العالم

مبعوث إيران.. يفجر أزمة في أمريكا

توم كوتون: المرشد الإيراني لن يصدق أنهم محظوظون لهذه الدرجة بتعيين مالي يتحدث العربية والإنجليزي والفرنسية.. وقاد اتفاق أوباما النووي في 2015 والده من أصل مصري ـ سوري.. وكان صحفيا مقربا من عبدالناصر ألف كتاب (الثورة العربية المضادة) وكشف أخطاء معاهدة كامب ديفيد

روبرت مالي
أثار تعيين الولايات المتحدة الأمريكية روبرت مالي مبعوثا خاصا للشؤون الإيرانية، جدلا واسعا بين مؤيد ومعارض على مستوى العالم.

وفيما قال الباحث مارك إيسكوبوس في مجلة (ناشيونال إنترست)، «إن تعيين مالي، فجّر أول جدلٍ رئيسي حول السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي جو بايدن، ويقوض بعض الفرضيات فيما يتعلق باستراتيجية بايدن الأشمل حيال الشرق الأوسط»، وتوقع محللون أن يكون ذلك تمهيدا لإحياء خطة العمل المشتركة الشاملة المعروفة بالاتفاق النووي مع إيران الموقع في 2015.

ويأتي تخوف الكثيرين من وجود مالي بسبب انخراطه في تنفيذ سياسات إدارة الرئيس الأمريكي سابقا باراك أوباما في الشرق الأوسط، حيث سبق له أن تولى مهمة المفاوض الأمريكي الرئيسي في الاتفاق النووي.

وتعرض تعيين مالي لسيل من الانتقادات من العاملين في حقل السياسة الخارجية بواشنطن، وقال السناتور الجمهوري توم كوتون: «من المثير جداً للقلق أن الرئيس بايدن فكر في تعيين روبرت مالي مسؤولا عن إدارة السياسة مع إيران، رغم أنه يملك سجلا حافلا بالتعاطف مع النظام الإيراني، المرشد الإيراني لن يصدق أنهم محظوظون إلى هذه الدرجة، في حال تعيينه».

أصله مصري

المفاجأة التي كشفتها وسائل الإعلام الأمريكية هي أن روبرت مالي، هو نجل الصحفي اليساري مصري المولد واليهودي حلبي الأصل سيمون مالي، أحد المدافعين عن قضايا العالم الثالث ومناهضة الاستعمار.



وولد مالي الأب في القاهرة لأسرة يهودية سورية تعيش في ظروف متواضعة، وبعد تخرجه من المدرسة الثانوية، أصبح صحفيا وأرسلته صحيفة مصرية لتغطية أخبار الأمم المتحدة في مدينة نيويورك، حيث التقى بزوجته الأمريكية باربرا.

ودعم مالي الأب ثورة جمال عبدالناصر في مصر عام 1952، وعينه ناصر ممثلا لجريدة (الجمهورية) اليومية المصرية في مدينة نيويورك.

الثورة المضادة

أما مالي الابن المعين أمس مندوبا لبايدن، فقد درس في عدد من أرقى الجامعات على مستوى العالم، فهو خريج جامعتي هارفارد ويال الأمريكيتين، حيث كان زميل الدراسة للرئيس السابق باراك أوباما.

نشر العديد من الأبحاث والدراسات بالاشتراك مع الباحث في جامعة أكسفورد حسين آغا تناولت قضايا ومشاكل الشرق الأوسط، وبينها (كامب ديفيد ومأساة الأخطاء) و(المفاوضات الأخيرة) و(ثلاثة رجال في مركب واحد) و(حماس ومخاطر السلطة) و(الثورة العربية المضادة).

ويتحدث روبرت مالي الإنجليزية والفرنسية والعربية، وهو ليس بعيدا عن الملف الإيراني، ذلك أنه قاد الجانب الأمريكي من موقعه مستشارا دبلوماسيا للرئيس الأسبق باراك أوباما، في المفاوضات التي أدت إلى الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني عام 2015.

تكذيب بايدن

اعتبر المشرعون الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ، أن تعيين مالي يثبت أن بايدن لا يعتزم الحكم بتوافق من الحزبين، وقال السيناتور توم كوتون، «إن تعيين راديكاليين من أمثال مالي يكذب كلام بايدن وبلينكن عن الوحدة».

