العالم

«أبناء العم» وراء انقلابات أفريقيا

والدة منفذ مخطط الغابون ابنة عم الرئيس المخطوف علي بونغو

فيما ضربت الانقلابات العسكرية منطقة غرب ووسط أفريقيا، وآخرها النيجر والغابون، يؤكد خبراء أن صراعات «أبناء العم» ستتسبب في المزيد من الفوضى داخل القارة السمراء.ويجمعون على أن عوامل عائلية كانت وراء سقوط عدة دول في «فخ الانقلابات» ضمن سيناريوهات الاستيلاء على السلطة، فضلا عن الصراعات على السلطة والموارد.وقال خبراء «إن هناك عوامل أخرى لتفسير أنماط الانقلابات الأخيرة، بينها انسداد أفق الانتقال السياسي، وتورط دول كبرى في الانقلابات الأفريقية أو دعمها.. وفقا لـ»العين الإخبارية» الإماراتية.قطار الانقلاباتبعد 4 أشهر من اندلاع الصراع على السلطة في السودان، وصل قطار الانقلابات في أفريقيا إلى النيجر، وبعدها بأقل من شهر وصل محطة الغابون، في أعقاب موجة انقلابات سابقة خلال الـ3 أعوام الأخيرة، شملت عدة دول، بينها مالي وتشاد وغينيا وبوركينا فاسو.وفي الانقلاب الثامن في غرب ووسط أفريقيا خلال 3 سنوات استولى ضباط من الجيش الغابوني بقيادة الجنرال بريس أوليغي نغيما على السلطة في 30 أغسطس الماضي، فور إعلان فوز علي بونغو بولاية ثالثة في الانتخابات.القبض على الرئيسوقبل عامين أعلن ضباط من القوات الخاصة الغينية في الخامس من سبتمبر 2021 اعتقال الرئيس ألفا كوندي والسيطرة على العاصمة كوناكري، وكذلك «حل» مؤسسات الدولة.وقال قائد القوات الخاصة اللفتانت كولونيل مامادي دومبويا، في مقطع فيديو في حينه، «لقد قررنا بعد القبض على الرئيس الذي بات حاليا في أيدينا، حل الدستور الساري وحل المؤسسات وقررنا أيضا حل الحكومة وإغلاق الحدود البرية والجوية».أسباب عائليةويرى الخبير الموريتاني المختص في الشؤون الأفريقية محفوظ ولد السالك أن العامل العائلي والعرقي محفز في حدوث انقلابي الغابون وغينيا.ويقول ولد السالك «إن انقلاب الغابون يدخل في جانب كبير ضمن «الانقلاب العائلي»، إذ إن والدة قائد ومنفذ الانقلاب الجنرال بريس أوليغي نغيما تعد ابنة عم الرئيس علي بونغو أونديما، الذي جرت الإطاحة به، كما أنه ينحدر من قبيلة «الفانغ» التي ينتمي لها أول رئيس للبلاد ليون مبا، الذي تولى الحكم في ستينيات القرن الماضي».أما عن «انقلاب غينيا» فأكد السالك أن خصوصيته تتمثل في أنه جاء من أحد المقربين جدا من الرئيس الغيني ألفا كوندي، وهو العقيد مامادي دومبويا.عوامل مشتركةويشدد الخبير في قضايا الساحل الأفريقي أن عوامل مشتركة أخرى بين الدول التي شهدت انقلابات عسكرية خلال الـ3 أعوام السابقة، موضحا أن «انقلاب غينيا الذي أطاح قبل عامين بالرئيس ألفا كوندي يشبه انقلاب الغابون الذي أطاح بعلي بونغو، إذ حدث الانقلابان عقب فوز الرئيسين المخلوعين بولاية ثالثة مرفوضة شعبيا على نطاق واسع».وأضاف «الرئيسان تقريبا أيضا حكما نفس الفترة الزمنية، فعلي بونغو الذي ورث السلطة عن والده حكم لمدة 14 عاما، وكوندي الذي يعد أول رئيس مدني منتخب في بلاده حكم 11 عاما».وتابع «كما يشبه انقلابا غينيا كوناكري والغابون انقلاب تشاد، إذ أعلن مقتل إدريس ديبي بعد فوزه بولاية سادسة، وتولى نجله الجنرال محمد إدريس ديبي السلطة، بدلا من تسليم السلطة لرئاسة البرلمان، وأوقف العمل بالدستور».