مهمة ربط أرجاء الوطن بعد توحيده
الأربعاء / 6 / صفر / 1442 هـ - 19:45 - الأربعاء 23 سبتمبر 2020 19:45
تم توحيد البلاد عام 1932م وأصبح المؤسس عبدالعزيز آل سعود ملكا على عرش دولة يعتبرها الناس «شبه قارة»، وطن متباعد الأطراف لا شيء يربط بين مدنه الرئيسية سوى صحار شاسعة وجبال شاهقة، يصعب على الدواب السير فيها فكيف بأي وسيلة نقل أخرى. دولة حتى عام 1946م لم يكن فيها سوى مطارين، الأول في جدة والآخر في الظهران.
معطيات أثبتت في ذلك الزمان أن ربط أرجاء الوطن بالطرق المعبدة أو من خلال مد سكك حديدية سوف يستغرق زمنا طويلا لتنفيذه، وتحديات من ناحية المفاوضات مع أهالي المناطق التي سوف تخترقها الطرق والسكك الحديدية. لذا كان الخيار الذكي هو الاعتماد على الطيران كوسيلة يتم من خلالها ربط أرجاء الوطن. ظهر هذا الخيار جليا في قرارات جلالة الملك عبدالعزيز، والتي من أهمها وأولها ابتعاث سعوديين لدراسة الطيران مباشرة بعد توحيد البلاد، وقرار آخر يعد - بدوره - دليلا على حنكة المؤسس وهو إصداره أمرا بشراء طائرتين من طراز الطائرة المهداة له نفسها من الرئيس الأمريكي روزفلت «داكوتا DC3».
امتاز هذا القرار بأمرين، الأول: سرعة إصداره، حيث لم تمض سنة على تسلم الطائرة المهداة حتى تبينت الفائدة وظهرت الأهمية فصدر القرار. الثاني: اختيار نوع الطائرة نفسه، والتي يمكنها الهبوط والإقلاع دون الحاجة إلى مدرج جوي، مجرد أرض منبسطة وكفى.
وسيلة النقل هذه - الخطوط السعودية - مكّنت الدولة من ربط أرجاء الوطن بالعاصمة إداريا، من خلال هذه الوسيلة تم نقل المعلمين إلى المدن والضواحي، مهمة وطنية عرفت بمسماها الشهير - حتى عهد قريب - بـ «رحلات المعلمين»، بالطيران استطاع الجميع في ذلك الزمان تسلم مرتباتهم الوظيفية نهاية كل شهر، وبالطائرات نقلت الأدوية والمستلزمات الطبية وكانت سببا رئيسا في مكافحة الأوبئة في مناطق عدة.
وكان الطيران وسيلة الإمداد لجيشنا البطل في حرب الوديعة جنوب البلاد. وهي الوسيلة نفسها التي نقلت السيدات «المتعسرات في الولادة» من القرى إلى المستشفيات الرئيسة في المدن.
ربط أرجاء الوطن مهمة لم تكن سهلة على رجال ذلك الزمان، فكم من كابتن ظل محلقا في السماء يحاول أن يطابق ما في حوزته من خرائط بدائية - تَصدُر من وزارة البترول - على ما يراه على الأرض، وكابتن آخر يحاول إخافة المواشي بطائرته حتى تثير الغبار فتتضح له حركة الرياح. مهمة كانت لا تسمح للطيارين برفع قوائم الطائرة Landing-gears، فمسار الرحلة قصير جدا «الرياض - المجمعة - الزلفي - عنيزة - بريدة».
مهمة كانت تخرج الطيار من مقصورته ليتأكد من مستوى الوقود، فيدخل عصا في الخزان ويمسك «الخرطوش» بنفسه ليضيف ما تحتاجه طائرته من الوقود، وطيار آخر يكتشف بعد هبوط اضطراري أن ما قرضه في قدمه لم تكن أفعى بل ضب تسلل إلى مقصورة القيادة.
رحم الله الملك عبدالعزيز وأولئك الرجال الذين لم تثنهم الإمكانات المتواضعة والظروف الصعبة عن إنجاح تلك المهمة العسيرة.. ربط أرجاء الوطن العظيم.
ALSHAHRANI_1400@
معطيات أثبتت في ذلك الزمان أن ربط أرجاء الوطن بالطرق المعبدة أو من خلال مد سكك حديدية سوف يستغرق زمنا طويلا لتنفيذه، وتحديات من ناحية المفاوضات مع أهالي المناطق التي سوف تخترقها الطرق والسكك الحديدية. لذا كان الخيار الذكي هو الاعتماد على الطيران كوسيلة يتم من خلالها ربط أرجاء الوطن. ظهر هذا الخيار جليا في قرارات جلالة الملك عبدالعزيز، والتي من أهمها وأولها ابتعاث سعوديين لدراسة الطيران مباشرة بعد توحيد البلاد، وقرار آخر يعد - بدوره - دليلا على حنكة المؤسس وهو إصداره أمرا بشراء طائرتين من طراز الطائرة المهداة له نفسها من الرئيس الأمريكي روزفلت «داكوتا DC3».
امتاز هذا القرار بأمرين، الأول: سرعة إصداره، حيث لم تمض سنة على تسلم الطائرة المهداة حتى تبينت الفائدة وظهرت الأهمية فصدر القرار. الثاني: اختيار نوع الطائرة نفسه، والتي يمكنها الهبوط والإقلاع دون الحاجة إلى مدرج جوي، مجرد أرض منبسطة وكفى.
وسيلة النقل هذه - الخطوط السعودية - مكّنت الدولة من ربط أرجاء الوطن بالعاصمة إداريا، من خلال هذه الوسيلة تم نقل المعلمين إلى المدن والضواحي، مهمة وطنية عرفت بمسماها الشهير - حتى عهد قريب - بـ «رحلات المعلمين»، بالطيران استطاع الجميع في ذلك الزمان تسلم مرتباتهم الوظيفية نهاية كل شهر، وبالطائرات نقلت الأدوية والمستلزمات الطبية وكانت سببا رئيسا في مكافحة الأوبئة في مناطق عدة.
وكان الطيران وسيلة الإمداد لجيشنا البطل في حرب الوديعة جنوب البلاد. وهي الوسيلة نفسها التي نقلت السيدات «المتعسرات في الولادة» من القرى إلى المستشفيات الرئيسة في المدن.
ربط أرجاء الوطن مهمة لم تكن سهلة على رجال ذلك الزمان، فكم من كابتن ظل محلقا في السماء يحاول أن يطابق ما في حوزته من خرائط بدائية - تَصدُر من وزارة البترول - على ما يراه على الأرض، وكابتن آخر يحاول إخافة المواشي بطائرته حتى تثير الغبار فتتضح له حركة الرياح. مهمة كانت لا تسمح للطيارين برفع قوائم الطائرة Landing-gears، فمسار الرحلة قصير جدا «الرياض - المجمعة - الزلفي - عنيزة - بريدة».
مهمة كانت تخرج الطيار من مقصورته ليتأكد من مستوى الوقود، فيدخل عصا في الخزان ويمسك «الخرطوش» بنفسه ليضيف ما تحتاجه طائرته من الوقود، وطيار آخر يكتشف بعد هبوط اضطراري أن ما قرضه في قدمه لم تكن أفعى بل ضب تسلل إلى مقصورة القيادة.
رحم الله الملك عبدالعزيز وأولئك الرجال الذين لم تثنهم الإمكانات المتواضعة والظروف الصعبة عن إنجاح تلك المهمة العسيرة.. ربط أرجاء الوطن العظيم.
ALSHAHRANI_1400@