الخداع والغش والمراوغة أدوات إيران لغسل العقول والأموال
مركز الدراسات العسكرية يحذر من استراتيجيات طهران المتلونة في تصدير ثورتها حكام الملالي يتاجرون بالدين ويستغلون المذهب الشيعي للتأثير على الكثير ينحزب الله الإرهابي تحول إلى النموذج الأول لوكلاء الشر الإيراني في المنطقة لجنة الخميني للإغاثة تقوم على المحسوبية وتعمل على التسلل في المدن والريف الرشوة آخر الأسلحة عندما تفشل كل وسائل طهران في استمالة السياسيين الرئيس الأفغاني اعترف بأن الملالي يزودون حكومته بـ«أكياس من المال»
الثلاثاء / 27 / محرم / 1442 هـ - 20:30 - الثلاثاء 15 سبتمبر 2020 20:30
«الخداع والغش والمراوغة»، 3 مفردات تجسد مفهوم «القوة الناعمة» لدى الإيرانيين، وتكشف عن نهجهم الطويل في التمدد والانتشار، ومحاولاتهم المستمرة لمد نفوذهم إلى عدد كبير من دول المنطقة.
وهي أدوات إيران الثابتة نفسها لغسيل العقول والأموال، وفقا لتقرير حديث لمركز الدراسات العسكرية الخارجية بالولايات المتحدة الأمريكية.
يؤكد التقرير أن حكومة الملالي لديها نهج متعدد الأوجه تجاه القوة الناعمة، واستراتيجيات متعددة تتطابق من أجل تحقيق النتيجة الأكثر فعالية، ويقول «تستخدم إيران في بلدان مثل البحرين والعراق خدعة «التضامن الطائفي»، وتروج عبر وسائل الإعلام لرواية «نحن ضدهم»، وفي الدول الأضعف تستخدم نموذج حزب الله الإرهابي، إما لإفراغ فاعلية الدولة على أولئك الذين ترغب في أن تكون لها سلطة عليهم، أو على الأقل شل فعالية الحكومة حتى لا يتمكن أي منافس من اتخاذ خطوة بدون وكيل إيراني، أو موافقة طهران»، فيما يستخدم مسؤولو طهران وفق التقرير الأموال ووسائل الإعلام بلا خجل من أجل تحقيق أهدافهم، من خلال الجمع بين ضخ النقود إلى صانعي القرار، واستراتيجية إعلامية وخيرية شاملة، ولا تتورع في أماكن أخرى من أن تستخدم الإرهاب والقتل والدمار، وتقوم بعمليات دموية وصولا لتحقيق أهدافها.
استغلال الدين
مثلما تسعى إيران إلى استخدام التاريخ الفارسي، تعمل على المتاجرة بالدين واستغلاله للوصول إلى أغراضها، بعدما ساهمت الثورة الخمينية في تأسيس أول حكم ديني في العالم الحديث، وبات المذهب الشيعي جزءا لا يتجزأ من الجمهورية الإيرانية.
وكانت طهران سنية إلى حد كبير حتى بداية القرن السادس عشر. وفي عام 1501 أصدر الشاه إسماعيل صفوي، مؤسس السلالة الصفوية (1501-1736)، مرسوما أصبح المذهب الشيعي بموجبه هو المذهب الرسمي لإيران.
وقد تكون اللغة العربية هي اللغة المشتركة في الشرق الأوسط من البحر الأبيض المتوسط إلى شواطئ الخليج العربي، لكن الفارسية تؤدي هذا الدور من جبال كردستان عبر أسواق آسيا الوسطى ونزولا عبر شبه القارة الهندية.
ودفعت الثورة الخمينية إيران إلى تصدير أيديولوجيتها من أجل إعادة تشكيل دول إقليمية أخرى، لهذا أصبح مفهوم تصدير الثورة أولوية، وباتت الفكرة القائلة إن هذه الحتمية المتمثلة في تكرار الثورة تقع ببساطة في نطاق راديكاليي النظام ويمكن الاستغناء عنها من خلال إشراك معتدلي النظام أو الإصلاحيين، فكرة ساذجة.
