ماذا بعد أزمة (كوفيد - 19)؟
الاثنين / 8 / ربيع الثاني / 1442 هـ - 20:12 - الاثنين 23 نوفمبر 2020 20:12
من الطبيعي جدا أن تنشغل قوائم جداول الأعمال في المؤسسات أثناء أزمة (كوفيد - 19) بكيفية التعامل مع آثار هذه الأزمة، والتقليل من حدتها السلبية على الأعمال والأرباح، ولكن من المتميز جدا أن يكون الانشغال حول سؤال: كيف يمكن أن تستفيد هذه المؤسسة من هذه الأزمة وبدرجة ربما تفوق هذا التميز؟ يكون مدار الانشغال حول إجابة السؤال الكبير والمهم جدا: كيف يمكن أن تنعكس هذه الأزمة إيجابا على الأهداف والاستراتيجيات العليا لأي مؤسسة بعد تجاوزها؟ أعتقد أنه سيكون تصرفا مثاليا قد يجعل من هذا التحدي الذي في ظاهره التعامل معه بخطط الطوارئ وفي باطنه الفرص العظيمة لمزيد من الأرباح واستمرارية الأعمال المتألقة.
سأذكر لكم مثالا رأيته بالعين المجردة لأحد المشاريع المتعلقة بالتحول الرقمي لإحدى الخدمات، وهو مشروع بدأ منذ أعوام، وبمجرد وقوع الأزمة أصبحت الحاجة ماسة إليه، إضافة إلى وجود تركيز متضخم من قبل أصحاب المؤسسة تجاه هذا الأمر، أنجز هذا المشروع في أسابيع قليلة من بداية الحظر مع بعض الملاحظات التي لا تعوق تشغيله، في هذا المثال استفادت المؤسسة من هذه الأزمة في إنجاز المشروع العابر للزمن في وقت قصير جدا. وفي مرحلة متقدمة بعد جلاء الأزمة سيكون السؤال الأكثر تميزا هنا: كيف يمكن جعل مثل هذه المشاريع تنجز في مثل هذه الأوقات القصيرة؟
لذلك سيكون الجانب الملهم هنا: كيف يمكن لنا جعل مبدأ الحاجة أم الاختراع يعمل ليس أثناء الأزمات فحسب؟ وأقصد بذلك أن الأفكار والأعمال والحلول التي تعالج أحد أعراض هذه الأزمة قد تتحول لفرصة تغيير عظيمة على مستوى الأهداف الكلية والاستراتيجيات والأرباح وديمومة الأعمال.
سأذكر هنا بعض المشاهد الخلاقة التي بالتأكيد تستوجب عمل دراسة مكتملة الجوانب تجاهها في وقت مناسب، وتستدعي أيضا شيئا من الجرأة والشجاعة في صناعة القرار:
بعض الشركات التي فعلت نظام العمل المرن وأداء الأعمال عن بعد والانطلاق للأعمال الميدانية مثلا من المنزل، وجدت أن أداءها لم يتغير من حيث تحقيق المؤشرات، بل إن أزمة (كوفيد 19) جعلت الطلب مرتفعا مثلا لإحدى شركات الاتصالات العملاقة، ومع ذلك لم يكن نظام العمل المرن حاجزا أو حجر عثرة تجاه تحقيق المؤشرات وحجم الطلب المرتفع، وهذا يقودنا إلى الفكرة التالية: ماذا لو كان نظام العمل المرن يتم العمل به حتى بعد أزمة (كوفيد 19)؟ كم ستوفر أو تستثمر الشركات من حجم الأصول التشغيلية التي لديها؟ كيف سيكون الشكل الجديد لأسلوب الإدارة التشغيلية؟ هل سيحقق الفاعلية المطلوبة؟ هذه الأسئلة وغيرها قد تكشف النقاب عن فرص تحولية تاريخية عظيمة.
