ماذا يريد الحوثيون من حرب غزة؟
باحث أمريكي: قيادة متوهمة تنفق مواردها لإلهاء اليمنيين وتتركهم يعيشون أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان
الأربعاء / 1 / جمادى الأولى / 1445 هـ - 23:21 - الأربعاء 15 نوفمبر 2023 23:21
قلب التحول المفاجئ للحوثيين من محادثات السلام إلى الهجمات الصاروخية التي تستهدف إسرائيل ما بدا أنه ارتداد عن العنف ولجوء إلى لغة الحوار.وقال الباحث الأمريكي آشر أوركابي في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» إنه قبل أقل من شهر، بدا الأمر كما لو أن جماعة الحوثي على وشك التوصل إلى اتفاق سلمي مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وأدى هدوء القتال النشط في اليمن إلى اعتقاد البعض بأن الجماعة المسلحة قد هدأت وأنها مستعدة للجلوس على الطاولة الدبلوماسية، وتمثيل مصالح سكان اليمن الشماليين.وأثار تطبيع العلاقات الحوثية مع دول الجوار مزيدا من التشكيك في الروابط المزعومة بين الجماعة المتمردة وإيران، لكن في تناقض صارخ، بعد هجمات غزة في 7 أكتوبر، سمحت قيادة الحوثيين بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة عدة في اتجاه المنطقة الجنوبية لإسرائيل.قيادة متوهمةيقول أوركابي إن الانضمام إلى حرب بعيدة وإنفاق موارد ثمينة في الوقت الذي تعاني فيه البلاد مما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان في العالم قد يبدو وكأنه سلوك قيادة متوهمة، ومع ذلك فقد تم القيام به في الواقع بحسابات باردة ويحمل عواقب إقليمية مخيفة أكثر بكثير من عدد قليل من الصواريخ.ومع استمرار الحرب في اليمن منذ الهجوم الحوثي الأول على العاصمة صنعاء في 2014، ازداد استياء السكان من الوضع الإنساني البائس وتقييد السفر والحكم الصارم، ولم يعد شعار الحوثيين «الموت لأمريكا.. اللعنة على اليهود» لا يفعل الكثير لتحسين الحياة اليومية لليمنيين.وفي ظل تراجع شعبيتهم وشرعيتهم، اتجه الحوثيون إلى طاولة المفاوضات مع السعودية، وهم على استعداد ظاهريا للتفاوض على وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع.خطاب متشددفي 7 أكتوبر وفر هجوم «حماس» ثم حرب إسرائيل على غزة هدية سياسية للحوثيين، حيث خرج ملايين المتظاهرين إلى الشوارع في جميع أنحاء الشرق الأوسط، احتفالا بحماس، ودعوا إلى مزيد من العنف ضد إسرائيل.وألقى عبدالملك الحوثي خطابا متشددا، مستشعرا الاحتجاج الشعبي المتزايد وفرصة لتعزيز صورة جماعته، محذرا الولايات المتحدة وإسرائيل من دخول الحوثيين المحتمل في الحرب.ويقول أوركابي إنه منذ احتجاجات الربيع العربي في 2011، التي أطاحت بجيل من «الدكتاتوريين» في الشرق الأوسط، لم يتدفق هذا العدد من اليمنيين إلى شوارع صنعاء.ويضيف أنه في أكتوبر 2023، لم تكن الدعوات في الشوارع من أجل إنهاء الديكتاتورية العسكرية للرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي حكم البلاد لفترة طويلة، بل من أجل تدمير إسرائيل، وهي فكرة متحمسة عززتها أجيال عدة.حشد كبيربمشاهدة مئات الآلاف من المتظاهرين في الشارع، الذين تجمعوا لأسباب لا علاقة لها بالسياسة اليمنية، رأت قيادة الحوثيين فرصة لحشد الرأي العام لصالحهم، وبدلا من مجرد الاستمرار في ترديد شعارها الذي يدعو إلى «الموت لأمريكا»، اختارت المؤسسة العسكرية الحوثية إعلان الحرب، وإطلاق الصواريخ على مدينة إيلات الساحلية جنوبا، وعلى الأرجح المواقع النووية الإسرائيلية حول مدينة ديمونة.