السودانيون يعيشون بين الأمل والرعب
صوت السلام يصدح مجددا في جدة.. وأزيز الرصاص يخترق هدنة الخرطوم المبادرة السعودية الأمريكية ترسم «سيناريو تدريجيا» ينتهي بالحكم المدني ورقة توافقية تحاول تقريب المسافات بين تباعد شروط الطرفين المتصارعين
الاثنين / 25 / شوال / 1444 هـ - 22:05 - الاثنين 15 مايو 2023 22:05
فيما استأنف الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أمس المفاوضات في جدة لبحث سبل التوصل لاتفاق يضمن وقف إطلاق النار، تسود شكوك حول عدم جدية الطرفين المتصارعين بالوصول إلى حل شامل.
ورغم التفاؤل الذي ارتسم على وجوه السودانيين والعرب والعالم بعد «إعلان جدة» الذي انتزعت خلاله السعودية والولايات المتحدة الأمريكية التزاما بحماية المدنيين ووصول المساعدات الإنسانية للمتضررين، يقول مراقبون «إن الأمور على الأرض تزداد تعقيدا، لاسيما بعد قرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان أمس الأول، تجميد حسابات قوات الدعم السريع وشركاتها في جميع البنوك بالسودان وفروعها في الخارج ومنع صرف أي استحقاقات أو ميزانيات مرصودة لها.
ومع ارتفاع صوت السلام في جدة، وأزيز الرصاص في الخرطوم يعيش السودانيون بين الأمل الرعب في انتظار ما يحدث في الأيام المقبلة.
سيناريو المبادرة
تجري المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين طرفي القتال بوساطة سعودية أمريكية دشنتها الرياض وواشنطن منذ أبريل الماضي عقب اندلاع القتال الذي أودى حتى الآن بحياة نحو 550 من المدنيين وما يزيد عن ثلاثة آلاف من المصابين، وفقا لتقديرات أولية صدرت عن نقابة الأطباء السودانيين إلى جانب نزوح مئات الآلاف من العاصمة الخرطوم إلى الولايات القريبة وعشرات الآلاف لدول الجوار مثل مصر وتشاد وإثيوبيا. ورسمت المبادرة السعودية الأمريكية سيناريو يبدأ تدريجيا من وقف إطلاق النار وفض الاشتباك للقوات المتحاربة وفتح الممرات الإنسانية أمام المدنيين والسماح للمساعدات الإنسانية، وصولا للمرحلة الثانية التي تقضي بدفع الطرفين نحو اتفاق طويل المدى لوقف إطلاق النار، تعقبه مرحلة ثالثة بخصوص الترتيبات الأمنية الشاملة ومرحلة أخيرة بمفاوضات ذات طابع سياسي يشارك فيها المدنيون وتحديدا القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر الماضي.
شروط الطرفين
وسعى الطرفان قبل انطلاق مباحثاتها إلى تعزيز مواقفهما التفاوضية بتحقيق انتصارات على الأرض، كما حدث في مناطق شمال بحري وشمال أم درمان وجنوب الخرطوم في اليومين الماضيين، لكن فيما يبدو فشل الطرفان في تحقيق ذلك إذ بقي الوضع الميداني كما هو عليه في الأيام الأولى للحرب. وتحيط حالة من التكتم الشديد أجواء المواقف التفاوضية لكلا الطرفين، لكن الجيش ظل يكرر في أكثر من مناسبة ضرورة عودة الدعم السريع إلى مقراته قبل ديسمبر الماضي، وهو تاريخ بداية التحشيد للحرب، كما ينادي بخروجه من جميع المواقع الاستراتيجية التي استولى عليها بما في ذلك جزء من قيادة الجيش والمطار والقصر الرئاسي ومصفاة الجيلي وغيرها.
ويشترط الدعم السريع فتح مسارات آمنة وحماية المدنيين في مناطق الاشتباك والسماح لقوات الشرطة بالانتشار لتأمين المناطق والمنشآت الدينية، وكذا سحب قوات كل القواعد العسكرية للطرفين من العاصمة وتبادل الأسرى وفرض رقابة دولية على وقف إطلاق النار.
صعوبة المهمة
ويمارس الوفدان السعودي والأمريكي ضغوطا على طرفي النزاع مرفوقة بتطمينات بهدف إنهاء الحرب التي دخلت شهرها الثاني ما يفرض بالتالي وقف إطلاق النار لمعالجة الجوانب الإنسانية، وما يزيد مهمة الوسطاء صعوبة عدم رغبة قيادات الجيش والدعم السريع في التواصل المباشر بينهما حتى الآن.