مشهد آخر: كثير من المستفيدين لم يكونوا على وفاق مع الدورات التدريبية التي تكون من خلال الشبكة العنكبوتية، ولكن مع تداعيات الأزمة وبالممارسة المستمرة من خلال هذا المنفذ التعليمي الوحيد أثبت أن هذا الأمر يعمل بشكل جيد ويحقق ما يمكن تحقيقه من خلال الدورات المباشرة، وعلى نطاق أكبر من ذلك في المشهد التعليمي، ستجد أن التجربة الجديدة للتعليم من خلال المنصات الإلكترونية أثبتت فعاليتها من خلال نسب الاستفادة المعلنة من قبل وزارة التعليم، والسؤال أيضا يطرح نفسه هنا: كيف يمكن الاستفادة من التجربة التعليمية الالكترونية بعد تجاوز أزمة (كوفيد - 19)؟ هل من الممكن الجمع بين الحضور في المدرسة والتعليم عن بعد؟ والتقليل من حجم الأصول التشغيلية للمنشآت التعليمية واستثمارها في شكل آخر؟ فضلا عن أسئلة مدى الفروقات والأهمية للنمط التلقيني للتعلم في السابق ونمط التعلم الذاتي الجزئي الذي فرضته الحالة الجديدة؟
مشهد أخير: التحول الرقمي الواسع الذي حصل في قنوات البيع والشراء والتوصيل الذي بالتأكيد له أثره الواضح في تحول الشركات في توجهاتها من حيث التركيز والاعتماد على قنوات الاتصال الشبكي الذي نحى ببعض الشركات: بأن تغلق كثير من مراكز البيع لديها والتركيز في التسويق والاستثمار من خلال المواقع والتطبيقات الالكترونية. والسؤال هنا أيضا: كيف يمكن تحويل هذا الجانب لفرصة تحولية تاريخية لما بعد أزمة (كوفيد 19) من خلال تقليل الموارد وفعالية الأمور التشغيلية، وبالتأكيد الزيادة في غلة الأرباح وتعدد الاستثمارات.
أتفهم أن بعض صناع القرار في المؤسسات والشركات يرددون معاني من مثل: متى تنجلي الأزمة وتعود الاستثمارات لطبيعتها السابقة؟ وبرغم ما فيها من هاجس عدم استغلال الأزمة من حيث تكوين الفرص التاريخية للتحولات على جميع المستويات في المؤسسات والشركات، إلا أن الوقوف والانتظار لانجلاء الأزمة بحد ذاته يعتبر مخاطرة قد تفوق مخاطرة التحولات الجديدة، الحل من خلال أمرين: دراسة شاملة صحيحة للتحول المرغوب من أهل الرأي والاختصاص، والأمر الآخر قرارات شجاعة والالتزام بهذه القرارات تجاه التحول المطلوب.
fahdabdullahz@
سأذكر لكم مثالا رأيته بالعين المجردة لأحد المشاريع المتعلقة بالتحول الرقمي لإحدى الخدمات، وهو مشروع بدأ منذ أعوام، وبمجرد وقوع الأزمة أصبحت الحاجة ماسة إليه، إضافة إلى وجود تركيز متضخم من قبل أصحاب المؤسسة تجاه هذا الأمر، أنجز هذا المشروع في أسابيع قليلة من بداية الحظر مع بعض الملاحظات التي لا تعوق تشغيله، في هذا المثال استفادت المؤسسة من هذه الأزمة في إنجاز المشروع العابر للزمن في وقت قصير جدا. وفي مرحلة متقدمة بعد جلاء الأزمة سيكون السؤال الأكثر تميزا هنا: كيف يمكن جعل مثل هذه المشاريع تنجز في مثل هذه الأوقات القصيرة؟
لذلك سيكون الجانب الملهم هنا: كيف يمكن لنا جعل مبدأ الحاجة أم الاختراع يعمل ليس أثناء الأزمات فحسب؟ وأقصد بذلك أن الأفكار والأعمال والحلول التي تعالج أحد أعراض هذه الأزمة قد تتحول لفرصة تغيير عظيمة على مستوى الأهداف الكلية والاستراتيجيات والأرباح وديمومة الأعمال.
