العالم

مصريون وسوريون يروون قصص الجحيم في درنة

قرية فقدت أغلب شبابها.. وحصيلة ضحايا إعصار دانيال تتجاوز 20 ألفا

الدمار في درنة الليبية     (مكة)
أحزان وآلام عابرة للدول والقارات حملها إعصار دانيال الذي قتل أكثر من 20 ألف شخص في مدينة درنة الليبية، بينهم مئات المصريين والسوريين وعدد كبير من السودانيين والتوانسة والمغاربة والأفارقة وغيرهم.وفيما فقدت قرية نزلة الشريف بمحافظة بني سويف المصرية 74 شابا من أبنائها في مدينة درنة المنكوبة، حملت قائمة الضحايا صورة لطبيب أسنان سوري وحلواني يصنع الحلويات العربية الشهية ونجار ونماذج لسوريين غادروا بلادهم التي مزقتها الحرب إلى مدينة درنة الليبية على مدى السنوات الماضية، بحثا عن عمل وفرص أفضل.آهات مكتومة وقصص مأسوية يرويها مصريون وسوريون نجوا من الإعصار أوفقدوا ذويهم فيه، تجسد حجم الجحيم الذي عاشته درنة وعدد من المدن الليبية.قائمة الموتىكان المزارع المصري أشرف سعداوي عبدالفتاح يسقي محاصيله بجوار نهر النيل جنوب العاصمة القاهرة، ويتصفح هاتفه المحمول عندما علم بوفاة اثنين من أبنائه في الفيضانات التي اجتاحت ليبيا.واطلع عبدالفتاح على قائمة أرسلت على وسائل التواصل الاجتماعي بأسماء المصريين الذين قتلوا في الفيضانات المروعة التي اجتاحت مدينة درنة في ليبيا قبل أيام، وكان اسما ابنيه محمد (23 عاما)، وعبدالرحمن (19 عاما) على القائمة، إلى جانب 6 أقارب وعشرات الرجال الآخرين من قريتهم نزلة الشريف بمحافظة بني سويف.يقول عبدالفتاح لوكالة «أسوشيتد برس «إنها ليست صدمة كبيرة للعائلة فقط، بل للقرية بأكملها» بعدما توفي ما لا يقل عن 74 رجلا من القرية جراء الفيضانات، بعضهم لا يتجاوز عمره 17 عاما، عندما تسبب الإعصار دانيال في كارثة كبيرة».جحيم مروعوقال رشاد عزت عبدالحميد، وهو مصري (45 عاما) نجا من الكارثة «كان الأمر أشبه بالجحيم»، وأضاف أنه و7 مصريين هرعوا إلى سطح مبنى مكون من 3 طوابق عندما اجتاح جدار المياه شارعهم بوسط المدينة.وذكر أن عددا لا يحصى من الأشخاص جرفتهم المياه، وعندما هبط من سطح المبنى بعد أن هدأت العاصفة قليلا، كان المشهد مروعا.وتناثرت الجثث والملابس والسيارات المحطمة والأثاث في الشوارع، وقد غطاها الطين والحطام، وانهارت المباني أو دمرت جزئيا، ووجد الناس حوله ينتحبون.وقال عبدالحميد الذي عاد إلى مصر إن آخرين جرفتهم الأمواج إلى البحر، مضيفا «غرقت عائلات بأكملها داخل منازلها.. لم يبق شيء سوى الأنقاض».جنازة جماعيةوفي نزلة الشريف على بعد 167 كلم من القاهرة، تم دفن 74 من رجال القرية في جنازة جماعية، حضرها مسؤولون محليون ومئات القرويين، وقال مصطفى عويس مصطفى، وهو موظف حكومي متقاعد «فقدت بعض العائلات ابنا واحدا، وبعضها اثنين، وفقد آخرون 3.. ذهب هؤلاء الشباب إلى هناك لمساعدة أسرهم».وسافر محمد، نجل عبدالفتاح، إلى ليبيا قبل 3 سنوات لتحسين مستوى معيشتهم، حيث عمل كعامل يومية في درنة.وفي وقت سابق من العام الحالي انضم عبدالرحمن إلى شقيقه في درنة بعد عامين من البحث عن عمل في مصر دون جدوى، على حد قول والدهما.ويضيف «آخر مرة تحدثت إليهما كانت 8 سبتمبر، عبر مكالمة مصورة لمدة نصف ساعة مع بقية أفراد الأسرة.