العالم

العالم يتألم.. هل يتوقف بوتين؟

أوكرانيا ترفض اقتراح كيسنجر بوقف الحرب مقابل ترك مساحات من أرضها زيلينكسي: لا نتاجر بسيادتنا.. وعليكم قراءة ذكريات الحرب العالمية الثانية بوروما: جونسون يتمنى أن ينظر إليه باعتباره تشرشل العصر الحالي بايدن يؤكد أن الهزيمة الكاملة لبوتين الحل الوحيد لوقف مغامراته العسكرية حديث ماكرون المنطقي مع الرئيس الروسي دفع الأوروبيين للسخرية

الدمار يستمر نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية (د ب أ)
بينما يزداد العالم ألما وحسرة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي تهدد بأزمة جوع عالمية، يرى الكاتب السياسي الهولندي إيان بوروما أنه ليس هناك شيء يخلق الفوضى أكثر من الحرب.

وفي حين يقول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن «الدبلوماسية تؤدي إلى السلام، والسلام أمر مرغوب فيه لكل البشر»، رفض المسؤولون الأوكرانيون بغضب المقترحات، وآخرها من جانب وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر البالغ من العمر 99 عاما، بالقبول بعودة الوضع إلى ما كان عليه، مع السماح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالسيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي الأوكرانية.

وقال أحد كبار مستشاري زيلينسكي غاضبا إن أوكرانيا «لا تتاجر بسيادتها»، واقترح زيلينسكي نفسه بأن يقوم الأمريكيون الذين يعارضون دعم بلاده «بالبدء في قراءة بعض ذكريات الحرب العالمية الثانية»، حيث إن أي استرضاء لبوتين لن يؤدي سوى إلى تشجيعه على غزو المزيد من الدول الأوروبية.

مغامرات عسكرية

يقول بوروما في مقال رأي نشرته وكالة بلومبيرج للأنباء إن ذكريات الحرب العالمية الثانية ما زالت ماثلة في الأذهان في دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

ويتوق رئيس الوزراء بوريس جونسون أن ينظر إليه باعتباره وينستون تشرشل العصر الحالي.

وعكست بعض تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الأقل دبلوماسية الرأي القائل بأن هزيمة بوتين الكاملة هي فقط التي سوف تثنيه عن خوض المزيد من المغامرات العسكرية، ولكن ما يمثل الهزيمة الكاملة ما زال أمرا غامضا حتى الآن.

من ناحية أخرى، فإن أولئك الذين ما زالوا يحاولون إيجاد فرصة للدبلوماسية سرعان ما يتم وصفهم بالداعين للاسترضاء بصورة تتسم بالجبن.

وقد قوبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالسخرية لمحاولته التحدث بصورة منطقية بالنسبة لبوتين، كما تم انتقاد المستشار الألماني أولاف شولتس للإبطاء في فرض حظر تام على استيراد النفط والغاز الروسيين.

هتلر الجديد

وفكرة تشبيه بوتين بأدولف هتلر مجرد صورة تعكس دعاية بوتين بأن روسيا تحارب النازيين في أوكرانيا، وهذه الحرب، رغم أنها مروعة بما فيه الكفاية ليست مثل الحرب العالمية الثانية.

ومطلب الحلفاء عام 1945 باستسلام ألمانيا واليابان غير المشروط هو النموذج الخطأ للتطبيق في أوكرانيا.

وحتى في ذلك الوقت، كان هناك خلاف بالنسبة لهذا المطلب.

فقد كان البريطانيون وبعض الأمريكيين يريدون منح اليابانيين شروطا معينة، مثل الاحتفاظ بإمبراطورهم- وهو وعد كان من الممكن أن ينهي الحرب بصورة أسرع وينقذ عددا لا حصر له من الأرواح.

وكان الصقور في هذا الأمر في الغالب من الديمقراطيين الذين اعتقدوا أن الاستسلام الياباني التام هو فقط الذي سوف يمكن الحلفاء من إقامة ديمقراطية في اليابان.

