شتاء قارس يفاقم الأوجاع في غزة
هبة وأحمد يحتضنان طفليهما الصغيرين داخل خيمة بلا بطاطين أو مراتب
الثلاثاء / 13 / جمادى الآخرة / 1445 هـ - 00:22 - الثلاثاء 26 ديسمبر 2023 00:22
فيما يكافح الفلسطينيون للبقاء على قيد الحياة وسط الظروف الصعبة التي تعيشها غزة بين القصف والحصار والجوع، والنقص الحاد في الغذاء والمياه النظيفة الصالحة للشرب، جاءت أمطار الشتاء وسيوله لتفاقم من جراحهم وآلامهم.معاناة حقيقية تزداد يوما وراء الآخر، سرد تقرير نشر في صحيفة «نيويورك تايمز» جانبا منها، ونقل أوجاع وآلام زوجين يكافحان للحفاظ على دفء طفليهما.يروي التقرير ما حدث في أحد الليالي، وسط هطول أمطار غزيرة وانخفاض درجات الحرارة، حيث كانت هبة وإيهاب أحمد يحتضنان طفليهما الصغيرين بإحكام، معتمدين على حرارة أجسامهما وبطانية رقيقة لإبقائهما دافئين بينما تدخل الأمطار والرياح من خلال الفتحات الموجودة في خيمتهم المؤقتة.خيمة صغيرةتعد أسرة أحمد من بين 1.9 مليون من سكان غزة الذين تقول الأمم المتحدة إنهم نزحوا منذ أن بدأت إسرائيل حملة القصف المتواصلة وعملياتها البرية الموسعة في 7 أكتوبر.تقول هبة أحمد (36 عاما) «ليس لدينا ما يبقينا دافئين وجافين، نحن نعيش في ظروف لم أكن أتخيلها أبدا طوال حياتي»، وقال إيهاب أحمد (45 عاما)، «إنهم جاؤوا إلى حي المواصي جنوب غزة قبل ثلاثة أسابيع، مع دخول فصل الشتاء».ولجأت الأسرة المكونة من سبعة أفراد إلى خيمة صغيرة واهية بنوها باستخدام النايلون باهظ الثمن وبعض الألواح الخشبية»، وأضاف «إنهم يتقاسمونها مع 16 من أقاربهم الآخرين، وتابع مازحا: «إنها ليست حتى خيمة مناسبة، أولئك الذين يقيمون في خيام حقيقية هم البرجوازيون في غزة».دخان وناروأضاف «إنه خلال النهار، يحاول هو وابنه الأكبر العثور على الحطب والكرتون لإشعال نار صغيرة، ويستخدمونها للطهي والتدفئة.وعبر عن ظروفه المعيشية في مقابلة عبر الهاتف «أنا أتحدث إليكم بينما يعميني دخان النار»، وفي الخلفية، يمكن سماع شخص يسعل بشكل لا يمكن السيطرة عليه»، وأضاف «الدخان يؤذي رئتينا أيضا».وأعربت الأمم المتحدة وجماعات حقوقية أخرى في الأيام الأخيرة عن مخاوف متزايدة بشأن زيادة انتشار الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا والإسهال المزمن في غزة مع نقص المياه النظيفة والصالحة للشرب والظروف غير الصحية، ووفقا لليونيسيف، فإن الأطفال هم الأكثر تضررا من تزايد معدلات الإصابة بالأمراض المعدية.صراخ وألموأوضح أحمد أن الابنة الوحيدة لهما وأصغر أطفالهما، جنى (9 سنوات)، تعاني من آلام شديدة في البطن منذ نحو أسبوعين، ربما بسبب الجفاف الشديد، وقال «إنه لم يتمكن من نقلها إلى مستشفى أو عيادة لأن المراكز الطبية القليلة التي لا تزال تعمل مكتظة بالكامل ويصعب الوصول إليها سيرا على الأقدام.وأضاف «كانت تصرخ من الألم، وكل ما يمكننا فعله هو أن نعطيها بعضا من مياه الأمطار لتشرب».كان الطقس دافئا عندما فر أحمد مع زوجته وأطفاله الخمسة من منزلهم في مدينة بيت حانون الشمالية خلال الأيام الأولى من الحرب، وقالت هبة أحمد، إنهم، مثل كثيرين آخرين، لم يتوقعوا أن يرحلوا لفترة طويلة، وقد فروا مع بعض الوثائق والملابس الصيفية التي كانوا يحملونها على ظهورهم.