كشف باحثون متخصصون في الشأن الإيراني أن نظام الملالي يفتقر إلى القدرة العسكرية على بناء أسلحة متطورة، الأمر الذي دفعه إلى أن يلجأ إلى إنتاج أسلحة ومعدات بديلة، يمكن استخدامها في الأنشطة الإرهابية والترويجية للحرب التي تهدف إلى تعزيز سياسته المتمثلة في خلق الأزمات وتأجيج الإرهاب في المنطقة.

وأكدوا أن أحد هذه الأسلحة هو إنتاج وتصدير مجموعة متنوعة من الطائرات المسيرة دون طيار، التي أغرق بها وكلاءه في اليمن ولبنان والعراق وسوريا، ليبعث رسائل إرهابية آثمة عبر أجنحة الطائرات التي تتساقط بشكل يومي في المنطقة.

فضحت دراسة جديدة حملها كتاب (تهديد طائرات قوات حرس الملالي المسيرة؛ حيلة النظام اليائسة لاستعراض القوة والتحريض على الحرب) أهم أجهزة إنتاج واستخدام وتصدير الطائرات دون طيار من قبل النظام، ولا سيما فيلق قوات الحرس، وتحدثت بتفصيل واسع عن التهديد المتصاعد لطائرات قوات الحرس المسيرة.

خلق الأزمات

قال الباحثون إن معلومات الكتاب تم الحصول عليها من مصادر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في داخل إيران، حيث يتعامل مع الكيانات الرئيسية المشاركة في إنتاج الطائرات دون طيار، وكذلك الأجهزة التي تستخدمها. موضحا أن قوات حرس الملالي تستخدم حاليا الطائرات دون طيار لخلق أزمة وتصدير الإرهاب على نطاق واسع في دول المنطقة، كما أنها تعتمد على الطائرات دون طيار كأدوات دعائية لنقل انطباع غير مستحق عن البراعة العسكرية.

ويتم تنظيم شبكة تصنيع الطائرات دون طيار والمعدات والمواد ذات الصلة تحت رعاية منظمة صناعات الطيران في وزارة الدفاع، وتشكل جزءا مهما من هذه الصناعة. وترسل الطائرات التي تنتجها صناعات القدس الجوية إلى دول مثل باكستان وفنزويلا، وبعض الدول الأفريقية وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن وسوريا والعراق.

تصدير الإرهاب

ويترأس شركة تصنيع الطائرات المسيرة المصدرة للإرهاب سيد حجة الله قريشي، وتضم 5 أعضاء في مجلس إدارتها، وتشمل أقسام صناعة طيران القدس: المكتب التنفيذي، القسم الميكانيكي: وحدة تجميع الطائرات (جسم الطائرة، المحرك، قاذفة)، قسم الالكترونيات: ويشمل الإدارة والتصوير والكاميرات والملاحة، قسم المالية: قسم الميزانية، القسم الإداري: الموارد البشرية، والقسم التجاري: مبيعات الطائرات.

وتعد شركة تصنيع الطائرات الإيرانية واحدة من أكبر الشركات التابعة لمنظمة صناعات الطيران التابعة لوزارة الدفاع، وتقع في شاهين شهر، أصفهان. وبالإضافة إلى تصنيع أجزاء الطائرات، فإنها تشارك في بناء الطائرات دون طيار ومكوناتها.

وتصنع شركة بيسبار سازه المركبة أجزاء جسم الطائرات دون طيار، وتعمل بشكل أساسي في مجالات التصميم والنمذجة والقولبة والإنتاج لمختلف الأجزاء المركبة والمعدنية.

حرس الملالي

وتتصل الشركات المصنعة للطائرات المسيرة بقوات حرس الملالي ووزارة الدفاع منذ إنشائها، وكان معظم مديريها الأوائل والجدد على اتصال منتظم مع قوات حرس الملالي ووزارة الدفاع، كرئيسها سهيل سهيلي، وأمين مهرابيان النائب الأول للرئيس، وکامبيز خاقاني النائب الثاني للرئيس، واللواء سعيد قاسمي، الذي كان رئيس مجلس الإدارة وغيرهم.

ومن بين الشركات المدنية الأخرى، مجموعة عمل صناعة الطيران والفضاء الإيرانية، التي يعد حامد السعيدي رئيس مجلس إدارة المجموعة لسنوات عدة، الشخصية الرئيسية فيها، ويمتلك علاقات وثيقة مع سعيد أغاجاني، قائد الطائرات دون طيار في القوة الجوية لقوات الحرس، وكذلك جمعية الصناعات ومنظمة الأبحاث الإيرانية للعلوم والتكنولوجيا، التي ترتبط بوزارة العلوم التابعة للنظام، وتعمل في مشاريع البحث العلمي، مثل صناعات الفضاء والطائرات دون طيار.

مجموعات المرتزقة

ووفقا للباحثين، فهناك شركات مدنية أخرى، كمركز إیراوین للابتكار والتسريع، وشركة فرناس باسارغاد للصناعات الفضائية، بالغستر نغمة آسمانها للتكنولوجيا، صناعات خوارزمي للالكترونيات، إيران بيكر جزء الشرق الأوسط، وشركة صحفة التعاونية للإنتاج والتوزيع - الصناعات الجوية الإيرانية.

مواقع قيادة الطائرات دون طيار للفضاء التابع لقوات حرس الملالي تحت المجهر، مع عرض صور الأقمار الصناعية لها، كثكنات دستواره، ووحدة أصفهان للطائرات دون طيار - قاعدة بدر، وحدة الأحواز للطائرات دون طيار، وحدة الطائرات دون طيار كرمانشاه، ثكنة سجاد، وثكنة الفلق.

