العالم

الليبيون يتساءلون: أين أموال القذافي؟

اختفاء 5 مليارات دولار من حسابات الرئيس الراحل في بلجيكا يثير جدلا واسعا

الرئيس الراحل وحرسه (مكة)
فيما أججت أموال ليبيا المجمدة في بلجيكا أزمة جديدة بين البلدين وزادت من تصعيد الأوضاع، تساءل الليبيون عن أموال الرئيس الراحل معمر القذافي وأبنائه الذين كانوا يعدون من أثرياء العالم.

وتزايد الغضب في ليبيا بعد حكم دائرة الاتهام بمحكمة بروكسل بتجميد 15 مليار يورو (16.51 مليار دولار) من حسابات مؤسسة الاستثمارات الليبية وتوقيف رئيس المؤسسة علي محمود، وهو الحكم الذي رفضته طرابلس وعارضته مؤسسة الاستثمار السيادية وهددت باللجوء إلى القضاء الدولي لإبطاله.

وتعد الأزمة الحادة بين طرابلس وبروكسل بخصوص الأصول المالية الليبية الضخمة المجمدة في بلجيكا بقرار أممي، أسوة بكل أرصدة ليبيا في الخارج المتحفظ عليها بقرار من مجلس الأمن منذ عام 2011، فصلا جديدا من النزاع بين الطرفين في شأن هذه المسألة الذي بدأ عام 2017 ولم يحسم حتى يومنا هذا.. وفقا لـ»إندبندنت عربية».

ردود غاضبة

تجددت قضية الأموال المجمدة في لبيبا على إثر صدور حكمين بتجميد ما يزيد على 15 مليار دولار من أرصدة ليبيا في بروكسل في قضية رفعها ولي العهد الأمير لوران، بعد عامين من توقف النزاع في شأن الأموال الليبية المجمدة في المصارف البلجيكية. وذكرت صحيفة «لوفيف» البلجيكية أن المدعي العام أوقف قاضي التحقيق السابق ميشال كليز لاتهامه بالفساد واستغلال نفوذه لمصلحة رئيس المؤسسة الليبية بعد إفراجه عن 2 مليار يورو (2.20 مليار دولار) مجمدة تشوبها شبهة غسل الأموال.

وأصدرت محكمة الاستئناف البلجيكية حكمها قبل أيام بتأكيد تجميد 15 مليار يورو من أموال المؤسسة الليبية للاستثمار في مصرف «يورو كلير» في بروكسل، كما أصدرت حكما آخر بتأكيد مذكرة التوقيف الدولية ضد رئيس مجلس الإدارة المدير التنفيذي للمؤسسة علي محمود، مما أثار ردود فعل غاضبة من المؤسسة التي نشرت بيانا تحدثت فيه عن أن حكم المحكمة تضمن تهما عدة بحق الأمير البلجيكي لوران.

رفض ليبي

وقالت المؤسسة الليبية للاستثمار في بيان «إن حكم محكمة بروكسل صدر في استئناف مقدم من المؤسسة ضمن الدعاوى القضائية المرفوعة أمام القضاء البلجيكي لمواجهة محاولات الأمير لوران الوصول إلى أموالها لدى بنك «يورو كلير» والمجمدة بموجب قرارات مجلس الأمن».

وبينت المؤسسة أن الحكم لم يقرر أية إجراءات جديدة وإنما رفض طلبات المؤسسة، مشيرة إلى أنها لم تكن طرفا في العقد الموقع عام 2008، وسبق أن تقدمت باحتجاج إلى الحكومة البلجيكية بعدم شرعية جميع الإجراءات المتخذة ضد أصولها في بلجيكا، وأنه وفقا لاتفاق تشجيع الاستثمار المبرم بين ليبيا وبلجيكا ولوكسمبورغ في 2004، يتعين حل هذا النزاع عن طريق التفاوض خلال ستة أشهر بين الطرفين.

وشددت على أنها لن تدخر أي جهد في منع الأمير لوران من محاولاته غير المشروعة للوصول إلى أموالها المودعة لدى بنك «يورو كلير»، باعتبارها المعنية بالمحافظة على هذه الأصول لمصلحة الشعب الليبي وهي مستعدة للجوء إلى التحكيم الدولي لحل هذا النزاع».

احتقار القانون

وأكد مسؤول الإعلام في المؤسسة الليبية للاستثمار لؤي القريو أن صدور حكم من محكمة الاستئناف البلجيكية بالحجز التحفظي على 15 مليار يورو من أموال ليبيا لدى البنوك البلجيكية يأتي في إطار الضغوط التي يمارسها الأمير لوران على قضاء بلاده، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول النظام القضائي البلجيكي».