أنموذج حزب الله
تسعى القوة الناعمة الإيرانية إلى استغلال القواسم المشتركة لتحقيق النفوذ، وبات الأنموذج الأول لها حزب الله الإرهابي الذي يعد أول وكلائها وممثلها الإرهابي في المنطقة.
وفي حين صنفت الولايات المتحدة الأمريكية حزب الله رسميا على أنه جماعة إرهابية في 8 أكتوبر 1997، يجادل عدد من الحكومات الأوروبية، مدعية أنه يقدم نفسه على أنه حزب سياسي يملك شبكة خدمات اجتماعية نشطة، تدير جمعيات خيرية ومدارس وحتى محطة تلفزيونية فضائية.
والهدف من أنموذج حزب الله ببساطة إنشاء دولة داخل الدولة، وبالتالي نزع الشرعية عن هيكل الدولة الرسمي إلى أن يتم احتواء هذا الهيكل أو الإطاحة به، وتعد المحسوبية أساس أنموذج حزب الله.
في المقابل، يقدم العراق مثالا للتناقض بين الاستراتيجيات، فبعد سقوط صدام حسين تفاوضت مجموعات مكونة مختلفة لتشكيل الحكومة، واتبعت كل منها نهجا معينا، وأعطي الأكراد الأولوية للاعتراف الرسمي بعد سنوات من الإنكار العرقي والقومي، لذلك سعوا للحصول على أرقى المكاتب والوزارات على المسرح العالمي، ودفعوا أولا جلال طالباني ثم فؤاد معصوم لرئاسة العراق الرمزية إلى حد كبير، بينما أصبح هوشيار زيباري أول وزير خارجية ثم وزيرا للمالية.
المحسوبية والتسلل
تشكل الجمعيات الخيرية دعامة أخرى لنموذج حزب الله، فهي تمكن إيران ووكلاءها من تطوير شبكات المحسوبية والتسلل إلى المدن والريف.
ومن بين عدد لا يحصى من الجمعيات الخيرية الإيرانية ربما تكون لجنة الإمام الخميني للإغاثة هي الأهم، من خلال الأصول التي يوفرها المرشد الأعلى علي خامنئي ترعى برامج مماثلة لتلك التي تديرها الجمعيات الخيرية الغربية، لمساعدة الأيتام والمعاقين وكبار السن في العراق ولبنان وآسيا الوسطى. وتقدم للمحرومين والضعفاء في هذه المناطق مساعدات غذائية وبطانيات ووقودا، وترعى دروس الكمبيوتر والعيادات الطبية، وتقدم قروضا بدون فوائد.
وفي أفغانستان ساعدت الجمعيات الخيرية المدعومة من إيران أيضا في رعاية حفلات الزفاف التي لم يكن من الممكن أن يتحملها الشباب، وهي هدية تولد ولاء مدى الحياة، وتستخدم السلطات الإيرانية أيضا مركز الخميني لتنظيم المسيرات ونشر رؤية طهران.
عملاء إيران
وعلاوة على الكميات الكبيرة من المساعدات التي تقدمها، تسعى المؤسسات الخيرية الإيرانية إلى زيادة نفوذها من خلال ادعاء الفضل في أنشطة الآخرين.
يقول التقرير «إن القيادة إلى البصرة من الشمال تعني مرور كتيبة من اللافتات لمؤسسة شهيد المحراب، الجناح الخيري للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي، مدعية الفضل في مشروعات الإسكان والبنية التحتية التي تنفذها القوات الأمريكية».
