الروبوتات تقود الحرب العالمية الثالثة
المحلل الأمريكي هال براندز: معارك العالم ستكون خارج السيطرة بسبب الذكاء الاصطناعي
الثلاثاء / 5 / ذو الحجة / 1445 هـ - 21:46 - الثلاثاء 11 يونيو 2024 21:46
فرضت تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته نفسها بشدة على العالم خلال العامين الأخيرين، في ظل التطورات المتلاحقة التي حققتها هذه التكنولوجيا وفتحت الباب أمام تغييرات لا تعد ولا تحصى في حياتنا اليومية، فالذكاء الاصطناعي سيغير طريقة خدمة الحكومات لمواطنيها وطريقة قيادتنا للسيارات أو قيادة السيارات بنا، وطريقة أحلامنا وطريقة تشخيص الأطباء للأمراض وعلاجها وحتى طريقة إعداد الطلبة للأبحاث وكتابة المقالات الدراسية.في مواجهة كل هذه التغيرات المرتقبة يطرح المحلل الاستراتيجي الأمريكي هال براندز في تحليل نشرته وكالة بلومبيرج للأنباء عددا من الأسئلة الجوهرية، منها هل سيكون الذكاء الاصطناعي ثوريا؟ وهل سيغير ميزان القوة العالمي؟ وهل سيسمح للأنظمة المستبدة بحكم العالم؟ وهل سيجعل الحرب أسرع وأشد ضراوة وخارجة عن السيطرة؟ باختصار هل سيغير الذكاء الاصطناعي إيقاع تطورات الشؤون العالمية؟أشد تدميرامن السابق لآوانه تقديم إجابة قاطعة على هذه الأسئلة، فتأثيرات الذكاء الاصطناعي ستتوقف في النهاية على قرارات القادة والدول وفقا للتقرير، وأحيانا ما تأخذ التكنولوجيا مسارا معاكسا بشكل مفاجئ، وحتى في ظل انبهارنا وقلقنا بالإصدار الجديد من منصة الذكاء الاصطناعي الأشهر شات جي.بي.تي، فإنه علينا مواجهة الأسئلة الأعمق حول الشؤون الدولية في عصر الذكاء الاصطناعي، وعلينا التفكير في الاحتمال المفاجئ وهو أنه ربما لا يغير الذكاء الاصطناعي العالم بالقدر نفسه الذي نتوقعه لكنه هل سيجعل الحرب خارجة عن السيطرة؟ يقول براندز أستاذ كرسي هنري كيسنجر في مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية «إن الذكاء الاصطناعي سيجعل الصراعات أشد تدميرا وأصعب في الاحتواء».قيادة الروبوتاتيطرح المحللون تصورا لمستقبل تستطيع فيه الروبوتات قيادة الطائرات المقاتلة أفضل من الإنسان، وتستطيع الهجمات الالكترونية الآلية تدمير شبكات معلومات العدو، وتؤدي الخوارزميات المتقدمة القوية إلى تسريع عمليات اتخاذ القرار العسكري. ويحذر البعض من أن عملية اتخاذ القرار بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد سريع بما في ذلك التصعيد النووي، بصورة تجعل صناع القرار أنفسهم مندهشين مما حدث، باختصار إذا كانت خطط الحرب وجداول تسيير القطارات سببا في الحرب العالمية الأولى فقد يصبح الذكاء الاصطناعي سببا في الحرب العالمية الثالثة التي ستقودها الروبوتات. الذكاء الاصطناعي سيغير الحرب بالطبع، بدءا من إتاحة الصيانة الاستباقية للمعدات وحتى زيادة دقة الاستهداف بصورة مذهلة.حقبة الصراعاتتوصلت لجنة الأمن القومي المعنية بالذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة عام 2021، إلى أن العالم سيعيش حقبة جديدة من الصراع، يهيمن عليها الجانب الذي يتقن طرقا جديدة للحرب. ورغم ذلك فإن تاريخ الحروب عبر العصور يقول إن الابتكارات تجعل الحروب أسرع وأشد ضراوة، لكنها لا تجعل التصعيد خارج عن السيطرة، وقد ناقشت الولايات المتحدة والصين ضرورة ألا تكون عمليات القيادة والسيطرة على الترسانة النووية لدى البلدين خاضعة للأنظمة الآلية، وهو التعهد الذي قطعته الولايات المتحدة على نفسها بشكل مستقل لسبب بسيط، وهو أن الدول لا ترغب بالتأكيد في التخلي عن السيطرة على أسلحة يمكن أن يمثل خطرها تهديدا وجوديا للدولة نفسها في حال انطلاقها. والحقيقة هي أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقلل مخاطر التصعيد العالمي من خلال مساعدة صناع القرار على تجاوز الغموض المحيط بأي أزمة أو صراع.