وأضاف «إن الإنتربول الدولي سبق وأكدت أن إجراءات السلطات القضائية البلجيكية ضد مؤسسة الاستثمار ورئيسها ذات طابع سياسي وألغت جميع طلباتها عام 2022»، وتوقع القريو أن «يأخذ النزاع بين المؤسسة والأمير البلجيكي طابعا دوليا بالنظر إلى انحياز القضاء البلجيكي الواضح في هذه القضية».

في المقابل، قال دفاع الأمير البلجيكي لوران، المحامي لوران أرنو، «إن تأكيد دائرة الاتهام في بلجيكا على مذكرة التوقيف الدولية الصادرة من السلطات القضائية البلجيكية بحق رئيس مؤسسة الاستثمار الليبية علي محمود يفند محاولات الجانب الليبي تسييس القضية»، وأضاف «إن القادة الليبيين يريدون استخدام النظام المالي الأوروبي، لكنهم يحتقرون سيادة القانون وفق ما يناسبهم»، بحسب صحيفة «لو فيف» البلجيكية.

اختفاء الأموال

ورود اسم الأمير البلجيكي لوران في القضية يرتبط بمطالبته بتعويض يصل إلى 50 مليون يورو بعد تعثر إنجاز العقد المبرم مع وزارة الزراعة الليبية عام 2008 لإعادة تشجير آلاف الهكتارات من الصحراء الذي لم يكتمل بسبب اندلاع الثورة الليبية عام 2011. وبعد الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق معمر القذافي جمدت السلطات البلجيكية الحسابات المالية التي تعود للرئيس الراحل في بنوكها بعد مقتله عام 2011 استجابة لقرار أممي، وتبلغ قيمتها أكثر من 15 مليار يورو (16.51 مليار دولار) ومعظمها في شركة «يورو كلير». وسبق أن أثارت مليارات القذافي في بلجيكا جدلا واسعا عام 2018 بعد الكشف عن اختفاء ما يزيد على 5 مليارات دولار من الحسابات التي كانت تخصه في البنوك البلجيكية.

أين أموالنا؟

ونقلت «أندبندنت عربية» عن الصحفي الليبي المقيم في بروكسل علي أوحيدة قوله «إذا كانت هناك رغبة فعلية في حل إشكالية الأموال الليبية المجمدة فلابد من التوجه إلى الأمم المتحدة بدعم دولي، وخلاف ذلك سيتسبب فقط في إثراء شركات اللوبي والمحامين الذين يتحصلون على الملايين مقابل وعود زائفة، فلا أحد يحترم دولة تعتمد على قوى الضغط وليس على القانون والشرعية». وتابع «شخصيا لا أتهم أي مسؤول أو جهة في قضية الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا، ولكن من البديهي أن أصل الخلاف بين الدولة الليبية والأمير لوران في شأن قضية تعويضات، ومحاموه وجدوا طريقاً من خلال المؤسسة الليبية للاستثمار التي كان من الأجدر بها رفض أي تعامل في القضية منذ البداية لأنها مؤسسة سيادية».

فشل متواصل

وتكررت قضية محاولة الاستحواذ خلال الأعوام الأخيرة من حكومات غربية وبنوك وشركات تجارية للاستحواذ على أصول وأموال مجمدة تقدر قيمتها بنحو 200 مليار دولار، مودعة في البنوك الغربية أو مستثمرة كأسهم وسندات في الشركات الأوروبية.

وتخضع الأصول والأرصدة الليبية للعقوبات الدولية بموجب القرار رقم 1973 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في مارس 2011، وتتابعه لجنة العقوبات المشكلة من المجلس، بحيث تشمل رقابتها جميع الأصول المالية والأموال والموارد الاقتصادية التي يملكها نظام القذافي بصورة مباشرة أو غير مباشرة في الخارج.

وباءت المحاولات المتكررة التي تبذلها الحكومات المتعاقبة لتعديل قرار التجميد الأممي عبر تمكين المؤسسة الليبية للاستثمار من تولي نقل الودائع وإدارة الأصول في الخارج من دون التصرف فيها، جميعها بالفشل مع استمرار حال عدم الاستقرار في ليبيا، والتي عقدت الحسابات وجعلت الأموال الليبية مطمعاً لبعض الحكومات.

وخاضت السلطات الليبية معارك قضائية وقانونية كثيرة في الأعوام الأخيرة لحماية أرصدتها المجمدة، لكنها فشلت في حماية بعض الأصول الاستثمارية.

أموال ليبيا المجمدة:
  • 200 مليار دولار قيمتها التقريبية
  • 15 مليار دولار في بلجيكا
  • 5 مليارات دولار اختفت من الأرصدة أخيرا
  • 2011 صدر قرار التجميد بعد اندلاع الثورة
  • 1973 رقم قرار مجلس الأمن الذي أخضع الأموال للتجميد
  • %69 حصة ليبيا في شركة اتصالات أوغندا ضاعت عليها