العالم

هل تتعرض أمريكا لخدعة وترفع عقوبات إيران؟

نواب بالكونجرس يشككون في تحويل أموال إلى طهران بعلم بايدن

الباخرة الكورية التي احتجزتها طهران (مكة)
عبر مراقبون عن مخاوفهم من أن تتعرض إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن لخدعة إيرانية، وتتجه نحو رفع جزء من العقوبات التي فرضت في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، مما سيساعد في تقوية شوكة نظام الملالي ودفعه لممارسة الكثير من العمليات الإرهابية في المنطقة.

وكشفت مجلة «فورين بوليسي» نقلا عن دبلوماسيين أوروبيين - لم تكشف عن هويتهم – أن مسؤولين بريطانيين وفرنسيين وألمان اقترحوا على الإدارة الأمريكية الجديدة المبادرة برفع جزء من العقوبات التي فرضها ترمب تمهيدا للعودة للاتفاق النووي.

وأشاروا إلى أن الفكرة كانت تتمثل في تقريب الولايات المتحدة من الامتثال للاتفاق النووي الذي انسحب منه ترمب بشكل أحادي في عام 2018، ووضع مسؤولية الرد بالمثل على إيران، وفقا للدبلوماسيين الأوروبيين.

وتعتقد أوروبا وفقا للتقرير أن بايدن يمكن أن يحتفظ بمجموعة من الإجراءات الإضافية التي فرضها ترمب، للحفاظ على بعض النفوذ على إيران في طاولة المفاوضات، وإحراز تقدم في القضايا التي تهم جميع الأطراف، ولا سيما برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني ودعمها لمجموعة من الميليشيات المسلحة في المنطقة.

الخطوة الأولى

وفيما قال مصدر أمريكي قبل أيام إنهم لا يمانعون في اتخاذ الخطوة الأولى، أصر جو بايدن على اتخاذ إيران الخطوة الأولى من خلال التراجع عن خروقات زيادة تخصيب اليورانيوم لمعدلات تفوق النسبة المحددة في الاتفاقية من أجل عودة الولايات المتحدة.

وقاوم البيت الأبيض في الأشهر الأخيرة طلبات أوروبية إضافية لرفع العقوبات المفروضة على السلع الإنسانية والإفراج عن الأموال الإيرانية في البنوك الأجنبية كإجراءات لبناء الثقة، وأصر على أن تتحرك طهران أولا لتقليص الأنشطة التي تنتهك الاتفاقية.

ووفقا للخبير في شؤون إيران لدى مجموعة الأزمات الدولية علي فايز، فإنه «قيل للأوروبيين منذ البداية إن الرئيس لا يريد القيام بأي مبادرات أحادية الجانب تجاه إيران».

ويسعى الجانب الأوروبي إلى عودة الولايات المتحدة للاتفاقية النووية قبل الانتخابات الإيرانية المزمع إقامتها في يونيو المقبل، والتي من الممكن أن تسفر عن وصول المحافظين إلى السلطة، مما يعقد عملية المفاوضات بشأن هذه الاتفاقية المعروفة رسميا باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة».

إشارات إيرانية

ويقول السفير الفرنسي السابق في الولايات المتحدة، جيرار أرو «كانت نصيحة الأوروبيين للأمريكيين هي أن يفعلوا ذلك بسرعة وعلى الفور، لأن كل الإشارات التي تلقوها من الجانب الإيراني كانت عودتهم للامتثال بالاتفاق بمجرد عودة الولايات المتحدة».

وينص الاتفاق النووي الموقع بين القوى الكبرى وطهران على الالتزام بخفض نسب تخصيب اليورانيوم إلى معدلات بسيطة لا تتجاوز 4% مقابل رفع العقوبات على إيران والسماح لها باستخدام أموالها المجمدة في الخارج.

وقال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، علنا إن طهران يجب أن تكون على استعداد للعودة إلى قيود الاتفاق النووي إما دفعة واحدة أو على مراحل، طالما أن الولايات المتحدة ترفع على الأقل بعض العقوبات الاقتصادية المدمرة التي فرضتها.

