الرأي

أين تقرير الحالة الإعلامية؟!

شاكر أبوطالب
رغم صدوره في توقيت متأخر منتصف العام الحالي، ومع وجود بعض الملاحظات على صعيد البناء والمحتوى، ولكن يحسب لوزارة الثقافة المبادرة وإصدار تقرير الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية، فحسب علمي ومنذ أن أصبحت الثقافة مشاركة للإعلام في الوزارة، يعتبر هذا التقرير السنوي الأول من نوعه الذي يصف المشهد الثقافي بكل مكوناته، ويحدد رؤية الوزارة واستراتيجيتها ومستهدفات هيئاتها وأبرز مبادراتها ومشاريعها، ويتم نشره في وسائل الإعلام لإطلاع الرأي العام وإتاحة الفرصة للمهتم وغيره للحصول على تصور شامل عن سير العمل الثقافي وأداء الوزارة ومنظومتها الثقافية.

ورغم يقيني بأنه لا يوجد تقرير مماثل عن الحالة الإعلامية في المملكة تم نشره للرأي العام أو في وسائل الإعلام، إلا أنني قضيت وقتا في البحث عنه في المواقع الالكترونية لوزارة الإعلام وهيئاتها والمنظومة التابعة لها، فلم أجد أي تقرير مشابه سواء كان حديثا أو قديما.

أعلم أن هناك تقارير دورية عامة ومحددة القياسات تصدرها الهيئة العامة للإحصاء، ولكنها ليست المقصودة هنا، فما أقصده هو التقارير السنوية المفصلة التي تصدرها الوزارات والهيئات الحكومية، ومنها وزارة الإعلام وهيئاتها، وتقدم إلى عدد من الجهات التشريعية والتنظيمية والرقابية، ومن ذلك مجلس الشورى، ولكن هذه التقارير غير متاحة للرأي العام، ولا تنشر في وسائل الإعلام.

والأمر ينطبق على الحالة التعليمية والحالة الصحية وغيرهما من المجالات التي تتطلب إصدار تقارير سنوية عنها متاحة للرأي العام والنشر في وسائل الإعلام. فالفوائد التي تعود من هذه التقارير كثيرة، أبرزها تعزيز الشفافية حول الأداء، ومنح الرأي العام فرصة مناقشة ذلك في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، عملا بمبدأ تطوير وتحسين الأداء والخدمات والمنتجات.

وقبل ذلك كله، يتيح نشر التقارير السنوية التفصيلية فرصا عديدة لبناء السمعة وتعزيز الصورة الإيجابية عن الوزارة أو الهيئة، فالسمعة الطيبة مكتسب قيّم يصعب تعويضه متى لحقها أي ضرر، والصورة الإيجابية عنصر مهم جدا في بناء هوية المنظمة، وإيجادها يتطلب رسم استراتيجيات متنوعة المدى واعتماد مبالغ مالية ضخمة، من أجل المحافظة على الثقة وعدم اهتزازها في الأزمات.

ويظن كثير من القيادات التنفيذية أن التقارير السنوية عن أداء الوزارة أو الهيئة عمل غير مهم، وأن الأعمال والمشاريع تتحدث عن نفسها، وبعضهم يرى أن هذه التقارير تقدم فقط لمجلس الوزراء أو مجلس الشورى. وفئة ليست بالقليلة تؤمن بأن نشر هذه التقارير يفتح النيران على الوزارة أو الهيئة والهجوم عليها في وسائل الإعلام والتواصل. هذه الظنون وغيرها صادرة في الأصل عن سوء فهم للإعلام والاتصال، ولأهمية التقارير كأداة اتصال، وبالتالي يتأسس بناء على ذلك مزيج من الخوف والشك في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وهذه معضلة يجب معالجتها في أسرع وقت ممكن.

غاية المقصد أنه من المهم جدا إلزام جميع الوزارات والهيئات الحكومية بإصدار تقارير سنوية مفصلة ومتاحة للرأي العام، تسلط الضوء على أداء الوزارة أو الهيئة، وخططها في تطوير خدماتها ومنتجاتها، ودورها في تحقيق تطلعات القيادة وطموحات المواطن، وإسهاماتها في مجالات التنمية المستدامة وتطوير القدرات البشرية وخدمة المجتمع وتحفيز الابتكار وحماية البيئة، وغيرها من المجالات ذات الدور المحوري في تحقيق رؤية ‪2030‬، خريطة الطريق إلى مستقبل حيوي ومزدهر.

shakerabutaleb@