وتدل مثل هذه المؤسسات الخيرية أيضا على وجود إيراني أوسع في البصرة والنجف وكربلاء، أكبر ثلاث مدن في جنوب العراق، حيث قام عملاء إيرانيون بدفع صناديق التبرعات التابعة لمركز الإغاثة الإسلامية في العراق إلى الأرصفة على طول الطرق الرئيسة. وترفض السلطات المحلية إصدار تصاريح لمثل هذه الأنشطة، لكنها تقول إنها تخشى الرد الإيراني إذا أزالت الصناديق أو اللافتات غير القانونية.
غسيل العقول
قال الخميني إن ثورته لن تتوقف عند تغيير إيران، لكنها تسعى إلى التمدد في المنطقة بأكملها. ومثلما رأى أن الثورة ليست مجرد تغيير للنظام السياسي، رأى أن هدفها هو التحول الأساس للمجتمع. وبناء على ذلك أعطى الأولوية لغسيل العقول من خلال تحويل المدارس والجامعات، وسعى لتغيير المجتمع من خلال التعليم. وقام بتشكيل لجنة الثورة الثقافية التي عملت على فرض اختبار أيديولوجي على المعلمين، وتطهير أولئك الذين قاموا بتدريس الفلسفة والتاريخ والأدب الغربيين، والمواد التي اعتبرها الخميني تتعارض مع رؤيته.
في السنوات الأخيرة سعت الحكومة الإيرانية في الوقت نفسه إلى تنشيط ثورتها الثقافية وتصديرها إلى الخارج، وبالتالي في عام 2008 اقترح عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، حسين مظفار، إنشاء مجالس مساجد لمواجهة النفوذ الغربي.
عنصرية إيرانية
تفتح إيران مدارسها للطلاب الأجانب بهدف نشر المذهب الشيعي وفلسفة إيران السياسية، ومع ذلك غالبا ما تقوض العنصرية الإيرانية الكامنة من فعالية التعليم في إيران، حيث يسيء ملاك العقارات الإيرانيون وغيرهم إلى الطلاب الأجانب.
وفي خارج إيران حققت الجهود للاستفادة من التعليم بعض النجاح، ففي أفغانستان أسس آية الله آصف محسني، وهو شخصية مدين بالفضل لطهران لأن مؤهلاته الدينية غير معترف بها في النجف، جامعة خاتم النبيين، حيث يتم تدريب أساتذتها في إيران، ويضع المسؤولون الإيرانيون مناهجها الدراسية، ويقدم الناشرون المعتمدون من النظام مكتبتها. وفي عام 2010 كانت ميزانية تلك الجامعة الوحيدة المدعومة من إيران أكبر من ميزانية التعليم العالي للحكومة الأفغانية بالكامل.
الترويج للملالي
الإعلام لا يقل أهمية عن التعليم في تعزيز الرسالة الإيرانية، ولعل مراقبي إيران في الولايات المتحدة وأوروبا على دراية بـ Press TV، وهي قناة فضائية باللغة الإنجليزية تمولها وتنتجها إيران، ولها حضور في كل مكان على الإنترنت، وغالبا ما تروج بشكل فظ للموقف الرسمي لنظام الملالي.
في أعقاب غزو العراق عام 2003 سرعان ما أنشأت السلطات الإيرانية تلفزيون العالم الناطق بالعربية، وكانت النتيجة أن الحكومة الإيرانية كانت تحتكر إعلاما افتراضيا بمجرد بدء الحرب، مما أدى إلى تشكيل تصور الاحتلال الأمريكي بطريقة غير دقيقة ومدمرة.
ويعتمد نجاح إيران على استراتيجية إعلامية لتعبئة المحتوى لعدد من الشبكات، وتنتهج حكومتها استراتيجية إعلامية أكثر لا مركزية في بعض النواحي من منافسيها، ووزعت «العالم» هواتف وكاميرات فيديو على الشباب العراقي، ووعدت بدفعها مقابل لقطات يمكن أن تستخدمها، ونادرا ما حدث تفجير أو احتجاج أو حادث محرج للقوات الأمريكية لم تغطه «العالم».
