العالم

اعترافات عميل تركي تفضح مؤامرات إردوغان

نيويورك تايمز: قضية أوزتورك تكشف كيف يلاحق النظام التركي خصومه

أتراك يرفعون لوحة «إردوغان قاتل» (مكة)
اعترف عميل للمخابرات التركية داخل مركز لشركة في العاصمة النمساوية فيينا، بأنه تلقى أوامر بإطلاق النار على سياسي نمساوي كردي، وأجبر على الإدلاء بشهادة زور لإدانة موظف في القنصلية الأمريكية في إسطنبول.

فضحت اعترافات العميل التركي عقب تسليم نفسه للشرطة النمساوية، ملاحقة رجب طيب إردوغان لمعارضيه في الخارج، وسياسته الدموية في تصفية من يختلف معه في الرأي سواء في الداخل أو الخارج، وفقا لما نقله موقع (24) الإماراتي، عن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.

أكدت «نيويورك تايمز» أن اعترافات هذا الرجل الذي عرف نفسه باسم فياز أوزتورك، «توفر نظرة ثاقبة جديدة على المدى الذي يكون فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستعدا للذهاب لملاحقة أعدائه». وقد يؤدي اعترافه المفصل في تقرير الشرطة الذي اطلعت عليه الصحيفة إلى الشك في صحة إدانة متين توبوز الذي عمل في وزارة الخارجية الأمريكية وإدارة مكافحة المخدرات في إسطنبول، والذي حكمت عليه في يونيو الماضي بالسجن لأكثر من ثماني سنوات بتهمة مساعدة جماعة إرهابية مسلحة.

اعترافات أوزتورك

وأخبر أوزتورك الشرطة أنه تقاعد من وظيفة امتدت لفترة طويلة في وكالة المخابرات التركية المعروفة باسم MIT، ولكن تم تكليفه مؤخرا بتنفيذ هجوم على أيغول بيريفان أصلان وهي نائبة سابقة عن «حزب الخضر» النمساوي من أصل كردي وناقدة بارزة لإردوغان، ومنذ ذلك الحين تم اعتقاله من قبل المدعين النمساويين، الذين يحققون معه الآن بتهمة العمل في جهاز استخبارات عسكري أجنبي.



وقال إنه في أوائل سبتمبر 2017، طلب منه التوقيع على إفادة شاهدة ضد توبوز، حيث تم تهديده بالذهاب للسجن إن لم يفعل ذلك. وأضاف أوزتورك «لقد وضعوني بالقوة كشاهد، ووضعوا أمامي ورقة فارغة، ووقعت عليها.. وإلا كنت سأذهب إلى السجن مع متين توبوز». وأضاف «في تركيا، يفعلون ذلك دائما بهذه الطريقة».

وأشار إلى أنه تلقى أوامر بإطلاق النار على أصلان، حيث تم الاتصال به لأول مرة للحصول على هذه المهمة من قبل المدعي العام التركي في إسطنبول في عام 2018. وكان من المفترض أن ينفذ الهجوم في مارس الماضي، لكن الإغلاق أعاق سفره إلى فيينا، كما أخبر الشرطة.

قاتل مأجور

وأضاف أوزتورك، الذي يحمل جواز سفر إيطاليا، أنه علق في ريميني بإيطاليا حيث انتهى به الأمر بكسر في إحدى ساقيه في حادث، ثم قال إنه في أغسطس الماضي، اتصل به رجل عبر تطبيق «واتس اب» وطلب منه السفر إلى بلغراد في صربيا، ومقابلة أحد معارفه في مقهى تركي.

ولدى سؤاله من قبل الشرطة عن سبب تسليمه لنفسه، قال أوزتورك إنه فعل ذلك لإنقاذ نفسه. وتابع «أنا لا أحب هذا النوع من الأشياء، أنا لست قاتلا مأجورا». كما حدد أوزتورك أهدافا أخرى كانت قد أعطيت له بالإضافة إلى الهجوم على أصلان. وفي هذا السياق، قال بيتر بيلز، ناشر المجلة الالكترونية ZackZack التي كانت أول من نشر أخبار عن أوزتورك، إن الشرطة أخبرته أنه أحد هؤلاء المستهدفين وعرضت عليه الحماية.

وكان بيلز، وهو أيضا نائب سابق عن «حزب الخضر»، عضوا في لجنة الرقابة على المخابرات وهو ناقد قديم وبارز لإردوغان، خاصة فيما يتعلق بمعاملته للأكراد.

مؤامرة تركية

دقت قضية فياز أوزتورك ناقوس الخطر وزادت قلق الحكومة النمساوية تجاه المخابرات التركية ، وقال وزير الداخلية النمساوي كارل نهامر: «إننا نأخذ الأمر على محمل الجد»، فيما قال مسؤول حكومي: «إذا تم تأكيد وجود مؤامرة فسيكون ذلك إشارة إلى مستوى جديد من التدخل التركي».

لا مكان للتجسس

كانت لجنة خاصة للشرطة النمساوية خلصت في الشهر الماضي إلى أن المخابرات التركية جندت محرضين للمساعدة على إثارة اشتباكات عنيفة خلال احتجاج كردي في شارع في منطقة فافوريتين في فيينا في يونيو الماضي وجمع معلومات عن المتظاهرين.



وقال وزير الداخلية النمساوي «التجسس والتدخل التركي في ممارسة الحقوق الديمقراطية لا مكان لهما في النمسا، هناك حوالي 270 ألف شخص من أصول تركية في النمسا، وحوالي ثلثهم من الأكراد». وكانت سوزان راب، وزيرة الاندماج النمساوية، أكثر صراحة حيث قالت «النمسا أصبحت هدفا للتجسس التركي.. ذراع إردوغان الطويلة تصل إلى مدينة فيينا فافوريتين».

علاقات عدائية

وتعد قضية توبوز واحدة من قضايا عدة ضد أمريكيين وموظفين حكوميين أمريكيين في تركيا، يؤكد المسؤولون الأمريكيون أن لا أساس لها، وأنهم يرون أنها محاولة من قبل إردوغان لممارسة نفوذه في علاقاته العدائية المتزايدة مع الولايات المتحدة.

وقال تقرير الصحيفة الأمريكية «لقد ترافق استبداد إردوغان المتنامي خلال العقد الماضي مع حملة عدوانية ضد خصومه في الداخل والخارج، والتي بدأت عندما اختلف مع الاتحاد الأوروبي واشتدت بعد الانقلاب الفاشل في عام 2016 الذي ألقى الرئيس باللوم فيه على الولايات المتحدة وعلى رجل الدين المقيم فيها فتح الله غولن».

وأشار إلى أن حملة القمع في تركيا أدت إلى سجن عشرات الآلاف من خصوم إردوغان السياسيين، في الغالب بناء على أدلة واهية أو ملفقة، وفي الخارج تورطت تركيا في عمليات استرجاع قسرية لأكثر من 100 من أنصار غولن، كما أكد محققون فرنسيون أن تركيا وصلت لحد اغتيال ثلاثة مسلحين أكراد في باريس في عام 2013. وقد تلقى أتراك معارضون لإردوغان يعيشون في الخارج إخطارات عبر الإنتربول بصدور مذكرات اعتقال بحقهم، كما اشتكوا من مضايقات ومراقبة عملاء أتراك لهم.