العالم

لا نهاية للحرب في أوكرانيا

الجارديان: بوتين يمهد الطريق أمام حرب طويلة الأمد

أوكراني مصاب بجروح في كييف (مكة)
فيما يتجرع العالم الآثار المؤلمة للحرب الروسية الأوكرانية، بدت حكومة الرئيس فلاديمير بوتين في تهيئة المجتمع الدولي لحرب طويلة مع الغرب والتأسيس لنزاع يستمر لسنوات، وفقا لصحيفة «جارديان» البريطانية.

وبات واضحا أن الأمل في كتابة نهاية للحرب في وقت قريب يتلاشى، رغم مضي ما يزيد عن 13 شهرا على الحرب، ومع وجود المزيد من الخسائر والضحايا كل يوم، واندلاع أزمات اقتصادية عديدة مع ما سببته الحرب من غلاء وارتفاع أسعار.

وكتب مراسلا صحيفة «جارديان» البريطانية في موسكو بيوتر سوير وأندرو روث، إنه خلال حديثه إلى عمال في مصنع للطائرات في منطقة بيورياتيا، صور بوتين الحرب مجددا على أنها معركة وجودية من أجل بقاء روسيا، وقال: «بالنسبة لنا فإن هذه ليست مهمة جيوسياسية، وإنما مهمة بقاء الدولة الروسية، وإيجاد الشروط للتنمية المستقبلية لبلادنا ولأولادنا».

حرب أبدية

يرى المحلل السياسي ماكسيم ترودوليوبوف أن خطاب بوتين لا يختلف عن مسار خطابات ألقاها مؤخرا، حيث ينتقل الرئيس الروسي على نحو متزايد نحو نقاش يطلق عليه المراقبون «الحرب الأبدية» مع الغرب.

ولاحظ أن بوتين توقف عمليا عن الحديث حول أهداف ملموسة للحرب، وهو لا يقترح أية رؤية لما يمكن أن يكون عليه النصر في المستقبل، والحرب ليست لها بداية واضحة ولا نهاية منظورة.

وخلال خطاب بوتين عن حال الأمة الشهر الماضي، كرر الزعيم الروسي بعضا من التظلمات الكثيرة التي يتهم الغرب بها، مؤكدا أن موسكو تقاتل من أجل بقاء الأمة، وأنها ستربح في نهاية المطاف، ولا شك في أن الرسالة الرقيقة المخفية للشعب، وفق ما يقول ترودوليوبوف، هي أن الحرب لن تنته في أي وقت قريب وأنه يتعين على الروس التعايش معها.

فزع غربي

راقب المسؤولون الغربيون خطاب بوتين الحربي في فبراير بفزع، ملاحظين أن الزعيم الروسي يضاعف جهوده من أجل الحرب، وبأنه لا يترك أي مساحة للتراجع. ووصف ديبلوماسي غربي رسالة بوتين في الخطاب وكأنها تحضير للرأي العام الروسي «لحرب لا نهاية لها».

وأضاف أيضا إنه ليس من الواضح أن بوتين قد يقبل الهزيمة في النزاع، لأنه لا يبدو أنه يفهم كيف يخسر. وأوضح أن بوتين لا يعيد النظر في النزاع، على رغم الخسائر الفادحة والهزائم العام الماضي، لافتا إلى أن الرئيس الروسي كان عميلا في جهاز الكي جي بي السابق، وتدرب على كيفية المضي نحو تحقيق أهدافه، بدلا من إعادة تقويم هذه الأهداف في المقام الأول.

ولفت آخرون إلى أن الزعيم الروسي، الذي طبقا للاستخبارات الغربية منخرط شخصيا في القرارات العملانية والتكتيكية في أوكرانيا، قد كف عن مناقشة الوضع على الجبهات في أوكرانيا، خلال خطاباته العلنية.

إعلان النصر

استنادا إلى دراسة حول خطابات الرئيس أجرتها وكالة الإعلام الروسية «فيرستكا»، فإن آخر مرة أتى فيها بوتين على ذكر القتال في أوكرانيا، كانت في 15 يناير، مشيرا إلى أن ديناميكية الجيش الروسي هناك إيجابية.

وتعكس الانقطاعات صعوبة تقبل الكرملين فكرة أنه غير قادر على تغيير مسار الحرب في الميدان، وفق ما يستخلص البروفسور الروسي في العلوم السياسية في جامعة هلسنكي فلاديمير غيلمان، ورأى أنه أكثر سهولة ألا تتحدث عن مجريات الحرب، عندما يكون جيشك لا يحقق تقدما، لكن التراجع إلى الوراء ليس خيارا لدى بوتين، لأن ذلك يعني الاعتراف بالهزيمة.ووفقا لوثائق استولت عليها الاستخبارات الغربية في بداية الحرب، فإن القيادة العسكرية الروسية كانت تتوقع أن يستمر النزاع لأسابيع فقط، قبل إعلان النصر.

مكاسب ضئيلة

خلال الشتاء، كان المسؤولون الأوكرانيون والمحللون العسكريون الغربيون يحذرون دائما من أن روسيا، التي قامت بتعبئة 300 ألف رجل في الخريف، ستشن هجوما رئيسا آخر، لكن هجوم روسيا الذي بدأ في فبراير 2022 على جبهة تمتد 160 ميلا في شرق أوكرانيا، لم يحقق سوى مكاسب ضئيلة في مقابل خسائر ضخمة. ويقدر المسؤولون الغربيون أن ما يصل إلى 200 ألف روسي قتلوا أو جرحوا خلال عام. وقال الخبير العسكري الأمريكي روب لي « إن روسيا ببساطة لا تملك القدرات الهجومية من أجل التقدم»، ولفت إلى أن أقل من 10 % من الجيش الروسي في أوكرانيا قادر على شن عمليات هجومية، والغالبية العظمى من تعداد هذا الجيش هي مجندون، لا يمتلكون سوى تدريب محدود.

الحرب ضرورية

لتعزيز قدرات الجيش على المدى البعيد، اقترح وزير الدفاع سيرغي شويغو زيادة عدد القوات من 1.15 مليون إلى 1.5 مليون.

وقال لي «نرى أن الجيش الروسي يستعد لحرب طويلة. إن بوتين يراهن على أن ثروات بلاده تتفوق على ثروات أوكرانيا، وأن الغرب سيتعب من مساعدة كييف». وبحسب أندريه كوليسنيكوف، الزميل البارز في معهد كارنيغي، الذي يراقب اتجاهات الرأي العام حيال الحرب منذ البداية، فإن «الكثيرين في البلاد يتقبلون الآن فكرة أن هذه الحرب لن تنته، ويعتقدون أن عليهم التعلم كيف يعيشون في ظل هذه الحقيقة». وأضاف أن الحكومة نجحت في تعبئة الناس.

إن الطريقة التي تم رسم النزاع بها ساعدت الناس على تقبلها. وخلص الكاتبان إلى أنه تم تسخير كل مقدرات الدولة لنشر وفرض رسالة مفادها أن الحرب ضرورية من أجل بقاء روسيا وهويتها.

الجيش الروسي

1721 التأسيس

2.1 مليون مجند

76.6 مليار دولار ميزانيته

4 مركزه على مستوى العالم