ويرى المراقبون أن نجاح إعلان جدة يتوقف على مدى استعداد الطرفين لتنفيذه على الأرض، وأيضا على قدرات فريق المراقبين الذي يشرف على التنفيذ خاصة إذا كان بين أعضائه مندوبون من الوسيطين السعودي والأمريكي. ويعتقد مسؤول سعودي مقرب من دائرة المفاوضات، فضل عدم ذكر اسمه، لوكالة الأنباء الألمانية، أن بند المساعدات الإنسانية نفسه لديه سياقات خاصة به تتعلق بفتح الممرات الآمنة وتحديد آلية لاستقبال المساعدات والإشراف عليها، وكذا آلية لتوزيعها متزامنة مع وقف إطلاق النار لمدة 10 أيام ثم لوقف إطلاق نار دائم والاتفاق على أسس الرقابة وتحديد ما إذا كانت ستكون باستخدام الأقمار الاصطناعية أم رقابة بشرية ميدانية أم بتقنية الطائرات المسيرة.
ورقة توافقية
ويشير المسؤول إلى أن فريق الوساطة وضع ورقة توافقية تكون أساسا للتفاوض حول وقف إطلاق النار إلا أنه لم يكشف عن تفاصيلها، ولفت إلى أن مسألة دمج قوات الدعم السريع في الجيش تشكل عقبة كبرى أمام الوصول إلى مرحلة المفاوضات التي يشترك فيها المدنيون لحل القضايا السياسية العالقة بالعودة للمسار السياسي خصوصا أن كل طرف يعتقد أنه يستطيع حسم المعركة عن طريق العمل العسكري لصالحه. ويقول الخبير السياسي السوداني عبدالله رزق «إن كل عوامل النجاح متوفرة لمفاوضات جدة بين الجيش وقوات الدعم السريع وأولها أن السعودية والولايات المتحدة هما الأكثر تأثيرا على الطرفين ولديهما مصالح في السودان وكلاهما لا يمكن أن يغامر بعمل دبلوماسي كبير دون أن يضمن نجاحه». وأضاف «إن الانتخابات الأمريكية حاضرة في المفاوضات بحيث إن الرئيس بايدن يحتاج لتحقيق اختراق في السياسة الخارجية ليبرز به اسمه وسط الرأي العام الأمريكي الذي لديه اهتمامات بما يدور في السودان لا سيما وسط النخبة السياسية في الولايات المتحدة.
الإرهاق العسكري
وأشار إلى أن «الإدارة الأمريكية وضعت حرب السودان في خانة التهديد للأمن القومي»، موضحا أن ذلك مرده ربما الخوف من دخول منظمات إرهابية في معادلة الحرب أو الخشية الدبلوماسية من كسب كل من الصين وروسيا نقطة في طريق التسابق نحو أفريقيا على حساب الغرب، وأضاف: الإرهاق العسكري أصاب الطرفين بعد شهر ويمكن أن يكون عاملا إيجابيا لصالح حل للأزمة لأن قبولهما بمبدأ التفاوض مؤشر لعدم الرغبة في مواصلة الحرب.
آخر الضحايا وفقا لتقرير الأمم المتحدة:
676 قتيلا
5567 مصابا
31 يوما من المعارك
936ألف نازح
736ألف نازح داخلي
200 ألف لجؤوا للدول المجاورة
15.8 مليونا يحتاجون لمساعدات
ورغم التفاؤل الذي ارتسم على وجوه السودانيين والعرب والعالم بعد «إعلان جدة» الذي انتزعت خلاله السعودية والولايات المتحدة الأمريكية التزاما بحماية المدنيين ووصول المساعدات الإنسانية للمتضررين، يقول مراقبون «إن الأمور على الأرض تزداد تعقيدا، لاسيما بعد قرار رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان أمس الأول، تجميد حسابات قوات الدعم السريع وشركاتها في جميع البنوك بالسودان وفروعها في الخارج ومنع صرف أي استحقاقات أو ميزانيات مرصودة لها.
ومع ارتفاع صوت السلام في جدة، وأزيز الرصاص في الخرطوم يعيش السودانيون بين الأمل الرعب في انتظار ما يحدث في الأيام المقبلة.
سيناريو المبادرة
تجري المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين طرفي القتال بوساطة سعودية أمريكية دشنتها الرياض وواشنطن منذ أبريل الماضي عقب اندلاع القتال الذي أودى حتى الآن بحياة نحو 550 من المدنيين وما يزيد عن ثلاثة آلاف من المصابين، وفقا لتقديرات أولية صدرت عن نقابة الأطباء السودانيين إلى جانب نزوح مئات الآلاف من العاصمة الخرطوم إلى الولايات القريبة وعشرات الآلاف لدول الجوار مثل مصر وتشاد وإثيوبيا. ورسمت المبادرة السعودية الأمريكية سيناريو يبدأ تدريجيا من وقف إطلاق النار وفض الاشتباك للقوات المتحاربة وفتح الممرات الإنسانية أمام المدنيين والسماح للمساعدات الإنسانية، وصولا للمرحلة الثانية التي تقضي بدفع الطرفين نحو اتفاق طويل المدى لوقف إطلاق النار، تعقبه مرحلة ثالثة بخصوص الترتيبات الأمنية الشاملة ومرحلة أخيرة بمفاوضات ذات طابع سياسي يشارك فيها المدنيون وتحديدا القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر الماضي.