وبهذا القرار ربما يكون الحوثيون قد تمكنوا من إحياء شعبيتهم الضعيفة في اليمن وانسحبوا من جانب واحد تقريبا من مفاوضات السلام مع السعودية، ولن يروا بعد الآن الحاجة إلى التوصل إلى تسوية سياسية مع خصومهم، بعد أن قاموا بتحول في اتجاه العلاقات العامة لتحسين حظوظهم السياسية المتدهورة.وكان إعلان الحوثيين الحرب في الواقع إعلان انتصار ضد قوات المعارضة في اليمن، والتي لا يمكن لأي منها الآن منافسة الجماعة التي صورت نفسها على أنها محارب مقدس ضد إسرائيل.زعزعة الاستقراريرى أوركابي أن حقيقة أن الحوثيين أطلقوا صواريخ باليستية على إسرائيل وعرضوا المواطنين اليمنيين للخطر ليس لها تأثير يذكر على قيادة الحوثيين التي تقودها أيديولوجية متطرفة وعنيفة.ومن خلال مهاجمة إسرائيل والدخول في الصراع إلى جانب حماس وحزب الله، أعلن الحوثيون رسميا عن انتمائهم إلى إيران، ويتم تدريب وكلاء إيران المسلحين لغرض واحد وهو زعزعة استقرار الحكومات، وإغراق المنطقة في اضطرابات ودمار دائمين.ومع ذلك فإن صياغة أفعالهم على أنها حرب ضد إسرائيل، تسمح لهؤلاء الوكلاء الإيرانيين بدرجة واسعة من الحرية في سلوكهم السياسي، حيث سيتم الآن وصف أي مجموعة أو فرد يعارض تفوقهم وحكمهم بأنه متعاطف مع الصهيونية.نقطة اختناقنمت شعبية تحالف الوكلاء المسلحين الإيرانيين بين عشية وضحاها، مع تصويرهم كأبطال من قبل العامة كدليل على الطبيعة المنتشرة لحملاتهم الدعائية العالمية.ويرى أوركابي أنه ليس هناك شك في أن قوات الحوثيين ستستمر في إطلاق الصواريخ على إسرائيل، مدركة أنه حتى الفرصة البعيدة لضربة ناجحة ستزيد من مكانة جماعتهم في المنطقة بشكل كبير، ومع ذلك فإن خطر صعود الحوثيين وتشددهم لا يقتصر على الجيران، ويطل الجزء الذي يسيطر عليه الحوثيون من اليمن على نقطة الاختناق البحرية المهمة لمضيق باب المندب، ويبلغ عرضه 29 كلم فقط في أضيق نقطة له، وهو رابع أكثر الممرات المائية ازدحاما في العالم، حيث يربط بين البحر الأحمر والمحيط الهندي.نشر الفوضىفي ختام تقريره يقول أوركابي إنه سيكون لإعلان الحوثيين الحرب ضد إسرائيل تداعيات محليا وإقليميا وعالميا، وسيتم إعلان النصر في الحرب الأهلية في اليمن، حيث لعب الحوثيون أقوى أوراقهم في مهاجمة إسرائيل والاستفادة من المشاعر الشعبية الصاخبة التي تحتفل بموقف حماس.واكتسبت إيران ووكلاؤها اليد العليا في المنطقة، مع القدرة على نشر الفوضى وعدم الاستقرار، وكل ذلك باسم خوض حرب ضد إسرائيل.وقد دفع الحوثيون أنفسهم إلى مركز المشاحنات الدبلوماسية في المنطقة.وقد يكون تركيز العالم على غزة الآن، لكن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها الحوثيون حولت التهديدات المحتملة في منطقة الشرق الأوسط الأوسع إلى مخاطر حقيقية وأجبرت العالم على تركيز الانتباه عليها.ومع ذلك فقد بدأ للتو رؤية تداعيات هذه الأخطار.لماذا تداخل الحوثيون في الحرب؟
- حشد الرأي العام اليمني لصالحهم.
- إحياء شعبيتهم الضعيفة في اليمن.
- محاولة تحسين حظوظهم السياسية المتدهورة.
- تصوير أنفسهم على أنهم أبطال داعمون للفلسطينيين.
- الإعلان عن انتمائهم الأساسي لإيران.
- الحصول على مزيد من الدعم الإيراني.
- الانسحاب من مفاوضات السلام من جانب واحد.