تفاعل

الأدب العربي صورتنا المشرقة بالفكر الغربي

زينب الغامدي
تماشيا مع وصف رؤية المملكة 2030 للثقافة بأنها «من مقومات جودة الحياة»، وبعد تدشين مبادرة المسرح الوطني التابع لوزارة الثقافة، أعلنت جامعة الملك عبدالعزيز قبل أيام عن مبادرة فريدة من نوعها على مستوى المملكة، بإطلاق برنامج ماجستير الآداب في الأدب المسرحي بقسم اللغة العربية، والذي ‏يسعى إلى ترسيخ الهوية المسرحية الوطنية، والارتقاء بمستوى الفكر المسرحي، والتدريب على مهارات وأسس بحث قضايا ‫المسرح‬ بالطرق العلمية. ‬

في الواقع لم يعد هناك معارضة جدية حول أهمية الأدب في حياة الإنسان نظرا لقدرته على نقل حضارات وثقافات الأمم عبر التاريخ متجاوزا الحواجز الجغرافية. وقد عزز هذا المفهوم ازدهار الأدب العربي شعرا ونثرا متضمنا القصة والرواية والمسرح، مما أدى إلى تأثر عدد من الأدباء الأوروبيين بالثقافة العربية في أعمالهم الأدبية.

فعلى سبيل المثال وبعد قراءتي لمعظم أعمال الروائي البرازيلي باولو كويلو، يظهر للعيان مدى تأثره بحضارة العرب والدين الإسلامي، خاصة في روايته الخيميائي، وقد كشف عن ذلك في مقدمة أعماله الصادرة بالعربية قائلا «كانت الثقافة العربية إلى جانبي خلال معظم أيام حياتي، تبين لي أمورا لم يستطع العالم الذي أعيش فيه أن يفقه معناها»، وبموضع آخر يوضح كويلو أن قراءاته للأدب العربي وبعض النصوص الدينية قد ساهمت في اكتشافه للحضارة العربية الإسلامية التي ألهمته في معظم أعماله على حد قوله. ومن هنا نجد أن هذا الازدهار الأدبي مكّن العرب من تغيير صورتهم النمطية في الفكر الغربي وإظهار حضارتهم الإسلامية وثقافتهم العربية الأصيلة.

وتمتد أهمية الأدب إلى إحياء اللغة العربية والإبقاء على مفرداتها في زخم اللهجات المختلفة الممزوجة بكلمات دخيلة من لغات أخرى، والتي قد توالدت وتكاثرت في وقتنا الحاضر، مما قد يفقد اللغة رونقها وأصالتها.

ومما لا شك فيه أن الولوج إلى عالم الأدب يحفز المرء على التجديف في بحر اللغة، منتقيا أجمل المفردات للتعبير عن تلك الأفكار القابعة في مخيلته، وبذلك يسمو بلغته بعيدا عن البدائية، ويبهرنا بحسن حديثه نقدا وتحليلا متنحيا عن السطحية، وذلك نتيجة للثراء اللغوي والفكري اللامتناهي الذي استمده من الأدب.

وقد تواترت الأقوال بأنه لا نتاج للإنسانية ولا رقي لمجتمع دون مصاحبة الأدب، حيث سيعاني أفراد ذلك المجتمع من علة لغوية قد تقودهم إلى صعوبة التواصل مع الشعوب الأخرى. فلا يمكننا أن نحيد النظر عن أن فصاحة الأمة وبلاغتها تتزايدان بنهضة أدبها وازدهاره.

وفي ظل هذا الاتجاه الأدبي والثقافي المستمر في النمو في وطننا العربي يمكننا التنبؤ بنشأة جيل طليق اللسان ويحسن البيان لإحياء ثقافتنا الأصيلة والإبقاء على لغتنا العربية وتقديم صورة مشرقة لحضارتنا الإسلامية.