أخبار للموقع

كاوست" و"وزارة البيئة والمياه والزراعة" تنقلان إنتاج الطحالب إلى المستوى الصناعي لتعزيز الأمن الغذائي للمملكة

طّور علماء في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) تقنيات جديدة لإنتاج طحالب دقيقة بكميات صناعية يمكن استخدامها كأعلاف حيوانية ذات قيمة غذائية عالية، الأمر الذي يتماشى مع اهتمامات الدول التي تتطلع إلى الحد من استيراد الأعلاف الحيوانية من الخارج وتعزيز أمنها الغذائي المحلي.

وتعتبر الطحالب من الأغذية 'فائقة الجودة' نظرًا لكثافتها الغذائية الشاملة وسهولة زراعتها بتكلفة زهيدة باستخدام أشعة الشمس وثاني أكسيد الكربون والماء فقط. ومع ذلك، فإن زراعتها بكميات ضخمة، وعلى نطاق واسع أمر صعب، مما يعني أننا لم نصل بعد إلى الاستفادة الحقيقية من إمكاناتها الواعدة.

وفي خطوة أولى نحو هذا المسار، قام العلماء في المركز السعودي لتطوير التقنية الحيوية للطحالب والاستزراع المائي في كاوست، بتطوير سلالات طحالب خاصة من نوع 'سبيرولينا وكلوريلا' يمكنها أن تتكيف على نحو فريد مع مياه البحر المالحة. ويمثل هذا الابتكار نقلة نوعية حيث يلغي الحاجة إلى المياه العذبة في الزراعة؛ مما يجعل إنتاج أعلاف الماشية من الطحالب عملية مستدامة ومجدية اقتصاديًا.

تستورد المملكة العربية السعودية حاليًا معظم المواد الخام التي تحتاجها لإنتاج الأعلاف الحيوانية - البروتين والدهون والكربوهيدرات - من دول مثل البرازيل والولايات المتحدة الأمريكية. ولكن مع الأبحاث الرائدة في كاوست، يمكن أن تصبح الطحالب الدقيقة المنتجة محليًا بديلاً عن 13 مليون طن من مواد الأعلاف المستوردة التي يُتوقع أن تحتاجها المملكة سنويًا بحلول عام 2030.

وبذلك، تتوافق خطة المملكة لزراعة الطحالب وإنتاجها على نطاق صناعي مع أهداف رؤية السعودية 2030 من خلال زيادة أمنها الغذائي المحلي وتقليل اعتمادها على الأعلاف والمواد الخام المستوردة.

وعلق الدكتور إيان كامبل، نائب رئيس كاوست لمعهد التحول الوطني على هذه الخطوة 'ستلعب الطحالب دورًا رئيسيًا في تحقيق أهداف الأمن الغذائي للمملكة، وستجلب معها فوائد متعددة يمكننا تطبيقها على مبادرات أخرى. إن الإنتاج بهذا الحجم يضع المملكة في مكانة رائدة عالميًا في مجال تطوير التقنية الحيوية للطحالب'.

ويمثل افتتاح المركز الجديد تدشين المرحلة الثانية من المشروع المشترك بين شركة المنارة للتطوير التابعة لكاوست ووزارة البيئة والمياه والزراعة، وبإشراف من البرنامج الوطني لتطوير الثروة السمكية التابع للوزارة. وقد أظهرت المرحلة الأولى للمشروع التجريبي الذي بدأ في عام 2022 أن سلالات مختلفة من الطحالب المحلية يمكنها أن تنمو وتزدهر في ظروف صحراوية متغيرة، وأن تطلعات المملكة لتنمية الزراعة كانت واقعية ومستدامة. وستعمل المرحلة الثانية الآن على توسيع العمليات على نطاق صناعي، حيث ستزداد مساحة المرفق من 1000 متر مربع كمصنع تجريبي للطحالب إلى مركز كبير بمساحة 42,000 متر مربع، يشكل مرفقاً ضخماً للإنتاج الصناعي والتجاري للطحالب.

ويحتوي المركز الجديد على مرافق ومعدات متخصصة للأنشطة البحثية، بما في ذلك المختبر الوحيد للتقنية الحيوية التطبيقية للطحالب في شبه الجزيرة العربية. وسيتم مبدئيًا إنتاج ما يصل إلى 100 طن من الكتلة الحيوية للطحالب سنويًا، أي ما يقرب من خُمس إجمالي الإنتاج الحالي في أوروبا، وسيتمكن الباحثون والعلماء المتميزون عالميًا من زيارة المركز والمساعدة على تطوير تقنيات وعمليات ومنتجات جديدة من شأنها أن تدعم برامج الأمن الغذائي حول العالم.

وستساعد المرحلة الثانية أيضًا المملكة على تطوير صناعة الاستزراع المائي، وهو هدف رئيسي آخر لرؤية السعودية 2030، لما تقدمه من إمكانات هائلة كمصدر للأغذية المحلية الطازجة. وقد حددت المملكة العربية السعودية هدفًا طموحًا يتمثل في إنتاج 530 ألف طن متري من المأكولات البحرية سنويًا بحلول عام 2030. وسيعمل المركز على تعزيز الاستزراع المائي المتكامل ومتعدد العناصر الغذائية عبر نظام دائري مستدام تُستخدم فيه الطحالب لتغذية الأسماك. ثم يتم بعد ذلك استخدام المخلفات العضوية الناتجة عن الأسماك كالنيتروجين والفسفور لتغذية الطحالب.

وسيستخدم المشروع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المحتجزة والمعالجة من مولد قريب لتغذية الطحالب، مما يقلل البصمة الكربونية للمشروع بما يقدر بنحو 150 طنًا من ثاني أكسيد الكربون المحتجز سنويًا.

وقال مدير برنامج الطحالب في شركة المنارة للتطوير في كاوست، الدكتور كلاوديو غرونوالد 'لقد أثبتنا أن إنتاج الطحالب الدقيقة هي تقنية مجدية ومستدامة وموثوقة للمملكة العربية السعودية ليس فقط لإنتاج المواد الخام لتغذية الحيوانات، ولكن أيضًا لعزل ثاني أكسيد الكربون، والمعالجة الحيوية للمياه العذبة والمياه قليلة الملوحة، والأهم من ذلك، مياه البحر، وحتى إنتاج مستقلبات عالية القيمة يمكن استخدامها في صناعات تتراوح من علف الحيوانات إلى الأدوية'.

كما تساهم هذه المبادرات أيضًا بتحقيق هدف ثالث لرؤية السعودية 2030 وهو تحسين مهارات القوى العاملة في المملكة العربية السعودية وتنويع اقتصادها. بالإضافة إلى توسيع نطاق العمليات لضمان نجاح إنتاج الطحالب تجاريًا، ويقدم المركز تدريبًا عمليًا في كل من إنتاج الطحالب والاستزراع المائي للجيل القادم من المتخصصين والمهنيين السعوديين.