الرأي

اللعنة على بعض الأشياء!

سنابل موقوتة

عبدالله المزهر
أظن أننا إن استطعنا البقاء حتى نهاية هذا العام فإننا سنكون محصنين ضد أشياء كثيرة، لعل أهمها أن الناجين من مقصلة هذا العام سيكونون أكثر الكائنات البشرية منذ فجر التاريخ قدرة على التكيف، لن يفاجئهم أي شيء بسهولة.

كل الأشياء الغريبة التي لا تشاهد سوى في أحلام القيلولة وأفلام الخيال العلمي يمكن أن تشاهدها هذا العام في نشرات الأخبار وأنت في كامل اليقظة والانتباه.

وقد قرأت خبرا قبل عدة أيام يقول إن الجيش البولندي غزا جمهورية التشيك عن طريق الخطأ، وهذه المرة الأولى التي أسمع فيها بأخطاء من هذا النوع، يمكن أن تخطئ في عنوان منزلك أو أن تتصل على رقم هاتف بالخطأ أو أن تحب أو تكره الشخص الخطأ، لكن فكرة الغزو سهوا تبدو فكرة حصرية لهذا العام الذي يبدو أطول وأغرب مما ينبغي.

واليوم أقرأ أن الهند أعلنت عن مقتل بعض جنودها إثر اشتباك مع القوات الصينية على الحدود بين البلدين، ولا أعلم هل هو اشتباك له ما يبرره أم إنها حرب عن طريق الخطأ، وهذه ليست أخبارا مقلقة في حد ذاتها، لكنها مخيفة في تصور ما يمكن أن يحدث عن طريق الخطأ، لكم أن تتخيلوا ما هي نتائج الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها الزعيم الملهم القائد «كيم جونغ أون»، الذي تخيف حتى أفعاله التي يرتكبها عامدا. مجرد تخيل الأمر مخيف ومرعب أكثر من وقوع الخطأ نفسه. ربما لأنه حين يرتكب الخطأ لن يكون هناك متسع حتى للخوف.

في هذا العام الغريب أعلن وزير الصحة الحوثي أن العلماء والخبراء في مختبرات صعدة في طريقهم لإيجاد لقاح ودواء لفيروس كورونا، وهذا أمر قاله كثيرون غيره، منهم من يحاول فعلا ومنهم من يكذب حتى يكون في الصورة، لكنه حين يصدر من متخصص وخبير في قصف المستشفيات وتصفية المرضى على أسرّتهم فإن الأمر يبدو لائقا بهذا العام، ولا أعلم ما الذي أغضبه من تفشي هذا الوباء حتى يعلن أن المختبرات غير الموجودة والأطباء المهاجرين سيصنعون دواء للعالم، ولكن إن كان ما يخيفه هو أن يكون الوباء أشد فتكا باليمنيين منه فإني أحب أن أطمئن طبيب الكهوف ووزير صحته بأن هذا لن يحدث، وسيبقون الأكثر إجراما في حق اليمنيين ولن ينافسهم في ذلك منافس من البشر أو من الفيروسات.

وحسب فهمي لعقلية الخبراء الحوثيين فإن المتوقع أن يكون الدواء المنتظر هو التوصية بإضافة «اللعنة على كورونا» إلى الصرخة الحوثية التي تلعن أمريكا واليهود.

وعلى أي حال ..

اقترب نصف العام من المضي، ولا نعلم هل ما مضى هو النصف الممتلئ من كوب هذا العام أم إن الكوب نفسه لم يأت بعد، ولكننا سنكافح من أجل البقاء، ونتفاءل ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ونبتسم ما دمنا قادرين على ذلك، والموت لكورونا، الموت للفيروسات التاجية، واللعنة على الفيروسات الآدمية.

agrni@