شروط الطرفين
وسعى الطرفان قبل انطلاق مباحثاتها إلى تعزيز مواقفهما التفاوضية بتحقيق انتصارات على الأرض، كما حدث في مناطق شمال بحري وشمال أم درمان وجنوب الخرطوم في اليومين الماضيين، لكن فيما يبدو فشل الطرفان في تحقيق ذلك إذ بقي الوضع الميداني كما هو عليه في الأيام الأولى للحرب. وتحيط حالة من التكتم الشديد أجواء المواقف التفاوضية لكلا الطرفين، لكن الجيش ظل يكرر في أكثر من مناسبة ضرورة عودة الدعم السريع إلى مقراته قبل ديسمبر الماضي، وهو تاريخ بداية التحشيد للحرب، كما ينادي بخروجه من جميع المواقع الاستراتيجية التي استولى عليها بما في ذلك جزء من قيادة الجيش والمطار والقصر الرئاسي ومصفاة الجيلي وغيرها.
ويشترط الدعم السريع فتح مسارات آمنة وحماية المدنيين في مناطق الاشتباك والسماح لقوات الشرطة بالانتشار لتأمين المناطق والمنشآت الدينية، وكذا سحب قوات كل القواعد العسكرية للطرفين من العاصمة وتبادل الأسرى وفرض رقابة دولية على وقف إطلاق النار.
صعوبة المهمة
ويمارس الوفدان السعودي والأمريكي ضغوطا على طرفي النزاع مرفوقة بتطمينات بهدف إنهاء الحرب التي دخلت شهرها الثاني ما يفرض بالتالي وقف إطلاق النار لمعالجة الجوانب الإنسانية، وما يزيد مهمة الوسطاء صعوبة عدم رغبة قيادات الجيش والدعم السريع في التواصل المباشر بينهما حتى الآن.
ويرى المراقبون أن نجاح إعلان جدة يتوقف على مدى استعداد الطرفين لتنفيذه على الأرض، وأيضا على قدرات فريق المراقبين الذي يشرف على التنفيذ خاصة إذا كان بين أعضائه مندوبون من الوسيطين السعودي والأمريكي. ويعتقد مسؤول سعودي مقرب من دائرة المفاوضات، فضل عدم ذكر اسمه، لوكالة الأنباء الألمانية، أن بند المساعدات الإنسانية نفسه لديه سياقات خاصة به تتعلق بفتح الممرات الآمنة وتحديد آلية لاستقبال المساعدات والإشراف عليها، وكذا آلية لتوزيعها متزامنة مع وقف إطلاق النار لمدة 10 أيام ثم لوقف إطلاق نار دائم والاتفاق على أسس الرقابة وتحديد ما إذا كانت ستكون باستخدام الأقمار الاصطناعية أم رقابة بشرية ميدانية أم بتقنية الطائرات المسيرة.
ورقة توافقية
ويشير المسؤول إلى أن فريق الوساطة وضع ورقة توافقية تكون أساسا للتفاوض حول وقف إطلاق النار إلا أنه لم يكشف عن تفاصيلها، ولفت إلى أن مسألة دمج قوات الدعم السريع في الجيش تشكل عقبة كبرى أمام الوصول إلى مرحلة المفاوضات التي يشترك فيها المدنيون لحل القضايا السياسية العالقة بالعودة للمسار السياسي خصوصا أن كل طرف يعتقد أنه يستطيع حسم المعركة عن طريق العمل العسكري لصالحه. ويقول الخبير السياسي السوداني عبدالله رزق «إن كل عوامل النجاح متوفرة لمفاوضات جدة بين الجيش وقوات الدعم السريع وأولها أن السعودية والولايات المتحدة هما الأكثر تأثيرا على الطرفين ولديهما مصالح في السودان وكلاهما لا يمكن أن يغامر بعمل دبلوماسي كبير دون أن يضمن نجاحه». وأضاف «إن الانتخابات الأمريكية حاضرة في المفاوضات بحيث إن الرئيس بايدن يحتاج لتحقيق اختراق في السياسة الخارجية ليبرز به اسمه وسط الرأي العام الأمريكي الذي لديه اهتمامات بما يدور في السودان لا سيما وسط النخبة السياسية في الولايات المتحدة.
الإرهاق العسكري
وأشار إلى أن «الإدارة الأمريكية وضعت حرب السودان في خانة التهديد للأمن القومي»، موضحا أن ذلك مرده ربما الخوف من دخول منظمات إرهابية في معادلة الحرب أو الخشية الدبلوماسية من كسب كل من الصين وروسيا نقطة في طريق التسابق نحو أفريقيا على حساب الغرب، وأضاف: الإرهاق العسكري أصاب الطرفين بعد شهر ويمكن أن يكون عاملا إيجابيا لصالح حل للأزمة لأن قبولهما بمبدأ التفاوض مؤشر لعدم الرغبة في مواصلة الحرب.
آخر الضحايا وفقا لتقرير الأمم المتحدة:
676 قتيلا
5567 مصابا
31 يوما من المعارك
936ألف نازح
736ألف نازح داخلي
200 ألف لجؤوا للدول المجاورة
15.8 مليونا يحتاجون لمساعدات