مناهضة فرنساويشير إلى أن باقي الانقلابات التي جرت في مالي وبوركينا فاسو والنيجر يبدو عاملها المشترك هو مناهضة الوجود الفرنسي، وفشل الأنظمة المتعاقبة في القضاء على التحدي الأمني، وفقا للخبير الموريتاني، الذي يكد أنه من غير المستبعد حصول انقلابات أخرى لاحقا، لكنها لن تخرج عن خانة الأنظمة الحاكمة منذ فترة طويلة، والأنظمة التي فشلت في إحلال الأمن والاستقرار.يضاف إلى ذلك، ضعف آليات التصدي للانقلابات، حيث لم يتم إفشال أي من الانقلابات الثمانية التي شهدتها القارة الأفريقية منذ 2020.انقلاب القصرويتفق الخبير الاستراتيجية محمد عبدالواحد مع الرأي نفسه، ويشير إلى أن «ما جرى في الغابون هو انقلاب داخلي من أسرة بونغو شبيه بانقلابات القصر»، ويقول «قائد الانقلاب من عائلة بونغو ومن قبيلته، وكان الرجل القوي في السلطة والذراع اليمنى لعلي بونغو، وعندما أصيب الأخير بالسكتة الدماغية وتدهورت صحته في 2019 استدعوا نغيما حتى يكون ملازما له».ويشير إلى أن «انقلاب الغابون بعيد عن الجيش تماما، ويمكن وصفه بانقلاب القصر؛ لأن من قاد الانقلاب هو المسيطر على الجيش ورجل قوي، إضافة إلى أن عم قائد الانقلاب الرئيس الأسبق عمر بونغو، نجح خلال فترة حكمه التي استمرت أكثر من 42 عاما، فصل الجيش عن الحياة السياسية تماما».الانقسامات العرقيةفي المقابل، يعتبر استاذ العلوم السياسية حمدي عبدالرحمن «أن هناك مشكلة في السياسات والجيوش العرقية الراسخة، حيث تناضل دول شهدت انقلابات حديثة -مثل غينيا والنيجر- مع إرث من الجيوش العرقية التي تريد الحفاظ على نفوذها السياسي والمالي»، ويضرب المثل بانقلاب عام 2021 في غينيا الذي قاده شخص من نفس الجماعة العرقية التي ينتمي إليها الرئيس، إذ كان كل من مامادي دومبويا وكوندي من قبيلة مالينكي.ويروي جانبا من كواليس الصراع العائلي داخل دائرة الحكم بالغابون، قائلا «عندما توفي الأب عمر بونغو الذي حكم البلاد لفترة طويلة، حاولت الحكومة إخفاء وفاته عن الشعب، بهدف التمكين من إدارة معركة الخلافة خلف الأبواب المغلقة، حيث كان الصراع بين ابنته الكبرى باسكالين، التي كانت رئيسة أركانه، وشغلت منصب كبير موظفي القصر الرئاسي، وابنه علي الذي كان وزيرا للدفاع وكان رئيسا لمكتبه».إرث قديمويشير الأكاديمي الموريتاني والباحث في شؤون الساحل وغرب أفريقيا عبيد إميجن، أن الانقلاب العائلي أو العرقي ليس سوى انعكاس واضح لحكم الاثنيات والقبائل، ومحاولة منها للبقاء في الحكم أطول فترة ممكنة على حساب المجموعات العرقية الأخرى.ويلفت إلى أن حدوث مثل هذه الأوضاع غير الديمقراطية بالمرة يؤكد عدم نضج الحياة السياسية في عدد الدول الأفريقية.ويوضح أن الانقلابات هي جزء من الإرث السياسي لدى الأفارقة، وهي ليست وليدة اليوم، والانفكاك من هذا الإرث الراسخ في أدمغة بعض كبار الضباط الذين يحاولون انتهاز أي فرصة للمشاركة في الانقلابات.أسباب الانقلابات الأفريقية:
  • نخبة حاكمة فاسدة.
  • تدخلات الاستعمار الفرنسي.
  • خلافات عائلية عاصفة.
  • صعوبات الانتقال السياسي.
  • مشاكل الديمقراطية الناشئة.
  • الأزمات الاقتصادية العاصفة.
  • انتشار الجماعات الإرهابية.