وتحدث محمد مع والدته عن خططه للزواج واستمع سعيدا إلى أخبار مسكنه الجديد الذي كان يعده للزواج فيه، والذي كان والده يشيده له، بإضافة طابق ثالث فوق منزل العائلة.كارثة وصدمةلا يجد عبدالفتاح سوى القليل من العزاء في حقيقة أنه تمكن من دفن أبنائه، فقلبه مع القرويين الآخرين الذين دفن أبناؤهم على بعد مئات الكيلومترات في مقابر جماعية في ليبيا.ويواصل النظر إلى صور أبنائه على هاتفه، وتخنقه الدموع، فيقول «أرادوا أن نعيش حياة أفضل... إنها كارثة.. كارثة للقرية بأكملها».كما توفي أبناء شقيق عبدالفتاح الثلاثة في درنة.وقال إن والدتهم في حالة صدمة، ولم تعد قادرة على الحديث.رحلات الموتفي المقابل يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه تأكد مقتل 42 سوريا في ليبيا في حين أن العدد الحقيقي قد يصل إلى 150، ومن بين الضحايا سوريون كانوا يعيشون ويعملون في ليبيا لفترة طويلة، ومهاجرون سوريون كانوا يستخدمون ليبيا كنقطة عبور في جهودهم للوصول إلى أوروبا، في أغلب الأحيان عن طريق رحلات محفوفة بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط، في قوارب غير آمنة ينظمها المهربون.قبل عامين غادر عمار كنعان نجل نسمة جباوي البالغ من العمر (19 عاما) منزله في محافظة درعا جنوب سوريا، توجه إلى ليبيا حيث خطط للعمل وتوفير المال لدفع رسم للنظام السوري يبلغ حوالي 8000 دولار يعفيه من الخدمة العسكرية الإجبارية. وقالت نسمة إن ابنها تحدث معها آخر مرة بعد ظهر الأحد الماضي، أخبرها بأنه سيغلق محل الحلويات الذي يعمل فيه ويعود إلى منزله لأنه من المتوقع حدوث عاصفة قوية، وحاولت مرارا الاتصال به، الاثنين الماضي، دون جدوى.فوضى ودمارقالت نسمة والدموع تخنقها «لا يزال لدينا أمل»، لكنها تستدرك: توجه عم كنعان بالسيارة إلى درنة من مدينة بنغازي بشرق ليبيا حيث يعمل، ليجد أن المبنى الذي يعيش فيه ابن أخيه قد جرفته المياه، كل من كان بالداخل يعد ميتا».من جانبه قال رامي عبدالرحمن، مدير المرصد، إنه لم يتمكن من التأكد من وجود ناج واحد من بين 150 سوريا مفقودين في درنة، لكن من الصعب الحصول على أرقام محددة في أعقاب الفوضى التي أعقبت الدمار.ويضيف: مثلما هو الحال في سوريا، حيث أودت الحرب الأهلية بحياة نصف مليون شخص وأجبرت أكثر من 5 ملايين على التحول إلى لاجئين في جميع أنحاء العالم، مرت ليبيا بسنوات من الصراع.عائلة كاملةزيد مرابح (19 عاما) جاء إلى ليبيا قبل عامين من مدينة حمص وسط البلاد وعمل نجارا، وروى للأسوشيتد برس عبر الهاتف من درنة كيف شاهد المياه تتدفق نحو مبناه، يقول «سمعت دويا عاليا».وكانت هذه هي اللحظة التي انهارت فيها السدود، رأى المياه تدمر كل شيء تقريبا في طريقها.عاد مرابح صباح الاثنين بعد أن انحسرت المياه للاطمئنان على عمه وأقاربه.اختفى المبنى الذي كانوا يعيشون فيه. وقال إن عمه عبدالإله مرابح وخالته زينب وابنتهما شهد البالغة من العمر سنة واحدة لقوا حتفهم.وقال إنه بحث في صفوف الجثث الملقاة في شارعهم لكنه لم يتمكن من العثور على عائلة عمه.ضحايا درنة المعلن عنهم رسميا
  • 11,300 قتيل
  • 10,000 مفقود
  • 151 سودانيا
  • 145 مصريا
  • 42 سوريا
  • 23 فلسطينيا
  • 4 لبنانيين
  • 3 توانسة