رسّخ أهل البادية قديماً ارتباطاً وثيقاً بين شبّة النار والقهوة السعودية، فلا يخلو منظر اشتعال النار من وجود الدلة، في صورة جمالية توحي في زواياها بالارتباط الوثيق بينهما؛ وقد وُثّق هذا المشهد في قصائد الشعراء وأمثال الحكماء. ومن أشهر القصائد في القهوة وشبة النار يقول الشاعر دغيم الظلماوي: يا كليب شب النار يا كليب شبه.. عليك شبة والحطب لك يجابـي وعلي أنا يا كليب هيله وحبه.. وعليك تقليـط الـدلال العذابـي وادغث لها يا كليب من سمر جبه.. وشبة ليا منه غفى كل هابـي الوالمة يا كليب عجل بصبه.. والرزق عند اللي ينشّي السحابي. وفي وقتنا الحاضر وبالرغم من تغير الأواني، وطرق التقديم، وأهداف إشعال النيران؛ إلا أنّ هذا الارتباط يزداد ويكبر، ففي غالبية البيوت يحرص مُلاكها على تخصيص مكان في المنزل لـ 'بيت الشعر' الذي يتضمن الأواني التراثية والدِلال والأباريق، ومع تغير أجواء المناخ واشتداد البرد؛ تبدأ الأسر بالاستعداد له وتجهيز المشب وتوفير أدوات شبة النار، والاجتماع حولها، واحتساء القهوة السعودية. وقد يسرت المدنية الكثير من الشؤون المتعلقة بالقهوة، حيث لا حاجة إلى استخدام النجر لطحن البن أو المحماس بعد انتشار المحامص والمطاحن المنزلية والحافظات الكهربائية، ولم تختصر الوقت فقط، بل اختصرت الأحاديث المؤنسة أثناء صنع القهوة بدءاً من حمص حبّاتها وانتهاء بصبها في الفنجال. ويقول الشاعر حامد بن مايقة في هذا الشأن: يا عاملين البن وسط الترامِيس لا تقطعونه من حشا مرضعاتِه رُدُّوه لأمَّات الخشوم المفانيس صُفر الدلال اللي عليها حَلاتِه ما عاد شِفنا البن وسط المَحامِيس يَحمِس وصوت النِّجر طوَّل سكاتِه وجاءت طرق إشعال النار قديماً تقليدية بحتة، كطريقة أخدود النار الخشبي وهي: إشعال النار من خلال الاحتكاك، وهناك حجر الصوّان الذي يطرق بعضه ببعض ليتوجّه الشرار الناتج إلى كومة من أوراق الأشجار الجافة والأغصان الصغيرة، ونظراً لصعوبة إشعال النار فقد كان البعض يعمد إلى أن تكون النار مشتعلة طوال الليل والنهار وبدون أن يستهلك المزيد من الحطب. الجدير بالذكر أنّ وزارة الثقافة ومن خلال اهتمامها بالموروث السعودي والتاريخ الأصيل لثقافة المملكة؛ أطلقت مبادرة 'عام القهوة السعودية 2022م'؛ للاحتفاء بالقهوة السعودية كإرث ثقافي وتاريخي؛ عبر التفعيلات الثقافية العديدة التي تسعى إلى ترسيخ ثقافة المملكة وتسويقها للعالم.