إتقان وجودة العمل حاضران في أذهاننا منذ بداية إدراكنا للحياة، وكان لدينا مفهوم لأهمية الجودة دون إدراك بتعريف الجودة ولا بمعاييرها. فعند ركوب المصعد في المباني والأبراج وكذلك عندما نشاهد رافعات المباني والأبراج والسقالات، كانت تنتابنا مخاوف السقوط، وكذلك نتساءل عن دقة أعمال المختبرات الطبية والغذائية والكيميائية، وهل العاملون عليها أكفاء؟ هل هم مدربون ومؤهلون؟ هل لديهم التزام بمعايير دقيقة؟ كانت هذه التساؤلات فطرية تدرك أهمية الجودة دون معرفة بتفاصيلها ومعاييرها.

أجد اليوم فرصة احتفاء دول العالم بـ«اليوم العالمي للاعتماد» والذي يصادف 9 يونيو من كل عام، أجدها فرصة لأكتب مقالي اليوم عن «المركز السعودي للاعتماد» وهو الجهة الوطنية الوحيدة المخولة بمنح الاعتماد لجهات تقويم المطابقة في مجال مختبرات الفحص ومختبرات المعايير وجهات التفتيش وجهات منح الشهادات. نشاط الاعتماد هو أحد الأعمدة الرئيسة للبنية التحتية للجودة لدوره المهم في رفع مستوى وجودة الخدمات والمنتجات وكفايتها وزيادة ثقة المستهلك بها.

«البنية التحتية للجودة» تعتمد على أربعة أعمدة رئيسة، أحدها «الاعتماد»، بالإضافة إلى المواصفات، وتقويم المطابقة، والقياس والمعايرة. وحتى نهاية عام 2022م، وصل عدد المجالات التي يقدم «المركز السعودي للاعتماد» بها خدماته إلى 13 مجال، ويستهدف إضافة 5 مجالات أخرى خلال هذا العام، وجميعها ضمن المجالات المعتمدة في المنظمة الدولية لاعتماد المختبرات ILAC والمنتدى الدولي للاعتماد IAF.

يستهدف المركز رفع مستوى جودة الخدمات والمنتجات وكفايتها وزيادة الثقة بها، وحماية المستهلك والحفاظ على الصحة والسلامة العامة، وكفاية جهات تقويم المطابقة، ومنح الثقة بخدمات جهات تقويم المطابقة بما يعزز مشاركة القطاع الخاص في تقديم هذه الخدمات.

مهام المركز السعودي للاعتماد هي اعتماد جهات تقويم المطابقة، وتقديم التدريب وتأهيل مقيّمي المطابقة، والتنسيق مع الأجهزة الحكومية لتوفير البيانات الخاصة بتقويم المطابقة واعتمادها، والاعتراف المتبادل بشهادات اعتماد جهات تقويم المطابقة، وتمثيل المملكة في المنظمات الدولية ذات العلاقة والاشتراك في المنظمات والهيئات الدولية، وإعداد الدراسات والبحوث والإحصاءات المتعلقة بشأن الاعتماد وأعماله، وتنظيم الندوات والمؤتمرات أيضا المتعلقة بالاعتماد.

خدمات اعتماد «المركز السعودي للاعتماد» ثلاثة:

أولا: اعتماد المختبرات وتشمل المختبرات الطبية للفيروسات وأمراض الدم والأحياء الدقيقة والأنسجة والبقية، ومختبرات الفحص الغذائية والزراعية، ومختبرات التشييد والبناء، والمختبرات الكهربائية والالكترونية والأجهزة الطبية والميكانيكية، ومختبرات المعايرة للضوئيات والكهرباء والحرارة، وغيرها الكثير ولا يتسع المكان لسردها.

ثانيا: اعتماد جهات التفتيش والتي تشمل التفتيش على جودة وسلامة مدن الملاهي والمصاعد والسلالم المتحركة ورافعات بناء الأبراج والسقالات وأنواع الرافعات الأخرى المتحركة والعلوية والساحلية، ومحولات الكهرباء والتكييف وغيرها الكثير، بالإضافة إلى تفتيش السفن وخزانات الوقود والشاحنات وكود البناء وأنظمة الحماية من الحرائق وغيرها الكثير.

ثالثا: جهات منح الشهادات مثل الجهات التي تقوم بمنح الشهادات لنظم الإدارة، والجهات التي تقوم بمنح الشهادات للمنتجات أو العمليات أو الخدمات، والجهات التي تقوم بمنح الشهادات للأفراد، وجميعها في القطاعين الحكومي والخاص.

ومنح الشهادات يشمل التحقق من الكفاءة الفنية للجهات المانحة للشهادات في مجالات متنوعة مثل: نظم الإدارة، وشهادات المنتجات والخدمات والعمليات، مما يمنح أعمال هذه الجهات الثقة في جودة خدماتها. ويقوم المركز باعتماد هذه الجهات. عند رجوعي للموقع الالكتروني للمركز للاستعانة ببعض المعلومات، وجدته أشبه بخلية النحل باتساع أعماله وشمولية القطاعات والجهات.

مبادرات رؤية السعودية 2030 ركزت على أهمية دور الاعتماد في مواكبة مبادرات الرؤية الوطنية الطموحة، والمركز السعودي للاعتماد لديه رؤية للإسهام بالوصول إلى مصاف أفضل 10 دول بالعالم في مجال الاعتماد، وها نحن نشهده يتقدم بتسارع في تطبيق أفضل المعايير العالمية ليزيد ثقة الجميع بالأعمال والحرص على السلامة للأشخاص والممتلكات، ووصل إلى مراحل متقدمة ولا يزال يخطط للمزيد من شمولية الأعمال في الطريق إلى 2030.

إدراك الجميع بأهمية «اعتماد» جودة المنتجات والأعمال والتفتيش والتأهيل أمر مهم للغاية وكذلك زيادة الوعي به لا تقل أهمية.

Barjasbh@