ضرب من الخيالتعتقد وزارة الدفاع الأمريكية أن الأدوات الاستخباراتية والتحليلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تساعد البشر في تدقيق المعلومات المربكة أو المجزأة المتعلقة باستعدادات العدو للحرب، أو ما إذا كان هناك بالفعل هجوم صاروخي مخيف، وهذا ليس ضربا من الخيال العلمي، لأن الولايات المتحدة استفادت من الذكاء الاصطناعي في اكتشاف نوايا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لغزو أوكرانيا عام 2022، معنى هذا أن الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يخفف حدة التصعيد بالقدر نفسه الذي يمكن أن يساهم فيه في زيادتها.تشويه السمعةمع الانتقال إلى السؤال الثاني المتعلق بمدى استفادة الدول المستبدة من الذكاء الاصطناعي لفرض هيمنتها على الشؤون الدولية، يحذر محللون مثل يوفال نواه هراري من أن الذكاء الاصطناعي سيقلل تكلفة الاستبداد ويزيد من عائده، فأجهزة الاستخبارات في الدول المستبدة التي تمتلك أجهزة ذكاء اصطناعي قوية لن تحتاج إلى قوة بشرية كبيرة لجمع وتحليل كميات ضخمة من البيانات عن شعوبها، بما يتيح لها على سبيل المثال رسم خرائط دقيقة لشبكات الاحتجاجات وتفكيكها.تفكيك التحالفاتالحقيقة أن الخلافات بين الولايات المتحدة وأوروبا في هذا المجال لا تدعو للتفاؤل، كما أن هناك دولا ديمقراطية أخرى مثل الهند تفضل التحرك المستقل في مجال التكنولوجيا وخاصة الذكاء الاصطناعي، ورغم ذلك يرى هال براندز أنه من السابق لأوانه القول إن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى تفكك تحالفات الولايات المتحدة الدولية. وفي النهاية يقول هال براندز الباحث الزميل في معهد أمريكان إنتربرايز المؤلف المشارك لكتاب «منطقة الخطر: الصراع القادم مع الصين» وعضو مجلس الشؤون الخارجية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية «إننا لا نستطيع التنبؤ بالمستقبل، وقد يصل الذكاء الاصطناعي إلى طريق مسدود أو يتسارع تطوره بما يتجاوز توقعات أي شخص، ولكن وقبل كل شيء فإن التكنولوجيا ليست قوة مستقلة، وشكل تطور هذه التكنولوجيا وغيرها، وكذلك تأثيراتها يتحدد من خلال القرارات التي ستتخذ في واشنطن وفي جميع أنحاء العالم.إمبراطورية البرمجياتتشير بعض التقديرات إلى أن تكلفة البنية التحتية التي تدعم منصة المحادثة الآلية «بنج أيه.آي» التابعة لإمبراطورية البرمجيات والتكنولوجيا الأمريكية مايكروسوفت تبلغ 4 مليارات دولار، معنى هذا أنه يمكن لأي شخص تقريبا أن يكون من مستخدمي الذكاء الاصطناعي، لكن لكي يكون منتجا له فهو يحتاج موارد وفيرة، ولهذا فإن الدول متوسطة القوة الغنية تستطيع أن تحقق تقدما كبيرا في هذا المجال، كما أن الولايات المتحدة بما لديها من شركات تكنولوجيا عملاقة ما زالت هي الرائدة فيه.وعن مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على توازن القوى في العالم، يقول المحللون في مركز الأمن والتكنولوجيا الناشئة في جامعة جورج تاون الأمريكية «إن الولايات المتحدة وحلفاءها يستطيعون التفوق على الصين في مجال التكنولوجيا إذا وحدوا جهودهم، لذلك فإن أمل الصين هو أن ينقسم العالم المتقدم فيما يتعلق بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي».توقعات الخبير هال براندز للمستقبل:
- سيقود الذكاء الاصطناعي الحرب العالمية الثالثة.
- سيجعل المعارك أشد ضراوة وخارج السيطرة.
- سيؤدي إلى تغيير ميزان القوى العالمي.
- يسمح للأنظمة المستبدة بإحكام سيطرتها على شعوبها.
- يغير إيقاع تطورات الشؤون العالمية.
- قد يصل العالم إلى طريق مسدود أو يتسارع تطوره.