ويدرب فيلق القدس التابع لقوات حرس الملالي مجموعات المرتزقة التابعة له في المنطقة بشكل منهجي، على استخدام وبناء الطائرات دون طيار.

5 دول

وترسل قيادة الطائرات دون طيار التابعة لسلاح الجو التابع لقوات حرس الملالي المتخصصين إلى العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين، لتدريب السكان المحليين على استخدام الطائرات دون طيار، كما توجد هناك أوامر بإنشاء قسم إداري تابع لمديرية استخبارات فيلق القدس بتصنيع ذخائر مختلفة، بما في ذلك طائرات دون طيار وصواريخ وأسلحة أخرى يحتاجها فيلق القدس للتدخل في دول أخرى.

وأمرت مخابرات فيلق القدس ببناء طائرات دون طيار وكذلك صواريخ مضادة للطائرات لإرسالها إلى العراق.

وفيما يتعلق باللوجستيات ودعم قوة القدس، يوجد قسم (يشار إليه باسم الوحدة 190) مسؤول عن تهريب الأسلحة والمعدات إلى دول المنطقة، مستخدما عددا من المسارات الجوية والبرية والبحرية.

تفاصيل خطيرة

وكشف الكتاب تفاصيل مهمة وخطيرة عن الاعتداء بطائرات دون طيار المنفذ على مصفاة النفط السعودية في 2019 باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ، حيث حددت الخطة العامة في المجلس الأعلى للأمن القومي للنظام، بحضور قادة قوات حرس الملالي، وهم: اللواء غلام علي رشيد قائد القيادة المركزية لخاتم الأنبياء، اللواء حسين سلامي القائد العام لقوات حرس الملالي، العميد قاسم سليماني قائد فيلق القدس، العميد أمير علي حاج زاده قائد القوة الجوية لقوات حرس الملالي، وعدد من قادة الجيش.

وبحسب معلومات المقاومة الإيرانية، بعد تنفيذ التخطيط لأجزاء مختلفة من العملية واتخاذ القرار النهائي بشأن التنفيذ، أرسلت الخطة إلى خامنئي للحصول على الموافقة النهائية، وأمر خامنئي، اللواء رشيد والعميد حاج زاده بتنفيذ العملية.

قصة الاعتداء

وقبل حوالي أسبوع من الاعتداء، غادر فريق قادة هذه العملية مقر قيادة القوات الجوية لقوات حرس الملالي، وسافر إلى محافظة خوزستان في جنوب غرب إيران. ومن بين القادة الذين حددت هويتهم في هذا الفريق العميد محمد فلاح نائب رئيس عمليات الطيران، والعميد محمود باقري كاظم آباد قائد وحدة الصواريخ في القوة الجوية، والعميد سعيد (آقاجاني) قائد وحدة الطائرات المسيرة في القوة الجوية.

وتمركز فريق القيادة هذا في جزء من قاعدة أوميديه في المنطقة الواقعة بين أوميديه والأحواز في خوزستان على بعد حوالي 85 كلم من الأحواز.

وتؤكد المعلومات أن وحدة الطائرات دون طيار التابعة لقوات حرس الملالي واحدة من أولى وحدات قوات حرس الملالي التي دخلت سوريا في بداية الصراع السوري في 2011 - 2012، ولعبت دورا نشطا في تقديم المساعدة للجيش السوري في قتاله ضد قوات المعارضة.

حزب الشيطان

وحول إرسال طائرات دون طيار إلى لبنان في 2003، تلقى 7 أعضاء من حزب الشيطان اللبناني المسمى بحزب الله تدريبا للمرة الأولى على طائرة مهاجر 4 في شركة القدس للصناعات الجوية، التي تنتج الطائرات دون طيار، وبعد ذلك أرسل النظام عددا من هذه الطائرات إلى حزب الله في لبنان.

وتلقى رئيس شركة بر اور بارس في 2006 عقدا بقيمة مليوني دولار من النظام الإيراني لإنتاج طائرات دون طيار لتسليح حزب الله.

لغرض إرسال طائرات دون طيار إلى اليمن، يوفر فيلق القدس التابع لقوات حرس الملالي طائرات دون طيار لأنصار الله اليمنيين (الحوثيين) على نطاق واسع. يستخدم الحوثيون باستمرار طائرات دون طيار من طراز قاصف 1 وأبابيل 2 في هجماتهم، ويتم إسقاط طائراتهم دون طيار باستمرار في الأراضي السعودية.

تحريض للحرب

وعلى الرغم من التنازلات التي قدمت من خلال الاتفاق النووي، وسياسة الاسترضاء الغربية، وفقا للمقاومة الإيرانية، إلا أن تصدير الإرهاب والتحريض على الحرب في المنطقة يظلان ركيزتين للحفاظ على النظام، واكتسبت مكانة بارزة في نظر الملالي الحاكمين في إيران.

ومنذ تنصيب المرشد الأعلى علي خامنئي لإبراهيم رئيسي كرئيس للنظام الإيراني، اشتد التدخل المدمر لفيلق القدس في المنطقة، وكذلك هجمات طهران بطائرات دون طيار، وزاد إنفاق النظام لمليارات الدولارات على برامج الصواريخ والطائرات دون طيار، بينما يعيش 80% من الشعب الإيراني تحت خط الفقر.

وقال الباحثون في نهاية الكتاب «على أن أي تعامل مع النظام في طهران من قبل جميع الأطراف الغربية، خاصة بعد صعود رئيسي، يجب إدراج جميع الأنشطة ذات الصلة بإنتاج واستخدام وبحث الطائرات دون طيار وبرنامج الصواريخ للنظام، تحت طائلة قوائم العقوبات التي لا يجب رفع أي منها عن النظام حتى يوقف كل سلوكه المارق وقمعه للشعب الإيراني».