العالم

لماذا تدخل الجيش التونسي لطرد الإخوان؟

ضباط متقاعدون طالبوا سعيد بحماية الدولة من الفوضى والفساد

الجيش التونسي انحاز للشرعية (مكة)
وقف زعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي أمام أبواب البرلمان المغلقة في الليل غداة إعلان الرئيس قيس سعيد التدابير الاستثنائية، وطلب من ضابط في الجيش أن يسمح للنواب بالدخول لأنهم أقسموا على حماية الدستور، فرد الضابط بأنه مكلف بحماية الوطن.

وكانت نهاية الحوار المقتضب بين رئيس البرلمان المجمد والضابط في الجيش، بمثابة رد نهائي على امتثال المؤسسة العسكرية لقرارات الرئيس، مما فتح الباب أمام أسئلة حول ما إذا كان للجيش دور داعم للرئيس في إنهاء نظام الحكم السائد قبل 25 يوليو حتى الآن.

وبعد قرارات الرئيس سعيد أحاطت وحدات من الجيش بمقري البرلمان ورئاسة الحكومة وانتشرت أمام عدد من المنشآت الحساسة، وبعدها خرج الرئيس في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة في الليل وسط احتفالات شعبية مؤيدة لقراراته.

وقال رامي الصالحي مدير مكتب المغرب العربي للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان «لا أعتقد أن المؤسسة العسكرية كانت داعمة لخطط الرئيس سعيد، المؤسسة ليست طرفا في النزاع. واجبها تنفيذ أوامر القائد الأعلى للقوات المسلحة».

وتابع الصالحي «الجيش احترم هرمية المؤسسات وله درجة عالية من الانضباط، لم يكن لديه خيار في مخالفة قرارات الرئيس وهو لم يلجأ إلى القوة، أغلق مؤسستين سياديتين بأوامر ومنع النواب وأعضاء الحكومة من الالتحاق بمكاتبهم».

لا يملك الجيش في تونس دورا مؤثرا في الحياة السياسية، وهو على العكس من ذلك يعد أكثر المؤسسات استحواذا على ثقة التونسيين، كما تبينه نتائج استطلاعات الرأي كونه حافظ على دوره الحيادي طيلة فترة الانتقال الديمقراطي منذ عام 2011، وبالإضافة إلى ذلك اضطلع الجيش بأدوار متعددة خارج نطاق اختصاصاته التقليدية، مثل التأمين اللوجيستي للانتخابات، وحراسة المحاصيل الزراعية، والمشاركة في حملات التطعيم ضد كوفيد 19.

ولكن مع صعود سعيد إلى سدة الرئاسة برزت المؤسسة العسكرية بشكل أكبر في أنشطة الرئيس اليومية، وطالب ضباط متقاعدون في تصريحات وبيانات متفرقة بأن يقوم سعيد بدوره من أجل حماية الدولة في ذروة الأزمة السياسية والدستورية مع البرلمان، في ظل وضع اقتصادي واجتماعي خانق لكن لم تكن هناك دعوات صريحة لاستخدام الجيش.

وقبل إصدار قراراته أعلن سعيد في اجتماع بالقصر الرئاسي أمام السياسيين أنه القائد الأعلى لقوات الجيش والأمن معا، اعتمادا على تأويله للدستور، وقال الصالحي «واضح أن سعيد طيلة سنة ونصف بعد حكمه كان لديه مكانان مفضلان، الذهاب إلى المساجد بهدف تحييد مفهوم محاربة الإسلام ودفع شبهة قرب أوساط اليسار من الرئيس، والمكان الثاني هو زياراته لثكنات الجيش والأمن بشكل أسبوعي».

وأضاف الصالحي «يريد الرئيس أن يؤكد كل مرة أنه القائد الأعلى لجميع القوات العسكرية وغير العسكرية. كان يبحث عن الولاء والشخصيات التي يثق فيها، وقد أحدث عددا من التغييرات، وعندما تأكد من الولاء أقدم على خطواته».

وعلى العكس، يقول جمال الدين الهاني المحلل السياسي التونسي المقيم في باريس لـ(د ب أ) «أولا القول بأن الجيش التونسي لا يتدخل في السياسة ليس سليما جدا، بفعل حمايته الدولة ورجالها، هو ينضبط لسياساتها، وهو بذلك يقوم بدور داخل منظومة سياسية تتكون من ثلاث سلطات متساوية، ولكن وحدها السلطة التنفيذية تمتلك القرار بينها».

وتابع الهاني «المقصود من حياد الجيش إذن هو أنه لا ينقلب على النظام السياسي ولا يعزل أحد مكوناته، ولكن هذا حصل يوم 25 يوليو الماضي، حيث انتصر الجيش للسلطة التنفيذية».