موجات الأثير
وتشجع الحكومة الإيرانية موجات الأثير بعدد أكبر بكثير من المسؤولين والمنافذ شبه الرسمية، على عكس الدول التي لديها قناة أو قناتان رسميتان موجهتان للبث في الخارج، فالشيعة في بعض دول الجوار، على سبيل المثال، يستمعون بشكل شبه حصري إلى الإذاعات، مثل إذاعة صوت الجمهورية الإيرانية باللغة العربية، ويشاهدون القنوات الفضائية الإيرانية، مثل السهر والعلم.
ولا يقتصر دور الإعلام الإيراني على تغطية الأخبار، ولكنه يقدم أيضا رسالة متسقة في السعي وراء أهداف النظام. وهي لا تؤيد فلسفة تستخدمها الدول الأخرى بأن الحقيقة أو النقد الذاتي يعزز المصداقية.
خداع وتزييف
المجال الآخر الذي لا جدال فيه في القوة الناعمة الإيرانية هو بناء المتاحف للترويج لرؤيتها العالمية، ففي أعقاب أزمة الرهائن الأمريكيين حوّلت السلطات الإيرانية سفارة الولايات المتحدة السابقة إلى متحف لتوضيح الانتصارات الإيرانية المفترضة على أمريكا، وكذلك المظالم ضد الولايات المتحدة.
وأخذت الحكومة الإيرانية ووكلاؤها بناء المتاحف خارج إيران نفسها، على قمة جبل شرق صيدا في لبنان يقع مليتا، وهو متحف واسع لحزب الله أنشأته وتديره الميليشيات الموالية لإيران. ويمكن لأطفال المدارس القدوم وفحص المعدات العسكرية الإسرائيلية التي تم الاستيلاء عليها، أو الكهوف السياحية التي ينام فيها عناصر حزب الله وينسقون الأعمال.
وفي العراق يلتقط متحف الإمام الحسين عددا من الموضوعات الشائعة في إيران ما بعد الثورة. ويمرر الزوار في المتحف صناديق التبرعات للميليشيات المسلحة الشيعية، والذين يطلقون عليهم خداعا وتزييفا اسم «المتطوعين».
رشوة السياسيين
في حين أن نموذج حزب الله والاختراق الخيري ينطويان على نهج من أسفل إلى أعلى، فإن تطبيق المال من أعلى إلى أسفل مهم عندما يفشل كل شيء آخر، وحيث تستهدف الأعمال الخيرية الجماهير، يمكن للرشوة أن تجند السياسيين والقادة.
بين عامي 2001 و2007 قدمت الحكومة الإيرانية أكثر من 250 مليون دولار من المنح إلى الحكومة الأفغانية، مما أدى فعليا إلى رشوة الحكومة، لتصبح مطيعة لتقديم أي مساعدة تحتاجها طهران في أي وقت، واعترف الرئيس الأفغاني حميد كرزاي في عام 2010 بأن إيران تزود مكاتبه بـ «أكياس من المال» تبلغ قيمتها مئات الآلاف من الدولارات كل عام.
ويمكن أن تكون البنوك الإيرانية أداة مهمة في صرف مثل هذه الأموال أو تمويل المجموعات بالوكالة. ويؤكد المسؤولون البحرينيون أن الفائدة من حسابات الأعمال الإيرانية المودعة في البنوك البحرينية قد تمول وتدعم المعارضة الراديكالية المتزايدة.
غسل الأموال
الآلية الأخيرة التي يمكن لإيران أن توزع من خلالها المساعدات هي الهبات والتبرعات الدينية، ففي مقابل التوجيه الديني لآية الله المفضل لديهم، يدفع بعضهم خمس دخلهم السنوي عبر هبات تقدم لتلك الشخصيات الدينية التي يفضلونها.
ويقال إن الإيرانيين يدفعون لآية الله علي السيستاني، وهو رجل دين إيراني مقيم في النجف، «خمسا»، أكثر مما يدفعونه للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.
