الرأي

نعم للمرأة القاضية

عبدالله العلمي
أناقش في هذا المقال رفض مجلس الشورى الأسبوع الماضي تولي المرأة القضاء في السعودية، وعلاقة ذلك بالمبادئ السامية للقرآن والسنة، ونظام القضاء السعودي، ورؤية 2030.

أعمال القضاء في المملكة تُستقى من القرآن والسنة النبوية. ليس هناك نص في القرآن الكريم، أو في صحيح السنة، أو بإجماع علماء الشريعة، بتحريم تولي النساء القضاء. التشبث بالأحاديث الآحادية المعترضة على حقوق المرأة لا ينسجم مع توجه الدولة حفظها الله بتحقيق العدالة الاجتماعية.

نظام القضاء السعودي لم يشترط الذكورة في تولي القضاء، إضافة لذلك، الدولة رعاها الله تقدر في أنظمتها الرجال والنساء بما يتمتعون (يتمتعن) به من علم ومواهب وكفاءة وقدرات. عدم تأييد 57 عضوا في الشورى ‏توصية تولي المرأة القضاء ربما سوء تفسير للمادة 46 من النظام الأساسي للحكم حول استقلالية القضاء. على الرغم من أن عمل الشورى قانوني، إلا أن غالبية الأعضاء يفتقرون للمعرفة القانونية.

رؤية المملكة 2030م نصت على ضرورة تمكين المرأة لتؤدي دورها بخبراتها واستثمار طاقاتها. عدم تطبيق هذه المبادئ يتعارض مع السياسة العامة للدولة. هذه فرصة لوزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء لتطبيق الرؤية وتمكين الكفاءات النسائية الحاصلة على التأهيل الشرعي والقانوني.

من المستغرب أن يُسقط الشورى توصية تولي المرأة القضاء، رغم أنها تنسجم مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت وصادقت عليها المملكة العربية السعودية. هذا الإسقاط يتناقض مع تفوق المرأة السعودية وفق الأدلة والإثباتات الدولية.

أتقنت المرأة السعودية مهنة «التوثيق» وكتابة العدل والعمل في محاكم التمييز والأحوال الشخصية، والمحاكم الإدارية، وأدائها في اللجان القضائية. حصلت المرأة السعودية على أول رخصة مزاولة مهنة المحاماة في عام 2013، كما حصلت السعودية حصة مشاري العبدالكريم مؤخرا على رخصة التحكيم للفصل في القضايا التجارية.

عمل المرأة العربية والمسلمة في المجال القضائي ليس شأنا حديثا. المرأة تولت القضاء بنجاح في المحاكم العامة في الرُّتَب القضائية في المغرب منذ عام 1961م، وكذلك في تونس والجزائر والسودان ولبنان والأردن والبحرين ومصر والإمارات وموريتانيا والعراق وماليزيا.

يجب أن لا يعتمد البت في القضايا القانونية على اجتهادات شخصية. الآراء المتداولة حول عمل المرأة أقوال اجتهادية تتغير بتغير الأشخاص والأحوال والزمان. لا يوجد مانع من تنوع الآراء، ولكن السواد الأعظم في الأمور القانونية متعارف عليه ولا يحتمل الاختلاف.

الحاجة ماسة اليوم لزيادة عدد القضاة لسببين هامين: النقص في المحاكم، وزيادة عدد القضايا المطروحة. علينا مساندة المرأة القادرة والمتميزة كما ساندنا الرجل لتحمل المسؤولية. الوظائف العدلية ليست حكرا على الرجل، فالمرأة السعودية تعمل في مناصب قيادية حكومية وأهلية هامة.

يعتقد الذين ينادون بتهميش المرأة الذين يعارضون توليها مناصب في القضاء أن المرأة مُعرضة للضعف بسبب طبيعتها العاطفية. هذه معتقدات بالية تتعارض مع آراء أهل العلم، وليس لها أي أساس من الصحة.

نعم يحق للمرأة السعودية أن تصبح قاضية، فهي أثبتت جدارتها بممارسة العمل الحقوقي. عمل المرأة في السلك القضائي لا يتعارض مع الشرع أو القانون.

بكل أسف إسقاط مجلس الشورى المحاولة الثانية لتوصية تولي المرأة القضاء قطيعة وترسيخ للماضي الذي اجتازته المملكة العربية السعودية.

AbdullaAlami1@