ورافقت الاتهامات بمناهضة إسرائيل والانحياز لإيران، مالي منذ عمله في إدارة الرئيس سابقا بيل كلينتون في التسعينيات، من القرن الماضي. وأُجبر على الاستقالة من منصب المستشار غير الرسمي لحملة أوباما في 2008، بعدما تبين أنه اجتمع مع حركة حماس، عندما كان يعمل مع مجموعة الأزمات الدولية.

وبعد عودته إلى إدارة أوباما في 2015، اختلف بحدة مع سياسة الإدارة القائمة على تغيير النظام في سوريا. ورفض مساعدة المعارضة السورية اعتقادا منه أنها ستطيل النزاع دون الوصول إلى الأهداف الأمريكية الحقيقية.

الرايات الحمراء

وسارع عدد من الديموقراطيين إلى رفع الرايات الحمراء، ويعتقد هؤلاء أن جعل مالي في واجهة المفاوضات حول الاتفاق النووي، سيثير استقطابا لا ضرورة له داخل إدارة بايدن في ما يتعلق بالسياسة التي يتعين انتهاجها مع إيران.. وفقا لموقع (24) الإماراتي.

وقال مسؤول سابق في إدارة أوباما وحليف لبايدن لمجلة (بوليتيكو) الأمريكية عن مالي، «إنه يغالي في يساريته في هذه القضايا، من إيران، إلى إسرائيل إلى سوريا، ولن يكون أمرا مساعداً تعيينه للقيام بهذا الدور».

هزيمة مالي

على النقيض من ذلك، قوبلت عودة مالي بإشادات من معظم الديموقراطيين وشريحة واسعة من العاملين في حقل السياسة الخارجية في واشنطن.



وغرد الدبلوماسي السابق دنيس روس قائلا «شاهدت التعليقات على روبرت مالي وهي خاطئة ببساطة...إنه جدي، عميق التفكير ويعرف ما هو المهم. إنه ليس دوغمائيا، وأعرف أنه يزن الأمور بعناية، ويعرف كذلك إيجابيات مختلف الخيارات وسلبياتها، ومنفتح على وجهات نظر أخرى. أكن له احتراما كبيرا».

ويشعر آخرون بأن البعض يستهدفون مالي للتعبير عن إحباطهم من عزم بايدن على العودة إلى سياسات عهد أوباما الرامية إلى التقارب مع إيران، وقال جو سيرنكوين الزميل في (كوينسي إنستيتيوت فور ريسبونسبل ستايت كرافت) «إنهم يرغبون في هزيمة روبرت مالي وتسميره على الحائط، وتكبيد بايدن ثمنا، وإظهار أن المضي في سياسته مع إيران سيكون صعبا».

مصدر ذعر

ويرى الباحث أن إعادة مالي إلى منصب دبلوماسي بارز يمكن أن يقابل في إيران وكأنه إشارة حسن نية من جانب الإدارة الجديدة، وطلاق رمزي واضح مع استراتيجية الضغط الأقصى التي حكمت سياسة دونالد ترمب مع إيران في الأعوام الأربعة الماضية.

وبالرمزية ذاتها، فإن براغماتية مالي، أو تساهله مع إيران بحسب منتقديه، يمكن أن تكون مصدر ذعرٍ للراغبين في وقف الإرهاب الإيراني، وعلاوة على إيران، فإن تعيين مالي ينطوي على افتراضات ضمنية في مسألة أساسية أخرى في استراتيجية بايدن للشرق الأوسط، حيث كان معارضا شرسا للمساعدات التي قدمتها إدارة أوباما للمعارضة السورية في الحرب الأهلية، التي شكلت جوهر استراتيجية أوباما لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد.

روبرت مالي.. من يكون؟
  • مواليد نيويورك في 1963
  • والده سيمون مالي (مصري من أصل سوري)
  • والدته باريرا مالي (أمريكية)
  • خريج جامعتي هارفارد ويال الأمريكيتين
  • زميل دراسة للرئيس السابق باراك اوباما
  • حصل على الدكتوراه من جامعة أكسفورد البريطانية
  • رسالته للدكتوراه عنوانها »العالم ثالثية واضمحلاله«
  • نشر كتابه »صرخة الجزائر« عام 1996
  • نشر العديد من الأبحاث والدراسات بالاشتراك مع الباحث في جامعة أكسفورد حسين آغا
  • كتب مقالات في نيويورك تايمز وفورين أفيرز وواشنطن بوست ولوموند
  • احتل منصب الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة الأزمات الدولية في واشنطن