ويمكن لمكاتب آيات الله غسل الأموال بشكل فعال للمجموعات التي تروج للحكومة الإيرانية، مع الحفاظ على إنكار طهران المعقول فيما يتعلق بعدم التدخل. ويجمع أولئك ويصرفون عشرات الملايين من الدولارات في العراق والبحرين ومناطق أخرى، حيث يسعون لمساعدة أولئك الذين يعتبرونهم مضطهدين، رغم أنهم في الحقيقة مخدوعون.
وهي أدوات إيران الثابتة نفسها لغسيل العقول والأموال، وفقا لتقرير حديث لمركز الدراسات العسكرية الخارجية بالولايات المتحدة الأمريكية.
يؤكد التقرير أن حكومة الملالي لديها نهج متعدد الأوجه تجاه القوة الناعمة، واستراتيجيات متعددة تتطابق من أجل تحقيق النتيجة الأكثر فعالية، ويقول «تستخدم إيران في بلدان مثل البحرين والعراق خدعة «التضامن الطائفي»، وتروج عبر وسائل الإعلام لرواية «نحن ضدهم»، وفي الدول الأضعف تستخدم نموذج حزب الله الإرهابي، إما لإفراغ فاعلية الدولة على أولئك الذين ترغب في أن تكون لها سلطة عليهم، أو على الأقل شل فعالية الحكومة حتى لا يتمكن أي منافس من اتخاذ خطوة بدون وكيل إيراني، أو موافقة طهران»، فيما يستخدم مسؤولو طهران وفق التقرير الأموال ووسائل الإعلام بلا خجل من أجل تحقيق أهدافهم، من خلال الجمع بين ضخ النقود إلى صانعي القرار، واستراتيجية إعلامية وخيرية شاملة، ولا تتورع في أماكن أخرى من أن تستخدم الإرهاب والقتل والدمار، وتقوم بعمليات دموية وصولا لتحقيق أهدافها.
استغلال الدين
مثلما تسعى إيران إلى استخدام التاريخ الفارسي، تعمل على المتاجرة بالدين واستغلاله للوصول إلى أغراضها، بعدما ساهمت الثورة الخمينية في تأسيس أول حكم ديني في العالم الحديث، وبات المذهب الشيعي جزءا لا يتجزأ من الجمهورية الإيرانية.
وكانت طهران سنية إلى حد كبير حتى بداية القرن السادس عشر. وفي عام 1501 أصدر الشاه إسماعيل صفوي، مؤسس السلالة الصفوية (1501-1736)، مرسوما أصبح المذهب الشيعي بموجبه هو المذهب الرسمي لإيران.
وقد تكون اللغة العربية هي اللغة المشتركة في الشرق الأوسط من البحر الأبيض المتوسط إلى شواطئ الخليج العربي، لكن الفارسية تؤدي هذا الدور من جبال كردستان عبر أسواق آسيا الوسطى ونزولا عبر شبه القارة الهندية.
ودفعت الثورة الخمينية إيران إلى تصدير أيديولوجيتها من أجل إعادة تشكيل دول إقليمية أخرى، لهذا أصبح مفهوم تصدير الثورة أولوية، وباتت الفكرة القائلة إن هذه الحتمية المتمثلة في تكرار الثورة تقع ببساطة في نطاق راديكاليي النظام ويمكن الاستغناء عنها من خلال إشراك معتدلي النظام أو الإصلاحيين، فكرة ساذجة.
أنموذج حزب الله
تسعى القوة الناعمة الإيرانية إلى استغلال القواسم المشتركة لتحقيق النفوذ، وبات الأنموذج الأول لها حزب الله الإرهابي الذي يعد أول وكلائها وممثلها الإرهابي في المنطقة.