ولفت أحمد «كنت أبحث عن ملابس دافئة مستعملة، لكنهم يبيعونها بأسعار جنونية لا أستطيع تحملها».تدهور الأوضاعتدهور الوضع الإنساني في غزة بشكل متسارع منذ إطلاق إسرائيل عملية عسكرية ضخمة في السابع من أكتوبر مع تدمير القصف العنيف مناطق واسعة من القطاع الساحلي في الأسابيع التالية، وفرض حصار مطبق.وأوصلت شاحنات تحمل مساعدات من مصر بعض الأغذية والمياه والأدوية، لكن الأمم المتحدة تقول إن كمية الأغذية تساوي 10 % فقط من الكمية التي يحتاج إليها سكان القطاع الذين نزح معظمهم.وقالت لجنة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي لغزة «يوجد خطر وقوع مجاعة ويتزايد كل يوم يستمر أو يتفاقم فيه الوضع الحالي من أعمال العنف المكثفة وتقييد دخول المساعدات الإنسانية».معاناة كارثيةوتذكر اللجنة أن الأزمة أو مستويات المرحلة الثالثة من الجوع تعني أن الأسر تعاني من ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد أو بوسعها فحسب تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات من خلال استراتيجيات التعايش مع الأزمات أو استهلاك أصول أساسية، وأشد تحذيرات اللجنة هو المرحلة الخامسة التي يوجد بها مستويان هما الكارثة والمجاعة.وخلصت اللجنة إلى أن أسرة من كل أربع أسر على الأقل، أو 577 ألف شخص، في غزة تواجه بالفعل جوعا كارثيا وتعاني من النقص الشديد في الأغذية والتضور جوعا واستنفاد قدرات التعايش.لحم حميروتعلق بعض سكان غزة ممن أصابهم اليأس بشاحنات المساعدات لمحاولة انتزاع إمدادات الغذاء الشحيحة وبضائع أخرى.ووردت تقارير أيضا تفيد بأن السكان يأكلون لحم الحمير وتتحدث عن المرضى الهزلى الذين يسعون إلى تلقي المساعدة الطبية.وقال عارف حسين، كبير الخبراء الاقتصاديين ومدير البحث في برنامج الأغذية العالمي «هذا التقرير يؤكد نوعا ما أسوأ مخاوفنا»، واصفا الأزمة بأنها «غير مسبوقة».وأضاف لرويترز في مقابلة «أفعل هذا منذ العشرين عاما الأخيرة أو يزيد، ذهبت إلى أفغانستان، وذهبت إلى اليمن وإلى سوريا وجنوب السودان وإثيوبيا وشمال شرق نيجيريا، لكن لم أشهد قط حدوث أمر بهذا السوء بهذه السرعة».أزمة جوعوأشار إلى أنه على مدى 23 يوما، كنا نحاول العثور على بطانيات ومراتب، لقد كنا ننام على ملاءة رقيقة ونشكل الرمال على شكل وسادة لإراحة رؤوسنا»، كما تحدث عن ندرة الطعام والأغذية، وعدم وصول المساعدات إليهم.وقالت لجنة مدعومة من الأمم المتحدة في تقرير حديث، «إن كل سكان غزة وعددهم 2.3 مليون نسمة يواجهون مستويات أزمة جوع وخطر مجاعة يتزايد كل يوم».وذكر التقرير الصادر عن لجنة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن نسبة الأسر المتأثرة بارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في غزة هي الأكبر المسجلة على الإطلاق على مستوى العالم.مستوى الجوع في غزة:
- 577 ألفا يواجهون جوعا كارثيا
- %37 من الجوعى في المرحلة الثالثة
- %10 من الجوعى في المرحلة الرابعة
- %75 من الجوعى أطفال ونساء