العالم

ذا تايمز للناتو: أوقفوا إردوغان قبل أن يحرق العالم

حذرت من استمرار الرئيس التركي في صلفه وأفعاله المستفزة المهددة للاستقرار

رجب طيب إردوغان
دعت صحيفة «ذا تايمز» البريطانية، حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى التدخل لمنع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من إذكاء النزاع المزمن في القوقاز بين أرمينيا وأذربيجان، محذرة من أن التلكؤ في لجمه سيشجعه على المضي في أفعاله التي ستؤدي في النهاية إلى محرقة عالمية.

ونقل موقع (24) الإماراتي عن الصحيفة تحذيرها من أن النزاع أكثر خطورة من نزاع حدودي تقليدي، لأنه يمكن أن يتسع ليشمل دولا مجاورة، خصوصا مع تأجيج الرئيس التركي، حليف أذربيجان، النزاع. وطالبت الناتو أن يفهم إردوغان أن سلوكه الزئبقي بمثابة تهديد للسلام.

وأقرت الصحيفة في افتتاحيتها أنه من النادر التوصل إلى حلول للنزاعات بين الدول على الأراضي، وغالبا ما تكون لها تداعيات كبيرة. وقالت «لا شك في أن النزاع بين أرمينيا وأذربيجان في جنوب القوقاز بما يتعلق بمنطقة ناغورنو-قره باغ هو من هذا النوع من النزاعات، والتوتر قائم بينهما منذ أكثر من 30 عاما مع صدامات عسكرية متقطعة، من دون أن يلوح في الأفق اتفاق سلام بين الجانبين».

صراع قديم

وقالت «النزاع على ناغورنو قرة باغ ليس جديدا، فأرمينيا التي تقطنها غالبية مسيحية وأذربيجان التي تقطنها غالبية مسلمة، كانتا من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، وعندما انهارت الشيوعية منذ جيل تقريبا أعلنتا الاستقلال، وبات الإقليم الذي تقطنه غالبية أرمينية يتبع قانونا لأذربيجان، النقطة الساخنة. وبعد ثلاثة أعوام من انهيار الاتحاد السوفياتي، أعلن هذا الإقليم الاستقلال. وهذا ما ترتبت عليه حرب بين أرمينيا وأذربيجان، أسفرت عن مقتل 30 ألف شخص، وأزمة لاجئين، ومنذ ذلك، أمكن التوصل إلى اتفاق لوقف النار توسطت فيه روسيا عام 1994 وبقي صامدا، وإن تكن التوترات بقيت كامنة على نحو ملحوظ مع اندلاع اشتباكات من وقت إلى آخر.

وبرزت مؤشرات لاندلاع القتال عام 2016 بين القوات الأذرية وتلك التابعة لناغورنو-قره باغ المدعوم من أرمينيا. ولقي 200 شخص على الأقل مصرعهم. ومجددا توسطت روسيا في هدنة، لكن النار بقيت متقدة تحت الرماد. والأحد، تجدد القتال وسقط عشرات القتلى وأعلنت أرمينيا وأذربيجان الأحكام العرفية.

كبح تركيا

وأكدت «ذا تايمز» أن «نشوب نزاع أوسع، قد يتسبب بأزمة إنسانية وصدمة اقتصادية، إذا ما أخذنا في الاعتبار أن المنطقة باتت أكثر أهمية مما كانت عليه قبل 30 عاما، لأنها صارت معبرا لأنابيب النفط والغاز التي تغذي أسواق العالم»

ولفتت إلى أن عدم تدخل الولايات المتحدة لم يخدم جهود السلام. فالانسحاب الظاهري لأمريكا قد عزز جرأة أذربيجان كي تشن هجوما عسكريا، وشجع إردوغان على التمادي في تعبئته الوطنية، إن ذلك يمثل تهديدا للمنطقة، ويتعين على الناتو أن يضطلع بدور حاسم في كبح جماح تركيا، الدولة العضو في الحلف، ولا يوجد حل سهل يوفق بين إصرار أرمينيا على أن ينال إقليم قره باغ حق تقرير المصير، وإصرار أذربيجان على وحدة أراضيها، وكل ما يمكن فعله هو الاتفاق على وقف النار تحت رقابة جيدة.

وخلصت الصحيفة إلى التحذير من أنه إذا تقاعس الغرب عن التدخل، فإن إردوغان سيمضي في صلفه وأفعاله الحارقة. ولمصلحة السلام والاستقرار في وقت الأزمات الدولية، يتعين كبح جماح مثل هذه الأفعال.

وصول المرتزقة

وعد الكاتب آدم لامون، في مقال بمجلة «الناشيونال إنترست» أن «تركيا لطالما اعتمدت على الجماعات التي تعمل بالوكالة لتحقيق الاستقرار على حدودها الجنوبية مع سوريا، وكذلك في صد هجمات النظام السوري وتطلعات وحدات حماية الشعب الكردية السورية بالحكم الذاتي والاستقلال، وعلى الرغم من النفي الأذري بأن السوريين يقاتلون نيابة عن جنودها، بل واتهامها أرمينيا بالاستعانة بمرتزقة وإرهابيين من الخارج في قتالها، إلا أن وسائل الإعلام تضج بالأدلة المعاكسة».

واستشهد الكاتب بما كشفته صحيفة «الجارديان» البريطانية عن تجنيد «شركة أمنية تركية خاصة» لعدد من السوريين من شمال غرب مدينة عفرين، للعمل كحرس حدود آذريين، وهو ادعاء شكك فيه بعض المراقبين، لأن الجيش الآذري يتمتع بالقدرات العسكرية اللازمة عدة وعددا، وكذلك بما نقلته وكالة «رويترز» عن الأسف الذي أبداه مقاتلان سوريان من عفرين، كان من المقرر مشاركتهما في القتال في أذربيجان عبر مسؤول من «الجيش الوطني السوري» المدعوم من تركيا، لشعورهما بأنهما مجبران على المغادرة، لأن «الحياة صعبة للغاية وفقيرة» في سوريا، خصوصا بعدما وعدا براتب شهري بقيمة 1500 دولار.

تجنيد المرتزقة

وأوضح الكاتب أن منطقة الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية سبق أن شهدتا عملية تجنيد لشباب في سن القتال، وإرسالهم إلى الحرب في مناطق الصراع الخارجية. وفي هذا الإطار، أشار إلى مناشدات روسيا للرجال «الوطنيين» الذين يعيشون داخل جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، للقتال إلى جانبها خلال حربها على أوكرانيا، بل واستأجرت صربيين للقتال نيابة عنها في دونباس.

وأشار لامون إلى أن تركيا، التي تحافظ على تقارب عرقي ولغوي مع أذربيجان، تعهدت بتقديم دعمها الثابت لباكو، بما في ذلك توفير طائرات من دون طيار وأسلحة وخبرات فنية، بعد التدريبات العسكرية المشتركة في أغسطس.

وعد إدانة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان «احتلال» أرمينيا لناغورني كاراباخ واعتباره «أكبر تهديد للسلام في المنطقة»، يجعل من وجود المرتزقة السوريين أمرا واقعا، ورجح أنه على الرغم من أن تركيا تريد انتصار أذربيجان، فإن أنقرة ستمضي بسياسة ضبط النفس، لأن «التجاوز قد يؤدي إلى تصعيد حاد من قبل الجيش الروسي».