وفي حين صنفت الولايات المتحدة الأمريكية حزب الله رسميا على أنه جماعة إرهابية في 8 أكتوبر 1997، يجادل عدد من الحكومات الأوروبية، مدعية أنه يقدم نفسه على أنه حزب سياسي يملك شبكة خدمات اجتماعية نشطة، تدير جمعيات خيرية ومدارس وحتى محطة تلفزيونية فضائية.
والهدف من أنموذج حزب الله ببساطة إنشاء دولة داخل الدولة، وبالتالي نزع الشرعية عن هيكل الدولة الرسمي إلى أن يتم احتواء هذا الهيكل أو الإطاحة به، وتعد المحسوبية أساس أنموذج حزب الله.
في المقابل، يقدم العراق مثالا للتناقض بين الاستراتيجيات، فبعد سقوط صدام حسين تفاوضت مجموعات مكونة مختلفة لتشكيل الحكومة، واتبعت كل منها نهجا معينا، وأعطي الأكراد الأولوية للاعتراف الرسمي بعد سنوات من الإنكار العرقي والقومي، لذلك سعوا للحصول على أرقى المكاتب والوزارات على المسرح العالمي، ودفعوا أولا جلال طالباني ثم فؤاد معصوم لرئاسة العراق الرمزية إلى حد كبير، بينما أصبح هوشيار زيباري أول وزير خارجية ثم وزيرا للمالية.
المحسوبية والتسلل
تشكل الجمعيات الخيرية دعامة أخرى لنموذج حزب الله، فهي تمكن إيران ووكلاءها من تطوير شبكات المحسوبية والتسلل إلى المدن والريف.
ومن بين عدد لا يحصى من الجمعيات الخيرية الإيرانية ربما تكون لجنة الإمام الخميني للإغاثة هي الأهم، من خلال الأصول التي يوفرها المرشد الأعلى علي خامنئي ترعى برامج مماثلة لتلك التي تديرها الجمعيات الخيرية الغربية، لمساعدة الأيتام والمعاقين وكبار السن في العراق ولبنان وآسيا الوسطى. وتقدم للمحرومين والضعفاء في هذه المناطق مساعدات غذائية وبطانيات ووقودا، وترعى دروس الكمبيوتر والعيادات الطبية، وتقدم قروضا بدون فوائد.
وفي أفغانستان ساعدت الجمعيات الخيرية المدعومة من إيران أيضا في رعاية حفلات الزفاف التي لم يكن من الممكن أن يتحملها الشباب، وهي هدية تولد ولاء مدى الحياة، وتستخدم السلطات الإيرانية أيضا مركز الخميني لتنظيم المسيرات ونشر رؤية طهران.
عملاء إيران
وعلاوة على الكميات الكبيرة من المساعدات التي تقدمها، تسعى المؤسسات الخيرية الإيرانية إلى زيادة نفوذها من خلال ادعاء الفضل في أنشطة الآخرين.
يقول التقرير «إن القيادة إلى البصرة من الشمال تعني مرور كتيبة من اللافتات لمؤسسة شهيد المحراب، الجناح الخيري للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي، مدعية الفضل في مشروعات الإسكان والبنية التحتية التي تنفذها القوات الأمريكية».
وتدل مثل هذه المؤسسات الخيرية أيضا على وجود إيراني أوسع في البصرة والنجف وكربلاء، أكبر ثلاث مدن في جنوب العراق، حيث قام عملاء إيرانيون بدفع صناديق التبرعات التابعة لمركز الإغاثة الإسلامية في العراق إلى الأرصفة على طول الطرق الرئيسة. وترفض السلطات المحلية إصدار تصاريح لمثل هذه الأنشطة، لكنها تقول إنها تخشى الرد الإيراني إذا أزالت الصناديق أو اللافتات غير القانونية.