سأذكر هنا بعض المشاهد الخلاقة التي بالتأكيد تستوجب عمل دراسة مكتملة الجوانب تجاهها في وقت مناسب، وتستدعي أيضا شيئا من الجرأة والشجاعة في صناعة القرار:
بعض الشركات التي فعلت نظام العمل المرن وأداء الأعمال عن بعد والانطلاق للأعمال الميدانية مثلا من المنزل، وجدت أن أداءها لم يتغير من حيث تحقيق المؤشرات، بل إن أزمة (كوفيد 19) جعلت الطلب مرتفعا مثلا لإحدى شركات الاتصالات العملاقة، ومع ذلك لم يكن نظام العمل المرن حاجزا أو حجر عثرة تجاه تحقيق المؤشرات وحجم الطلب المرتفع، وهذا يقودنا إلى الفكرة التالية: ماذا لو كان نظام العمل المرن يتم العمل به حتى بعد أزمة (كوفيد 19)؟ كم ستوفر أو تستثمر الشركات من حجم الأصول التشغيلية التي لديها؟ كيف سيكون الشكل الجديد لأسلوب الإدارة التشغيلية؟ هل سيحقق الفاعلية المطلوبة؟ هذه الأسئلة وغيرها قد تكشف النقاب عن فرص تحولية تاريخية عظيمة.
مشهد آخر: كثير من المستفيدين لم يكونوا على وفاق مع الدورات التدريبية التي تكون من خلال الشبكة العنكبوتية، ولكن مع تداعيات الأزمة وبالممارسة المستمرة من خلال هذا المنفذ التعليمي الوحيد أثبت أن هذا الأمر يعمل بشكل جيد ويحقق ما يمكن تحقيقه من خلال الدورات المباشرة، وعلى نطاق أكبر من ذلك في المشهد التعليمي، ستجد أن التجربة الجديدة للتعليم من خلال المنصات الإلكترونية أثبتت فعاليتها من خلال نسب الاستفادة المعلنة من قبل وزارة التعليم، والسؤال أيضا يطرح نفسه هنا: كيف يمكن الاستفادة من التجربة التعليمية الالكترونية بعد تجاوز أزمة (كوفيد - 19)؟ هل من الممكن الجمع بين الحضور في المدرسة والتعليم عن بعد؟ والتقليل من حجم الأصول التشغيلية للمنشآت التعليمية واستثمارها في شكل آخر؟ فضلا عن أسئلة مدى الفروقات والأهمية للنمط التلقيني للتعلم في السابق ونمط التعلم الذاتي الجزئي الذي فرضته الحالة الجديدة؟
مشهد أخير: التحول الرقمي الواسع الذي حصل في قنوات البيع والشراء والتوصيل الذي بالتأكيد له أثره الواضح في تحول الشركات في توجهاتها من حيث التركيز والاعتماد على قنوات الاتصال الشبكي الذي نحى ببعض الشركات: بأن تغلق كثير من مراكز البيع لديها والتركيز في التسويق والاستثمار من خلال المواقع والتطبيقات الالكترونية. والسؤال هنا أيضا: كيف يمكن تحويل هذا الجانب لفرصة تحولية تاريخية لما بعد أزمة (كوفيد 19) من خلال تقليل الموارد وفعالية الأمور التشغيلية، وبالتأكيد الزيادة في غلة الأرباح وتعدد الاستثمارات.
أتفهم أن بعض صناع القرار في المؤسسات والشركات يرددون معاني من مثل: متى تنجلي الأزمة وتعود الاستثمارات لطبيعتها السابقة؟ وبرغم ما فيها من هاجس عدم استغلال الأزمة من حيث تكوين الفرص التاريخية للتحولات على جميع المستويات في المؤسسات والشركات، إلا أن الوقوف والانتظار لانجلاء الأزمة بحد ذاته يعتبر مخاطرة قد تفوق مخاطرة التحولات الجديدة، الحل من خلال أمرين: دراسة شاملة صحيحة للتحول المرغوب من أهل الرأي والاختصاص، والأمر الآخر قرارات شجاعة والالتزام بهذه القرارات تجاه التحول المطلوب.
fahdabdullahz@