تفاعل

كيف نتمكن من إعادة الحياة بحذر؟

إيمان الزهراني
لا ريب أنه تبادر إلى ذهنك أني سأهل عليك بتوصيات الوقاية ورفع الوعي وأهمية العزلة الاجتماعية لنتكيف مع طويل العمر كورونا، لكن دعني آخذ بيدك إلى وجهة أخرى، إلى رحلة نحو الأمور التي استوعبناها أكثر خلال الـ 90 يوما الماضية.

كلنا تأثرنا خلال الأزمة بالتغييرات المفاجأة وضخ الدولة لما مبالغ ضخمة لتغطية تكاليف الجائحة، التوعية الصحية المبادرات من المؤسسات العامة والخاصة، إيقاف شبه كامل للمنشآت والتعليم أصبح عن بعد!

ماذا اكتشفنا لاحقا في الحياة؟ كيف سنوجهها بعد هذه الأزمة؟

عندما اضطررنا لإعادة نظرتنا حول الحال القادم والتكاتف المجتمعي والتثقيف أكثر عن واجباتنا وأهمية المسؤولية الفردية قادنا الاستكشاف إلى تحول جديد، أجزم أنه سيعيد تشكيل نظرتا بالتعامل مع مستقبلنا، فالسعودية والعالم كله تغير وكذلك نحن.

مكوثنا في المنازل والالتزام الاجتماعي علمانا أن الأقربين أولى بالوصال، ونستطيع الاكتفاء من المجابهات الاجتماعية وعُرف المجتمع بالتواصل، غرس في أذهاننا أيضا أهمية الانترنت، فالتجارة والتعليم والعمل والخدمات اللوجستية والصحة وغيرها كثير قُدمت عن بعد.

لا شك أننا في النهاية سنعود لحياتنا العامة، ولكن سيتغير الكثير، ابتداء من أنفسنا التي اكتشفناها أكثر وتعلمنا برفقتها كم سنكون محفزين ومدركين بتعدد مواهبنا وشغفنا الحقيقي، ومشاركة عائلاتنا التي أعادت هيكلة التقدير، وانتهاء بتعمقنا في علاقاتنا معها أكثر.

بالإضافة إلى نشوء الترشيد الاستهلاكي تدريجيا، فلم تعد المطاعم والأكل بالخارج أولوية تلزمنا كل حين، ولا نحتاج التجديد الدائم للاحتياجات الوهمية حتى تتوافق مع متطلبات العصر، وقادنا الإيمان وببساطة إلى أن ديننا الإسلامي بعناية ربانية يحمينا بقيمه في أعظم الأزمات عندما نتبع العبادات، كالعناية بالنفس والنظافة الشخصية.

كل ذلك لم يكن بمحض الصدفة، بل من تكاتف مجتمع راق وواع بثقافة المسؤولية الاجتماعية، مما يجعلني أشير إلى أنه مع تلك الآثار الاقتصادية الجارحة سنحتاج أن نثبت على مفهومنا الجديد، فحاجتنا الآن لتشكيل مجتمع منتج وقادر على التكيف بمرونة مع الأزمات وتقليص الاستهلاك أمر ضروري. والتحفيز لتطوير مهاراتنا وأعمالنا الحرة سيخلق قيمة وفرصا رائعة لبناء الوطن دون الاعتماد بنسبة كبيرة على مصادر أخرى كالنفط، والوعي بثقافة التبسيط والبعد عن المزايدات الاجتماعية وطرق التحايا المبالغ فيها قضية يجب أن تُدرس، وتوجهنا نحو تصعيد ثقافة العمل عن بعد في كل المجالات الحكومية والتجارية والصحية وغيرها أصبح أمرا لا مفر منه، لأنه بكل وضوح نحن مقبلون على توجه جديد في الحياة عن بعد، ومن واجبنا أن نعيد تعريفها بحذر.