وعززت حقيقة أن هذا الأمر تم بالفعل وأصبحت اليابان مثل ألمانيا الغربية دولة ديمقراطية وحليفا قويا للولايات المتحدة، اعتقاد بعض الأمريكيين بعد سنوات كثيرة بإمكانية تحقيق نفس الشيء في أفغانستان، والعراق- وربما في روسيا الآن.

لا للاستسلام

تختلف الظروف تماما اليوم. ففي عام 1945، كانت القوات المتحالفة على وشك هزيمة الأعداء المحطمين تماما، ورغم ما يبدو من عجز القوات المسلحة الروسية، فإن روسيا بعيدة تماما عن التحطم، وأوكرانيا مهما كانت شجاعة جنودها وفعالية أسلحتها الغربية بعيدة تماما عن أن تكون مهيمنة.

وأيا من الجانبين ليس في وضع يسمح له بطلب استسلام غير مشروط.

كما أن فكرة أن أي هزيمة للجيش الروسي في أوكرانيا سوف تسفر عن تحول ديمقراطي في روسيا بعيدة تماما عن التصور أيضا.

ووفقا للكاتب، ليس هناك أمر مستحيل.

لكن الظروف في روسيا برئاسة بوتين لا تشبه من قريب أو بعيد الظروف في ألمانيا واليابان بعد انهيارهما.

فالدولتان تم احتلالهما عام 1945على يد الحلفاء، الذين ساعدوا الألمان واليابانيين على استعادة المؤسسات الديمقراطية التي كانت موجودة من قبل.

( ولم ينطبق هذا بطبيعة الحال على المناطق التي احتلها الجيش الأحمر السوفيتي).

التعرض للإذلال

ليست هناك فرصة في أن يتم احتلال روسيا، وليس من المرجح تماما أن تصبح روسيا بعد تعرضها للإذلال دولة ليبرالية في القريب العاجل.

إن مطلب أوكرانيا بأن تسحب روسيا كل قواتها من الأراضي الأوكرانية موقف مشروع تماما من حقها تبنيه. لكنه موقف، وليس إنذارا.

ومن الممكن بل وينبغي التوصل لحلول وسط بمجرد بدء المفاوضات.

وقد يعني هذا موافقة أوكرانيا على ألا تكون عضوا في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

أو احتفاظ روسيا ببعض السيطرة على دونباس وشبه جزيرة القرم، وكما أوضح الصحفي والمؤرخ البريطاني نيل اشيرسون لا ينبغي الخلط بين وحدة الأراضي والسيادة الوطنية، وهناك كثير من الدول فقدت أراضي بعد الحروب دون أن تفقد استقلالها الوطني.

محفوفة بالمخاطر

يذهب الكاتب الهولندي إلى أنه من المؤكد أن الحلول الوسط يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر.

وسوف يكون زيلينسكي معرضا لهجمات من جانب القوميين داخل أوكرانيا إذا تنازل عن أي أراض، ولكن الأمر يرجع له ولحكومته بالنسبة لتحديد المخاطر التي تستحق قبولها من أجل إنهاء حرب تدمر دولتهما.

ومن غير المفيد القول بأنه لا قبول لأي تنازلات وأن أي شيء أقل من هزيمة بوتين سوف يكون هزيمة للديمقراطية، فأوكرانيا ليست مخلبا في حرب عالمية بين الخير والشر.

واختتم بوروما رأيه بالقول إن مساعدة أوكرانيا على صد غزو وحشي أمر أساسي، ومنح الأوكرانيين الوسائل اللازمة للقيام بذلك مشروع سليم.

وينبغي أن يكونوا في أقوى وضع ممكن للتفاوض.

ولكن ليس من حق أحد خارج أوكرانيا أن يملي عليهم ما ينبغي أن يكون عليه موقفهم النهائي.