كعادته المديفر، المذيع الأول في توثيق وتحليل الأحداث واستضافة الشخصيات العامة في بلادنا من خلال برنامجه المثير والأثير (في الصورة)، كعادته أزال في لقائه الأخير مع الأمير تركي بن طلال الصورة النمطية القديمة للعمل التنموي في عسير ليستبدلها الأمير في ذلك الحوار الجريء ومن خلال وعوده الجادة والجامحة بصورة أكثر تفاؤلا، تسهم في دفع عجلة التنمية في هذه المنطقة إلى الأمام؛ لتكون بكل شواهدها ومخرجاتها المنتظرة رافدا اقتصاديا مهما لبلادنا، تنسجم في آمالها العريضة ومآلاتها المنتظرة مع رؤيتنا الوطنية الطموحة 2030.

كان لقاء الأمير في منتهى الشفافية والصراحة، وكانت لغته تعتمد على الأرقام البعيدة عن الإنشائية المستهلكة، خاصة في هذا العصر، عصر المعلومة المكينة والرقم الصريح الذي يجسدها.

كان أهالي عسير وما زالوا ينتظرون تلك النقلات الاقتصادية التي توائم طبيعة منطقتهم الغنية بكل شيء، بدءا بالطبيعة الخلابة والمناخ الفريد والتضاريس المتنوعة وصولا إلى إنسانها وطبيعته الأصيلة التي ترتكز على مبادئ راسخة برسوخ تلك الجبال وقيم وأعراف تعانق الغيم والسحاب وشيم جسدت وما زالت تجسد عراقة الإنسان والمكان، من هنا، كان إعلان تلك الاستراتيجية الطموحة وما صاحبها من أرقام كبيرة، مدعاة لتفاؤل الجميع بغد مشرق في عسير.

كان حديث الأمير في ذلك اللقاء شموليا وجليا، حتى المشاريع المتعثرة كانت حاضرة في أجندته العملية قبل حديثه عنها في البرنامج، وكانت إجاباته واضحة وشفافة، فجميع الشرائح المجتمعية ما زالت تنتظر لحظة إغلاق تلك الملفات المتعثرة التي أعياها البطء قبل أن يعيي الترقب أهالي المنطقة.

شخصيا أشعر بتفاؤل كبير، منطلقه أن حكومة المملكة تعد المنطقة لنقلات اقتصادية كبيرة، هذه النقلات تحتاج بنية تحتية متماسكة قادرة على التماهي مع ذلك الجديد القادم، فالمدينة الطبية ضرورة ملحة كونها ستزيد من فرص التشافي والعلاج لأبناء المنطقة وما جاورها من مناطق وإن تباينت في احتياجاتها وأولوياتها التنموية، لكنها تتفق على ضرورة وجود مدينة طبية متطورة تخدم القطاع الجنوبي وأهله، بعد ذلك يأتي المطار وهو نقطة محورية ترتكز عليها كل تلك المشاريع الاقتصادية وهذا يقتضي الإسراع في تنفيذه وهذا ما بشر به الأمير وحدده في حواره الشفاف ذاك.

لفت نظري في حديث الأمير مبدأ الشراكة الفاعلة بين الأجهزة الحكومية للمنطقة في تحقيق تلك النقلات الاقتصادية الهامة والمنتظرة، وهو ما عرّفه سموه بالتنسيق الأفقي بين الأجهزة الحكومية المختلفة، للوصول إلى حالة من التوافق والانسجام تتمحور حولها تلك الأحلام والطموحات المتصورة، ثم يأتي بعد ذلك الانطلاق إلى تلك الفضاءات الطموحة من العمل المثمر والنجاح المنتظر، وهذا اقتضى من الأمارة ممارسة دور ريادي فاعل، تكون فيه المركز والمرتكز للعمل التنموي القادم تخطيطا وتقريرا ومتابعة، ينضوي تحت لوائه الجميع.

باختصار كان لقاء تأصيليا كشف من خلاله الأمير عن تفاصيل ومفاهيم العمل التنموي التكاملي في عسير، وكانت شجاعته جلية وهو يتلقى كل ذلك الكم الهائل من تساؤلات الناس ويجيب عنها بكل شفافية وصدق تعكسان احترامه لذاته ومصداقيته كمسؤول كبير، وللمجتمع الذي كان ومازال يثق في القيادة وفي توجهها نحو تطوير منطقة عسير.

بقي شيء أخير وهو زيادة فاعلية الاتصال والتنسيق بين الأجهزة الحكومية المختلفة، مع ضرورة أن تكون الكلمة الفصل للأمارة لتكون الوسط الذي تصاغ فيه السياسات وتحدد فيه الإجراءات ونوعها وأطرها الزمنية، والوسيط الذي من خلاله يعرض ويطلب ويقدر ويُعيد التقييم لكل تلك السياسات والإجراءات.

شكرا للأمير تركي هذا الحضور الجدير بالتقدير، وتحية إجلال لتلك الشفافية العالية التي أطرت ذلك اللقاء الجميل، عبرت عنه تلك الأرقام الدقيقة والواضحة كونها الأكثر تحديدا ومصداقية للعامة والمتخصصين، وشكرا للمديفر وصوره الجريئة التي أعادت بعث الصورة الحلم في عسير وترسيخها واقعا مأمولا ينتظره الجميع.

alaseery2@