ويجادل السياسيون المعارضون الأكثر تحفظا، الذين يسيطرون على البرلمان، بأنه يجب على واشنطن رفع جميع العقوبات التي فرضتها إدارة ترمب قبل أن تستأنف إيران الامتثال للاتفاقية.

خديعة الملالي

وفيما يبدو وكأنه وقوع في الخديعة والمؤامرة التي ينصبها نظام الملالي الإيراني، قال مسؤول أمريكي لوكالة رويترز «ليست المشكلة في الطرف الذي يتحرك أولا. المشكلة هي هل نتفق على الخطوات التي سنتخذها على نحو متبادل».

وسعى المسؤول الأمريكي إلى إيضاح أن الولايات المتحدة تصر على التزام إيران الكامل بالاتفاق قبل اتخاذ واشنطن أي خطوات لاستئناف التزاماتها، وقال إن الولايات المتحدة لا تصر على ضرورة اتخاذ طهران خطوة أولى للالتزام قبل شروع واشنطن في اتخاذ إجراء، مما يشير إلى مزيد من المرونة من جانب واشنطن.

وأضاف «ليس موقفنا أن تلتزم إيران بشكل كامل قبل أن نقوم بأي إجراء. إذا اتفقنا على خطوات متبادلة، فإن مسألة التسلسل لن تكون هي المشكلة»، وتابع المسؤول «سنكون براغماتيين حيال ذلك».

وكان المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، قال في الأسبوع الماضي، إن على واشنطن تخفيف العقوبات قبل أن تستأنف طهران الامتثال للاتفاق النووي.

الأموال المجمدة

وفي عمق المفاوضات الإيرانية مع أمريكا، عادت إلى الواجهة مجددا أموال إيران المجمدة في كوريا الجنوبية ومسألة السفينة التي احتجزتها قوات من الحرس الثوري الإيراني في مضيق هرمز في يناير الماضي.

وعكفت كوريا الجنوبية على دراسة سبل الإفراج عن بعض الأموال الإيرانية المجمدة لديها بفضل العقوبات الأمريكية، مقابل الإفراج عن تلك السفينة التي احتجزت في الرابع من يناير، ويأتي هذا فيما يسعى عدد من النواب الجمهوريين في الكونجرس الأمريكي إلى الدفع للحصول عن المزيد من المعلومات فيما يتعلق بترابط هذين الموضوعين.

ووجه نواب أمريكيون رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، يطلبون فيها إبلاغ الكونجرس بأي دور تلعبه الولايات المتحدة في المفاوضات الجارية مع كوريا الجنوبية حول هذا الملف.

ولفتوا في رسالتهم إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تستغل على ما يبدو بعض الثغرات في التعاطي مع النظام الإيراني.

تحذيرات الكونجرس

وتضمنت الرسالة سؤالا مباشرا لوزير الخارجية مفاده «نسأل مباشرة هنا عن ضلوع الولايات المتحدة في تسهيل دفعات فدية من كوريا الجنوبية لإيران».

في المقابل، حذر المشرعون من أنه «إذا كانت إدارة بايدن مشاركة في تحويل أموال إلى إيران فعليها إبلاغ الكونجرس والشعب الأمريكي».

كما أشادوا في الوقت عينه بتصريحات بلينكن الأخيرة التي نفى فيها تعاون أمريكا مع كوريا الجنوبية للإفراج عن مليار دولار لإيران، مذكرين بأنشطتها الراعية للإرهاب.

لكنهم اعتبروا أن هذا النفي غير كاف ودعوه لإعطاء جواب واضح وصريح بشأن أي خطط أو نوايا أو تعاون من قبل الولايات المتحدة للسماح لإيران بالحصول على أصولها المجمدة في كوريا الجنوبية للقيام بمشتريات إنسانية من خلال «القناة السويسرية»، بحسب نص الرسالة.

يذكر أنه من ضمن الموقعين على تلك الرسالة كل من النائب الجمهوري جيم بانكس، وبراين ستيل، وغريغ ستوب.