الرأي

خط الأنابيب .. تراث صناعي يستحق البقاء

فواز عزيز
• التاريخ لا يستحق الإزالة، بل الحفظ والاهتمام؛ لأنه لا يقدر بثمن.

• المدن التي كانت تسمى «محافظات خط الأنابيب» وتنام كل ليلة بجانب «البيب» الذي كان سببا في نشأتها، ترى - اليوم - تاريخها يزال بتفكيك خط الأنابيب الممتد من شرق الوطن إلى غربه، بعد سنوات من إزالة محطات «التابلاين» التي كانت مدنا عصرية وحديثة وسط الصحراء وقامت عليها مدن عديدة.

• كل مدينة لها تاريخها ولها فخرها ولها من يفخر بها.. ويزداد الفخر بالماضي كلما ازداد الحاضرُ جمالا.

• نشرت صحيفة «عكاظ» قبل أيام خبرا عن أعمال تفكيك وإزالة خط الأنابيب الذي كان ينقل النفط من شرق بلادنا إلى ميناء «صيدا» اللبنانية، مختصرا المسافة من 6 آلاف كلم إلى 1664 كلم بعدما كان ينقل عبر الناقلات في البحار.

• وحتى بعدما توقف «خط الأنابيب» عن نقل النفط، بقيت آثاره معلما يكتب ويوثق تاريخ مدن الشمال التي تحولت من صحراء قاحلة إلى مدن متطورة، وقال عنها الدكتور إبراهيم عبدالله المنيف في كتابه «النفط.. الطفرة.. الثروة» بأن الحياة في محطات «التابلاين» في رفحاء وعرعر وطريف قبل أكثر من نصف قرن كانت أفضل بكثير من العيش في جدة والرياض، ووصفها بأنها «مدن أمريكية مصغرة بشوارعها كما في أي مدينة صغيرة بولاية تكساس...».

• وتأتي أعمال إزالة خط الأنابيب بعد عام من إطلاق وزارة الثقافة السعودية برنامج «التراث الصناعي» وقالت وزارة الثقافة وقتها، أنها تسعى لبناء شبكة تعنى بحفظ التراث الصناعي السعودي، من خلال تخليد أثر المنشآت الصناعية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإظهارها للمجتمع كمعالم أثرية لإبراز دور النهضة السعودية في الصناعة العالمية وذلك من خلال إعادة تأهيل المنشآت، مؤكدة أنها ستعمل بعد المسابقة التي تأتي تماشيا مع رؤية المملكة 2030، على تسويق «التراث الصناعي» بوصفه وجهة ثقافية وسياحية، وكان مما فاز بالمسابقة مواد توثق لمحطات «التابلاين» ودورها التنموي وتوثقها كتراث صناعي، للأستاذ ماجد المطلق والأستاذ مطر عايد العنزي.

• كنا نتأمل بأن تثمر جهود وزارة الثقافة بقيادة الوزير الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، بتسجيل ذلك التراث الصناعي ضمن قائمة التراث العالمي.

• كانت وزارة الثقافة تسعى لتخليد التراث الصناعي ومنه «محطات التابلاين» و«خط الأنابيب»، لكن يبدو أن لشركة أرامكو رأيا آخر، بأن هذا التراث الصناعي لا يستحق التخليد، أو أنها لم تكن تعلم بما تقوم به وزارة الثقافة من تخليد وتوثيق لهذا التراث الصناعي، الذي كان سببا في تنمية ضخمة لمدن الشمال، وكان عملا عظيما في وقته.

• في 2007 وثقت بالصورة لحظة إزالة بقايا محطة التابلاين في مدينتي رفحاء، واليوم بدأت أعمال إزالة خط الأنابيب من شرق السعودية وستستمر حتى غربها مرورا بمدن الحدود الشمالية، كنت أتمنى ألا يزال، وأن يبقى شاهدا على تاريخ عظيمة صنعته بلادي، أو على الأقل تتنازل شركة أرامكو عن بعض أجزاء خط الأنابيب التي تشارك المدن عمرانها وكانت سببا في نشأتها، ليبقى يمتد بجانبها شاهدا على التاريخ.

(بين قوسين)

في الورقة رقم 22 من رواية «ما تبقى من أوراق محمد الوطبان» التي أبدعها «محمد الرطيان»، مكتوب:

• عندما أذكر خط الشمال «الطريق الدولي» لا بد أن أتذكر خط الأنابيب «التابلاين». لم يكن الطريق مجرد طريق، ولم يكن «التابلاين» مجرد آلة معدنية ضخمة تضخ النفط.. كانا: الذاكرة، والحكايات المرة والحلوة.

• كأنهما عاشقان يمشي كل منهما بمحاذاة الآخر لا يريد أن ينفصل عنه.. أحاول أن أعرف أيهما ولد قبل الآخر؟ وأكتشف أنهما «توأمان».

fwz14@