الرأي

الإسكان.. مشكلة فكر!

محمد العباسي
الكثير منا قد يتذكر ما قاله وزير الإسكان قبل عدة سنوات بأن مشكلة الإسكان لدينا هي مشكلة فكر، والبعض قد يتذكر أيضا المقاطع الساخرة التي ظهرت على إثر تلك المقولة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث إنه تم تناول الكلمة بمفهومهم الضيق وبطريقة كوميدية دون أي منطقية، أو تحليل لكلام الوزير.

بغض النظر عما حدث قبل عدة سنوات، دعونا نحلل ونتناول الموضوع بمنطقية، دون أي عواطف. بطريقة مبسطة جدا، وبعد الاطلاع على عدة منشورات علمية تتعلق بتملك المنازل والإسكان في مملكتنا الحبيبة، أستطيع أن أوجز المعضلة في ثلاثة جوانب:

1 إدارية وعلى رأسها نظام المناقصات الحكومية.

2 لوجستية وفي مقدمتها قلة الأيدي العاملة المدربة.

3 ثقافية اجتماعية وهي معرفة الفرد احتياجه الحقيقي للمسكن.

أثبتت العديد من الدراسات أن نظام المناقصات يعد هو العامل الرئيس لتأخر تنفيذ المشاريع، حيث إن المشروع المطروح يمر بعدة مراحل، وفي حال وجود خطأ في المخططات، يتم تعديله بطريقة بيروقراطية جدا، تستهلك الكثير من الوقت والجهد.

بالإضافة إلى ما سبق ذكره، سوق البناء والتشييد يعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة، وفي الغالب تكون عمالة غير مدربة تحتاج إلى إشراف ومراقبة بشكل دائم لتفادي الأخطاء الإنشائية.

وأخيرا، الأسباب الثقافية والاجتماعية ومعرفة المستفيد احتياجه الحقيقي للمسكن الذي يود امتلاكه، وسوف أركز على توضيح هذه النقطة، وهنا نستطيع القول بأن هناك مشكلة فكر.

العديد من الأفراد يود امتلاك منزل دون دراسة جدوى للاحتياج الفعلي للفراغات، كالرغبة في امتلاك مسكن كبير على سبيل المثال، علما بأنه قد لا يستعمل إلا 60% أو أقل من الفراغات بمنزل الأحلام المزعوم.

عند الرغبة في تصميم منزل يجب الأخذ بالحسبان عدد أفراد الأسرة، الفراغات الرئيسية التي سيتم استخدامها بشكل دائم على مدار العام، مما يعطي المصمم معرفة لما قد يحتاجه المستفيد من الخدمة لتصميم منزله، ومراعاة أن يلبي التصميم المعماري الاحتياج الفعلي لجميع الأفراد المستخدمين للمنزل، بحيث لا يتم تصميم مساحات كبيرة لقسم الضيوف، ثم تترك مهجورة معظم الوقت، لأن الملاحظ في الآونة الأخيرة أن ثقافة المناسبات قد اختلفت عن السابق، وبالتالي تصميم منزل صغير يلبي الاحتياج، وتكون تكلفة بنائه أقل، ويكون من السهل صيانته وتطبيق تقنيات بناء حديثة توفر الراحة لقاطني المنزل، وتراعي الجوانب البيئية والمناخية بما في ذلك ترشيد استهلاك الطاقة.

الملفت أن الوزارة شقت طريقها دون أن تلتفت لأي انتقاد لا يصب في مصلحة المواطن بشكل أو بآخر مما قد يبطئ من تسارعها، وتعاقدت بالشراكة مع القطاع الخاص لتوفير مساكن بأعلى المستويات، وإدخال تقنيات بناء حديثة لتشييد مشاريع الوزارة بطريقة متقنة، تحت إشراف هندسي يضمن سلامة المباني للمستفيدين.

@mhalabbasi