الرأي

المهارة الذهبية في سوق العمل

أميرة سعد الزهراني
ربما يصادفنا مصطلح المهارات الناعمة Soft skills ولا سيما في العمل، والتي من خلالها يتحقق التناغم والتعاون بين الموظفين، لكن البعض لا يدرك أهميته حقا، فإذا أردنا تحقيق النجاح والسعادة فلا بد أن نسعى لامتلاك هذه المهارات.

نجد أن المهارات الصلبة hard skills هي تلك التي تتحدث عن العلوم الأكاديمية التي يتلقاها الإنسان وتتطلب الذكاء المنطقي، ومن أمثلتها: الرياضيات، الفيزياء، المحاسبة، البرمجة، التمويل، الأحياء، الكيمياء، الإحصاء في حين يقصد بالمهارات الناعمة تحديد شكل علاقاتنا مع الآخرين والنهج المتبع في الحياة والعمل وتتطلب الذكاء الوجداني ومن أمثلتها: الثقة بالنفس – إدارة الضغوط – مهارات التواصل.

تفشل المدارس عادة في تطوير مهاراتنا الناعمة، فعلى سبيل المثال قد نتعلم في المدرسة كيف نكتب مقالا من 1000 كلمة، ولكننا لم نتعلم كيف نكسب ثقة شخص خائف ومهتز أو كيف نطور الطالب في الإلقاء أو التعبير عن رأيه والتواصل بطريقة فعالة، فمشكلة مناهجنا تركز على الشق الأيسر للدماغ وتعلم كيفية التحليل ونقد الأمور بخلاف الشق الأيمن والغائب في مناهجنا والذي له دور في الاتصال الإنساني ومعرفة حتى نبرات الأشخاص، ولهذا يفتقد البعض لهذه المهارات ولا يمتلكها وبالتالي يصعب عليه ترك أثر في الناس، أما من يملكها، حتى ولو كان ضعيفا في المهارات الصلبة ويتمتع بالمهارات الناعمة فمن المؤكد أنه سيترك أثرا قويا في نفوس المتعاملين معه، ومن أبرز المهارات الناعمة هي: مهارة التواصل وأود أن أركز على هذه المهارة لإيماني بأهميتها في مجال العمل، فيعرف التواصل في العمل بأنه كيفية التعامل مع القادة والزملاء والإداريين بلطف، وكذلك التعامل مع الجمهور (الطلبة، العملاء، المستفيدين) بحسن ولباقة، حيث يشكل التواصل محورا أساسيا وحيويا في تطوير المجتمعات البشرية، فهو المحدد الأساسي لنجاح أي علاقة مع الآخرين، كما ويتضمن التواصل مجموعة من المهارات الفرعية كالقدرة على التحدث بطلاقة – الإصغاء والاستماع – القدرة على توفير تغذية راجعة – تكوين علاقات اجتماعية ناجحة – القدرة على تحفيز الآخرين.

وفي إحدى التجارب والدراسات أجرى العالم ديل كارنيجي (خبير العلاقات الإنسانية) دراسات متعددة للنهوض بالمعلمين وتم التوصل إلى أن 15% من النجاح للإنسان يعود إلى معرفته ومادته العلمية، و85% يعود إلى العلاقات الإنسانية والقدرة على التعامل مع الطلبة، فالتواصل الإنساني الناجح مهارة حياتية لا يجيدها كل إنسان وتحتاج إلى ابتسامة وروح مرحبة وكلمة مفرحة وفكر حاضر وتفاؤل مستمر وعيون لماحه، وفي المقابل نجد أن بعض الناس يستغرق في تحليل تصرفات من حوله وإدراجها تحت خانتي الكراهية أو الحب وهذا عمل يفسد الأرواح والقلوب فيذيب لذة الحياة (الذين يألفون ويؤلفون).

تستوقفني قصة بائع العسل عندما سأل بائع الخل: لماذا يقبل الناس عليك ويدبرون عني؟ فقال له: لأني أبيع الخل بلسان من عسل وأنت تبيع العسل بلسان من خل، ولو كان بائع العسل يمتلك مهارات التواصل والتي من ضمنها القدرة على الحوار والإقناع لاستطاع بيع بضاعته بسهولة، فالنفس البشرية تميل بطبيعتها إلى الشخص السمح، اللين ذي الروح المنبسطة ولهذا تذكر عزيزي القارئ وأنت تتعامل مع الناس أنك لا تتعامل مع مخلوقات منطقية، بل مع مخلوقات عاطفية، مخلوقات تحب الخير، وأن الحياة بدون تواصل معهم لا... ولن تكون أبدا... حياة.