غسيل العقول
قال الخميني إن ثورته لن تتوقف عند تغيير إيران، لكنها تسعى إلى التمدد في المنطقة بأكملها. ومثلما رأى أن الثورة ليست مجرد تغيير للنظام السياسي، رأى أن هدفها هو التحول الأساس للمجتمع. وبناء على ذلك أعطى الأولوية لغسيل العقول من خلال تحويل المدارس والجامعات، وسعى لتغيير المجتمع من خلال التعليم. وقام بتشكيل لجنة الثورة الثقافية التي عملت على فرض اختبار أيديولوجي على المعلمين، وتطهير أولئك الذين قاموا بتدريس الفلسفة والتاريخ والأدب الغربيين، والمواد التي اعتبرها الخميني تتعارض مع رؤيته.
في السنوات الأخيرة سعت الحكومة الإيرانية في الوقت نفسه إلى تنشيط ثورتها الثقافية وتصديرها إلى الخارج، وبالتالي في عام 2008 اقترح عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، حسين مظفار، إنشاء مجالس مساجد لمواجهة النفوذ الغربي.
عنصرية إيرانية
تفتح إيران مدارسها للطلاب الأجانب بهدف نشر المذهب الشيعي وفلسفة إيران السياسية، ومع ذلك غالبا ما تقوض العنصرية الإيرانية الكامنة من فعالية التعليم في إيران، حيث يسيء ملاك العقارات الإيرانيون وغيرهم إلى الطلاب الأجانب.
وفي خارج إيران حققت الجهود للاستفادة من التعليم بعض النجاح، ففي أفغانستان أسس آية الله آصف محسني، وهو شخصية مدين بالفضل لطهران لأن مؤهلاته الدينية غير معترف بها في النجف، جامعة خاتم النبيين، حيث يتم تدريب أساتذتها في إيران، ويضع المسؤولون الإيرانيون مناهجها الدراسية، ويقدم الناشرون المعتمدون من النظام مكتبتها. وفي عام 2010 كانت ميزانية تلك الجامعة الوحيدة المدعومة من إيران أكبر من ميزانية التعليم العالي للحكومة الأفغانية بالكامل.
الترويج للملالي
الإعلام لا يقل أهمية عن التعليم في تعزيز الرسالة الإيرانية، ولعل مراقبي إيران في الولايات المتحدة وأوروبا على دراية بـ Press TV، وهي قناة فضائية باللغة الإنجليزية تمولها وتنتجها إيران، ولها حضور في كل مكان على الإنترنت، وغالبا ما تروج بشكل فظ للموقف الرسمي لنظام الملالي.
في أعقاب غزو العراق عام 2003 سرعان ما أنشأت السلطات الإيرانية تلفزيون العالم الناطق بالعربية، وكانت النتيجة أن الحكومة الإيرانية كانت تحتكر إعلاما افتراضيا بمجرد بدء الحرب، مما أدى إلى تشكيل تصور الاحتلال الأمريكي بطريقة غير دقيقة ومدمرة.
ويعتمد نجاح إيران على استراتيجية إعلامية لتعبئة المحتوى لعدد من الشبكات، وتنتهج حكومتها استراتيجية إعلامية أكثر لا مركزية في بعض النواحي من منافسيها، ووزعت «العالم» هواتف وكاميرات فيديو على الشباب العراقي، ووعدت بدفعها مقابل لقطات يمكن أن تستخدمها، ونادرا ما حدث تفجير أو احتجاج أو حادث محرج للقوات الأمريكية لم تغطه «العالم».
موجات الأثير
وتشجع الحكومة الإيرانية موجات الأثير بعدد أكبر بكثير من المسؤولين والمنافذ شبه الرسمية، على عكس الدول التي لديها قناة أو قناتان رسميتان موجهتان للبث في الخارج، فالشيعة في بعض دول الجوار، على سبيل المثال، يستمعون بشكل شبه حصري إلى الإذاعات، مثل إذاعة صوت الجمهورية الإيرانية باللغة العربية، ويشاهدون القنوات الفضائية الإيرانية، مثل السهر والعلم.
