنطقي القول بأن المتهم على علم بالتهمة ما لم يفهمها؛ فحق الإحاطة بالتهمة يستلزم حقا آخر يتمثل في حق الفهم، فمتى وجد عائق للمتهم في فهم التهمة المنسوبة إليه له حق الاستعانة بمحام يجيب عن أسئلة الاتهام الموجهة ضده، وذلك ما نصت عليه المادة الـ 4 بأن للمتهم الحق في الاستعانة بمحام.لا يشترط أن يذكر للمتهم الوقائع المنسوبة إليه بالتفصيل بل يكفي أن يلخص له هذه الوقائع ونطاق الإحاطة لا يكون بالتهمة المنسوبة للمتهم فقط بل يلزم إعلامه بالأدلة وبحقيقة الشبهات القائمة ضده لكي يتمكن المتهم من تفنيدها والدفاع عن نفسه.علم المتهم بالوقائع والأدلة القائمة ضده يتيح له تحضير دفاعه من خلال استيعابه لما وجه إليه والتفكير في حجج يدرأ بها التهمة عنه، وإن تعذر على المتهم فهم آلية بناء حجج في الرد على أسئلة الاتهام الموجهة إليه من الضروري أن يوكل محاميا يقوم بهذه المهمة على أكمل وجه عنه، حيث إن فهم التهمة مرتبط في جدوى النتائج للحجج التي ستقدم ضد أسئلة الاتهام؛ فالدفاع لا يكون فعالا ما لم يعلم ويفهم المتهم كل ما يتعلق بالدعوى وبالتهمة، وبغير هذا يصبح حق الدفاع مشوبا بالغموض فاقدا الفعالية.إذن – عزيزي القارئ – في حالة وجهت لك تهمة فمن حقك فهمها، وحالة استعصى عليك فهم هذه التهمة والشبهة التي تدور حولك فمن حقك أن توكل محاميا يقوم بالنيابة عنك بالدفاع ورد أوجه الاتهام المقدمة ضدك.الأمر الآخر من حق المتهم الصمت حالة لم يفهم دوافع التهمة أو الشبهة التي تدور حوله، فكما للمتهم الحرية في الاعتراف أو الإنكار فله الحق في الصمت وعدم الرد على أسئلة المحقق وعدم الإدلاء بأي تصريح – ولا أقصد هنا الصمت بالتصريح بالمعلومات الشخصية للمتهم - لا يؤثر في إجراءات التحقيق فالمحقق يثبت صمت المتهم بمحضر التحقيق وإحالة أوراق الدعوى الجزائية إلى المحكمة المختصة وله الإدلاء بالاعتراف أو الإنكار أمام قاضي الموضوع الذي يقوم بدورة بسؤال المتهم عن جوابه عن التهمة الموجهة ضده وما دفاعه عن الأدلة المقدمة ضده، وهذه الضمانات كفلتها كافة التشريعات للمتهم لضمان حقوقه، حيث إن للمتهم في التشريع السعودي عدة ضمانات تضمن له سلامة إجراءات التحقيق والمحاكمة العادلة.إذن الأمر الذي نؤكد عليه – عزيزي القارئ – أن المتهم في حالة خوفه من استخلاص الأجوبة المفيدة والمؤثرة له في البراءة من التهمة المنسوبة إليه، وحالة خوفه من المحقق إذا كان في أسلوب الآخر الفظاظة فإن له الحق في الصمت والإجابة أمام قاضي الموضوع عن التهمة الموجهة ضده أو الصمت لحين حضور محام للدفاع عنه.expert_55@