ولا يقتصر دور الإعلام الإيراني على تغطية الأخبار، ولكنه يقدم أيضا رسالة متسقة في السعي وراء أهداف النظام. وهي لا تؤيد فلسفة تستخدمها الدول الأخرى بأن الحقيقة أو النقد الذاتي يعزز المصداقية.
خداع وتزييف
المجال الآخر الذي لا جدال فيه في القوة الناعمة الإيرانية هو بناء المتاحف للترويج لرؤيتها العالمية، ففي أعقاب أزمة الرهائن الأمريكيين حوّلت السلطات الإيرانية سفارة الولايات المتحدة السابقة إلى متحف لتوضيح الانتصارات الإيرانية المفترضة على أمريكا، وكذلك المظالم ضد الولايات المتحدة.
وأخذت الحكومة الإيرانية ووكلاؤها بناء المتاحف خارج إيران نفسها، على قمة جبل شرق صيدا في لبنان يقع مليتا، وهو متحف واسع لحزب الله أنشأته وتديره الميليشيات الموالية لإيران. ويمكن لأطفال المدارس القدوم وفحص المعدات العسكرية الإسرائيلية التي تم الاستيلاء عليها، أو الكهوف السياحية التي ينام فيها عناصر حزب الله وينسقون الأعمال.
وفي العراق يلتقط متحف الإمام الحسين عددا من الموضوعات الشائعة في إيران ما بعد الثورة. ويمرر الزوار في المتحف صناديق التبرعات للميليشيات المسلحة الشيعية، والذين يطلقون عليهم خداعا وتزييفا اسم «المتطوعين».
رشوة السياسيين
في حين أن نموذج حزب الله والاختراق الخيري ينطويان على نهج من أسفل إلى أعلى، فإن تطبيق المال من أعلى إلى أسفل مهم عندما يفشل كل شيء آخر، وحيث تستهدف الأعمال الخيرية الجماهير، يمكن للرشوة أن تجند السياسيين والقادة.
بين عامي 2001 و2007 قدمت الحكومة الإيرانية أكثر من 250 مليون دولار من المنح إلى الحكومة الأفغانية، مما أدى فعليا إلى رشوة الحكومة، لتصبح مطيعة لتقديم أي مساعدة تحتاجها طهران في أي وقت، واعترف الرئيس الأفغاني حميد كرزاي في عام 2010 بأن إيران تزود مكاتبه بـ «أكياس من المال» تبلغ قيمتها مئات الآلاف من الدولارات كل عام.
ويمكن أن تكون البنوك الإيرانية أداة مهمة في صرف مثل هذه الأموال أو تمويل المجموعات بالوكالة. ويؤكد المسؤولون البحرينيون أن الفائدة من حسابات الأعمال الإيرانية المودعة في البنوك البحرينية قد تمول وتدعم المعارضة الراديكالية المتزايدة.
غسل الأموال
الآلية الأخيرة التي يمكن لإيران أن توزع من خلالها المساعدات هي الهبات والتبرعات الدينية، ففي مقابل التوجيه الديني لآية الله المفضل لديهم، يدفع بعضهم خمس دخلهم السنوي عبر هبات تقدم لتلك الشخصيات الدينية التي يفضلونها.
ويقال إن الإيرانيين يدفعون لآية الله علي السيستاني، وهو رجل دين إيراني مقيم في النجف، «خمسا»، أكثر مما يدفعونه للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.
ويمكن لمكاتب آيات الله غسل الأموال بشكل فعال للمجموعات التي تروج للحكومة الإيرانية، مع الحفاظ على إنكار طهران المعقول فيما يتعلق بعدم التدخل. ويجمع أولئك ويصرفون عشرات الملايين من الدولارات في العراق والبحرين ومناطق أخرى، حيث يسعون لمساعدة أولئك الذين يعتبرونهم مضطهدين، رغم أنهم في الحقيقة مخدوعون.